.. بـــسم الله الرح ــمن الرحيــم ..

... الصــلاة و السلامُ عـلى أشرف الخلـق و المُرسلين ...

... سيدنا محمد و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين...

.... و السلامُ عليــكُم يا أحبة المنتدى و مُشـــرفيِه ....



التوحيد

الله عز وجل متفرد بالوحدانية، وله صفات الجلال والعظمة المطلقة،فهو سبحانه خلق الخلق فأبدعه، وله وحده القدرة والقوة على تصريف أقدار عباده من ملائكة و إنس وجن وأنعام وجمادات، وهو وحده المستحق للعبادة لا شريك له .

كل الكون يسبح بحمده، ويشهد له بالوحدانية، إلا كفار الإنس والجن، شذوا عن منظومة التوحيد العظيمة .

لا شك أننا فرحنا جميعاً بثورة الشعوب المسلمة على الظلم والعدوان، فأخذوا بأسباب التغيير السلمية، وغير الله وحده ما بهم من ذل، ولكننا حتى الآن لم نر من يثور من أجل من أسقط الظلم، ومن أجل من نصر العباد .

الله وحده أسقط الأنظمة البائدة الظالمة، ومن شكر نعمه على عباده أن يثور العباد على كل شرك وكفر وأن يجددوا للأمة عقيدتها، وأن يصالحوا جبار السماوات والأرض وأن يشكروا نعمة النصر بعبادة الدعوة إلى من نصرهم وقواهم وحده دون شريك له ولا ند .

إن مظاهر الشرك ومعاداة الشرع تضرب في أطناب الأمة الإسلامية سواء في النسك أو الحكم أو الإتباع، فالله خلق الخلق ورزقهم ونصرهم ثم كثير منهم يصرف العبادة لغيره فيصلي لضريح ويشكر لميت ويستغيث بولي من الأولياء .

الله عز وجل خلق الخلق فأبدعه ورزق عباده وأمدهم بالعافية، وأنزل لهم كتابه الخاتم ليكون حكماً بينهم، وجعله سبحانه سبباً لسعادتهم الدنيوية والأخروية فبتحكيمه ينتشر العدل والأمن والأمان والرخاء الاقتصادي والعفة والطهارة والأخلاق : "مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ "[الأنعام : 38].

وبالرغم من ذلك ارتضى الخلق بتحكيم غير الله، ولما نصرهم وأمدهم بالعافيه يريدونها دولة لا تحكم بشريعة الرحمن .

أرسل الله عز وجل رسوله بالهدى ودين الحق، وجعل في اتباعه الخير كل الخير، فجرب الناس كل مناهج الأرض وحادوا عن منهج محمد صلى الله عليه وسلم، فتارة شيوعية وتارة علمانية وتارة ديمقراطية، فلماذا لا نجعلها محمدية .

من هنا كان لزاماً أن أبين أن من أسقط النظم الظالمة هو الله وحده، ولابد من ثورة حقيقية قائمة على الدعوة إلى توحيد الله بالحكمة والموعظة الحسنة، هذه الثورة مطالب بها كل مسلم، ليس الدعاة والعلماء فقط فهي الأمانة العظيمة التي ارتضاها الإنسان وعليه أن يتحمل تعلمها وأدائها إلى العالم .

{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب : 72]

أي : إنا عرضنا الأمانة -التي ائتمن الله عليها المكلَّفين من امتثال الأوامر واجتناب النواهي- على السموات والأرض والجبال, فأبين أن يحملنها, وخفن أن لا يقمن بأدائها, وحملها الإنسان والتزم بها على ضعفه, إنه كان شديد الظلم والجهل لنفسه.

وأعظم الأوامر هو الأمر بالتوحيد تعلماً و أداء ووأعظم النواهي التي يجب أن يجتنبها الإنسان هي نواقض التوحيد التي يجب على المكلف تعلمها حتى يحذرها ثم يحذر منها غيره .

فهذه دعوة إلى الشعوب المسلمة التي رفعت رأسها في ثورة على الظلم حتى تستقر لها أمور دنياها أن تبدأ في ثورتها الحقيقية لتحقيق التوحيد الذي هو سبيلها إلى الجنة حتى تستقر لها أمور أخراها ودنياها على السواء.

وأخيراً : سلاحنا في ثورة التوحيد :

سلاحنا الوحيد في هذه الثورة العظيمة استخلصناه من قول الله تعالى :

{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل : 125].

فأسلحتنا هي :

العلم

الحكمة والبصيرة

الموعظة الحسنة

الجدال بالتي هي أحسن

التوكل على الله وعدم استعجال الثمرة

الصبر على دعوة الحق
ونسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه، وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم، إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه. أهـ من كلامه رحمه الله .