السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي بالله ...
ما هو مصدر تلقي الدين بالنسبة إليكِ...؟
سؤال مهم لاحظت أن بعض الناس يتتبعون الرخص ويفرحون بمن يفتيهم بما يوافق أهواءهم ..بل بعضهم إذا سمع فتوى توافق هواه ...طار بها فرحاً ومدح المفتي
قائلاً: هذا هو الشيخ العالم ..هذا هو الشيخ الذي يفهم الواقع .. هذا الذي يعيش جراح المسلمين ..يقول هذا عن الفتوى وإن كانت تخالف الكتاب والسنة ..أو فيها تمييع للدين ..أو تساهل بالنصوص الشرعية ...أو تحايل للبحث عن الرخص والأقوال الضعيفة ..فالمهم إنها فتوى .. فتوى ..إن الله I سيسألك يوم القيامة سؤالاً واحداً محدد
Iويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين... I
لن يسألك عن الشيخ فلان ولا فلان ..وإنما عن إتباع الكتاب والسنة ..فقط..أعيد عليك السؤال المهم مرة أخرى:ما هو مصدر تلقي الدين بالنسبة إليك ؟!
هل كل من لبس جبة أو عمامة وظهر في القنوات الفضائية ..وبدأ بـــ الحمد لله ..وختم
بــــ والله أعلم ..يكون مفتي؟!..
هل كل أحد يصلح أن يكون مصدراً لتلقي الدين ؟!..
إن المقياس الذي ينبغي أن تحكم به على الشيخ المفتي
هو أن تكون فتاواه موافقة للكتاب والسنة ..
I ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله .. I
قال الشيخ :ألقيت محاضرة في أحد المساجد ..فجاء إلي احدهم وقال :يا شيخ لماذا تشد في مسألة الاختلاط
والشيخ الدكتور فلان في قناة (...)يقول :إن الاختلاط بين النساء والرجال جائز في الولائم والحفلات إذا حسنت النية ..
وكان النظر بغير شهوة ؟!
وألقيت محاضرة في مكان أخر فجاء الي احدهم ..وقال :
يا شيخ ما حكم الربا ؟
قلت : حرام !!بجميع صوره وأشكاله ..
فقال: إن الشيخ فلان في قناة (..)يقول :إنه ضرورة من ضرورات العصر ..ولا بأس به ..
وجاء الي ثالث مستفتياً عن حكم المعازف والموسيقى ..
ثم قال:قد أفتى الشيخ فلان أنه حلال ...فلا تجعل دينك عرضة لكل من أراد أن ينتقصه أو يفسده عليك ..فإنك ستحاسب وحدك ..وتسأل وحدك
(ماذا أجبتم المرسلين )
واحذر أن تكون ممن يتبعون الأئمة المضلين ..
وقد قال e)) إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين ))
وخلاصة القول ..إن كلام هؤلاء المفتين المتساهلين بالدين لا ينطلي إلا على الأغبياء والجهال ..أما العقلاء فإنهم لا يطيرون خلف كل ناعق ....
واستمع إلى هذين المثالين الطريفين ..
الأول (( غياث بن إبراهيم ..كان يتظاهر بالعلم ..ويزعم أنه يحفظ الأحاديث ويرويها ..وكان له وجاهة ولسان ..فكان الناس يجتمعون حوله فيحدثهم بالأعاجيب وهم يصدقونه ..
رآه رجلاً يوماً على فعل لا يليق .. فقال له , ألا تستحي من الناس ؟! فقال :أين هم الناس؟!!
قال:هؤلاء الذين اجتمعوا لك..
فقال:تعني هؤلاء ؟ هؤلاء ليسوا أناساً ..هؤلاء بقر ..وإذا أردت أن أثبت لك ذلك فتعال معي .. ثم ذهبنا .. فجلس غياث في مجلسه وبدأ يحدث الناس عن الجنة ووصفها ..وهم يستمعون منصتين ..فلما رأى تفاعلهم معه ..اخترع حديثاً من عقله وقال لهم :
قال e :من استطاع منكم أن يلمس أرنبة أنفه بلسانه دخل الجنة !!
فبدأ الناس – فوراً- يخرجون ألسنتهم ويحاولون أرنبة الأنف !!
فالتفت غياث إلى صاحبه وقال له :ألم أقل لك إنهم بقر ...!!
فهو رجل كان يدّعي العلم الغزير ..ويجيب عن كل سؤال يردُ عليه ..ولم يقل يوماً في أي مسألة لا أعلم ..بل كان يؤلف أجوبة من عنده .. ويضع لها أدلة ..ويتظاهر بها أمام الناس ..
فاجتمع بعض العقلاء يوماً وقالوا :هذا الرجل إما إنه أعلم أهل الأرض ,أو انه يستغل جهلنا ..ثم اتفقوا على أن يجروا له امتحاناً
..فألفوا كلمة من ستة حروف ثم جاؤوا إليه وقبلوا رأسه وعظموه ..ثم قالوا :يا شيخ ..مسألة أشكلت علينا وأردنا أن تبين لنا جوابها
فقال :وقعتم على الخبير ..ما هي مسألتكم ؟تختلفون وأنا حيّ!!
فقالوا :ما هو الخنفشار ؟!
فقال:الخنفشار نبات ينبت في جنوب اليمن ..فيه مرارة ..وإذا أكلته الناقة حبس اللبن في ضرعها ..ويستخدمه أهل الإبل إذا أرادوا بيعها ..يغشون بها الناس حتى يظن المشتري أن الناقة تدر لبناً كثيراً ..وهي غير ذلك ..
ثم اتكئ الشيخ وقال:
والخنفشار مشهور عند العرب ..وقد ذكروه في أشعارهم ..وذكره النبي e
في سنته ..
قال الشاعر متغزلاً بمحبوبته :
لقد عقدت محبتكم فؤادي
كما عقد الحليب الخنفشار
ثم تنحنح .وقال:أما الدليل من السنة ..فقد قال e...!!
فتدافعوا إليه ..وتصايحوا وقالوا:كفى ..كفى اتق الله يا كذاب على رسول e
ثم طردوه من بينهم
فلا تجعل دينك عرضة
لكل أحد يوجهه كف شاء ..فالمفتي لابد أن يتوفر فيه شرطان : العلم ,والورع
أما العلم فهو الاستدلال الصحيح بنصوص الكتاب والسنة
والورع هو الخوف من الله تعالى في الفتوى ..
وعدم الاغترار بالمال أو الجاه بل يقول الحق ولا يخاف في الله لومه لائم
وما أقل العلماء الربانيين اليوم ..
المصدر:كتاب هل تبحث عن وظيفة
المؤلف:محمد بن عبد الرحمن العريفي
الروابط المفضلة