الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعد:
فنصيحة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكتابه وللمسلمين هذه كلمات يسيرة كتبناها بيانًا لحال الإباضية؛ فذكرت أولاً الخوارج –حيث أنها أم الإباضية- ثم بينت ضلال هذه الفرقة ثم صحت نسبة الإباضية إليها وبينت عقيدة الإباضية والرد عليها ونصيحة لأهل عُمان وفي كل هذا راعيت الإختصار بقدر المستطاع ..
1- الخوارج
الخوارج هم كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه وسواءً كان من أيام الخلفاء الراشدين أو غيرهم وإن كانوا أئمة جور.
والخوارج يكفرون بالمعصية.
وزعيمهم ذو الخويصرة الذي اتهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه لم يعدل , كما في صحيح البخاري ومسلم عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. فَقَالَ: <وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ>. وكان هذا أول زمن ظهورهم.
وتسميتهم خوارج مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عنهم : <... إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ>. رواه البخاري ومسلمَ.
ومن قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: <يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ> رواه البخاري و مسلم .
## عقيدة الخوارج الزائغة
1-وجوب الخروج على أئمة المسلمين لارتكاب الفسق أو الظلم.
2-إنكار الشفاعة.
3-تكفير بعض الصحابة كأهل التحكيم وأصحاب الجمل.
4-القول بخلق القرآن.
5-نفي رؤية الله تعالى في الآخرة.
6-قالوا بعدم حجية خبر الآحاد.
7-هم في القدر ثلاثة أقسام، مجبرة ونفاة وموافقون لأهل السنة.
8-إنكار وجود الجنة والنار الآن.
9-أكثرهم ينكر عذاب القبر.
10-لا يشترطون الإمامة في قرشي. ...الخ معتقدهم الفاسد ومبنى هذه الأفكار المنحرفة الجهل
وقد ناظر متقدميهم ابن عباس رضي الله عنهما فأتاهم فكان فيما قال لهم:
أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المهاجرين والأنصار ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصهره وعليهم نزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم أحد. رواه النسائي
وكانوا ستة آلاف فرجع منهم ألفان.
فإذا كان هذا من زمن الصحابة وفي زمن العلم والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم آثاره حية وثيابه لم تبلَ وآنيته لم تكسر فكيف بهم في زمن عاد الإسلام فيه غريبًا كما في غربته الأولى؟؟؟!!!
وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: <... فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة>.
وعن أبي أمامة أنه لما رأى قتلى الخوارج قال كلاب النار ثلاثًا ثم بكى قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لخروجهم من الإسلام هؤلاء الذين تفرقوا واتخذوا دينهم شيعًا .
وكذلك الخوارج هم فرق تبلغ عشرين فرقة أكبرها:
1-المحكمة: وهم الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ورأسهم عبد الله بن الكواء وعتاب بن الأعور وعبد الله بن وهب الراسبي وعروة بن جرير وغيرهم.
2-الأزارقة أتباع نافع بن الأزرق خرجوا معه من البصرة إلى الأهواز.
3-النجدات أتباع نجدة بن عامر الحنفي خرج من اليمامة مع عسكره يريد اللحوق بالأزارقة.
4-البيهسية: أتباع أبي بيهس الهيصم بن جابر.
5-العجاردة: أتباع عبد الكريم بن عجرد.
6-الثعالبة: أتباع ثعلبة بن عامر كان مع عبد الكريم بن عجرد ثم انشق عنه.
7-الصفرية الزيادية: أتباع زياد بن الأصفر.
8-الإباضية: أتباع عبد الله بن إباض.
ولست بصدد بيان عقيدة الخوارج والرد عليها ولكني بصدد ذكر نبذة مختصرة عن الإباضية التي هي إحدى فرق الخوارج.
===============================
2 - الإباضية:
# وهم أصحاب عبد الله بن إباض أحد بني مرة بن عبيد من بني تميم رهط الأحنف بن قيس، عاصر عبد الملك بن مروان المتوفى سنة 86هـ.
## وما الدليل أن الإباضية من فرق الخوارج؟؟
### تزعم الإباضية أنها ليست من فرق الخوارج وليسوا خوارج والحقيقة أنهم من فرق الخوارج لأمور أهمها:
أولاً:وافقوا الخوارج في التالي:
1-تعطيل صفات الله تعالى.
2-قول بعضهم بخلق القرآن كما سيأتي إن شاء الله.
3-نفي رؤية الله تعالى في الآخرة.
4-تجويزهم الخروج على الحكام الظلمة.
5-تكفير مرتكب الكبيرة –كفر نعمة أو كفر نفاق-.
6-إنكار الشفاعة لأهل الكبائر.
7-طعنهم في الصحابة كعثمان وعلي وعمرو بن العاص وطلحة والزبير رضي الله عنهم وأصحاب الجمل.
ثانيًا:
إجماع الإباضية قديمًا وحديثًا على إمامتهم في عبدالله بن إباض التميمي وانتسابهم إليه. وهو من أحد رؤوس الخوارج وكان من زعمائهم ويوافقهم (أي الخوارج) في غالب أصولهم المعروفة في زمانهم.
وهو من أقطاب الخوارج في زمنه معاديًا للأئمة ناقمًا على عثمان وعلي رضي الله عنهما وكان مع الخوارج تحت راية واحدة إلا أنه لما أبدى نافع بن الأزرق –حين انفضوا من ابن الزبير- رأى نافع أن جميع المسلمين كفار مثل كفار العرب لا يُقبل منهم إلا الإسلام أو القتل خالفه عبد الله بن إباض فقال إنهم –أعني المسلمين- ليسوا مشركين لكنهم كفار بالنعم، ومن هنا انشقت فرقتان الذين تابعوا نافع بن الأزرق وهم الأزارقة.
والذين تابعوا عبد الله بن إباض وهم الإباضية.
ثالثًا:
إجماع المؤرخين الذين عاصروهم ومن بعدهم أن الإباضية من فرق الخوارج الكبرى.
رابعًا:
أن للإباضية أسماءً أخرى تجمعهم مع سائر الخوارج أو أكثرهم وبعض هذه الأسماء يواليها الإباضية كـ (المحكمة، والشراة، والجماعة المؤمنة، وأهل الحق، وأهل الدعوة).على أن الإباضية تعتبر أعدل فرق الخوارج.
وهذه بعض أقوال أئمة السنة التي تبين أن الإباضية من فرق الخوارج:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في شرح حديث جبريل ص(319): هؤلاء الخوارج لهم أسماء يقال لهم الحرورية لأنهم خرجوا بمكان يقال له حروراء ويقال لهم أهل النهروان لأن عليًا قاتلهم هنالك ومن أصنافهم الإباضية أتباع عبد الله بن إباض.اهـ
وقال العلامة الألباني –رحمه الله- في صفة الصلاة ص(26): وقفت على جزء صغير بعنوان «رسالة في الرفع والضم في الصلاة» تأليف أحمد بن مسعود الشيباني وهو من الإباضية المعروفين بانحرافهم عن السنة ولا أدل على ذلك من هذه الرسالة ...اهـ
وقُدم سؤال للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم (9635):
س _ هل تعتبر الإباضية من الفرق الضالة من فرق الخوارج وهل يَجوز الصلاة خلفهم مع الدليل؟
ج _ فرقة الإباضية من الفرق الضالة لما فيهم من البغي والعدوان والخروج على عثمان بن عفان وعلي رضي الله عنهما ولا تجوز الصلاة خلفهم وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الرئيس : عبدالرزاق عفيفي
نائب رئيس اللجنة : عبدالله الغديان
عضو : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
عضو : عبدالله بن قعود
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. (2/369).
فهم مما لا شك فيه من فرق الخوارج أخف فرق الخوارج ضررًا.
وبعد أن عرضنا بعض ما وافقت فيه الإباضية الخوارج وأنهم فرق من كُبرى فرق الخوارج، نعرض عقيدة الإباضية على كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على فهم السلف الصالح (وهذا هو اعتقاد أهل السنة والجماعة).
#### عقيدة الإباضية:
1 - صفات الله تعالى:
تقول الإباضية في صفات الله تعالى هي عين ذاته وأن الاسم والصفة بمعنى واحد.
وهذ القول باطل فالله سبحانه وصف نفسه بصفات وسمى نفسه بأسماء قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: <إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ>.
وقال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} فقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ليس هو معنى قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: <ينزل ربنا في الثلث الأخير من الليل> حديث أبي هريرة متفق عليه، فيدا الله غير نزول الله وكذا هما غير قوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
قال شيخ الإسلام في التدمرية: والله أخبر أنه عليم قدير سميع بصير غفور رحيم إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته فنحن نفهم معنى ذلك ونميز بين العلم والقدرة وبين الرحمة والسمع والبصر ونعلم أن الأسماء كلها اتفقت في دلالتها على ذات الله مع تنوع معانيها فهي متفقة متواطئة من حيث الذات متباينة من جهة الصفات.اهـ
قال الخميس في التوضيحات الأثرية على الرسالة التدمرية ص(196): فمذهب أهل السنة والجماعة التفصيل فيقولون: هي مترادفة أو متفقة أو متواطئة في دلالتها على الذات متباينة من جهة دلالتها على الصفات ومذهب المعتزلة أنها مترادفة مطلقًا فهي لا تتنوع معانيها بناء على نفيهم للصفات.اهـ
فمذهب أهل السنة والجماعة في باب صفات الله تعالى إثبات ما أثبته الله لنفسه أو ثبت أنه أثبته رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من غير تمثيل ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تأويل إلا لدليل.
فالإباضية إنما وافقوا المعتزلة وخالفوا الكتاب والسنة.
2 -رؤية الله تعالى في الآخرة:
الأدلة من الكتاب والسنة على رؤية الله تعالى كثيرة جدًا فمنها:
قال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} وقال تعالى: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}استدل بهذه الآية غير واحد من أئمة السلف على الرؤية لأهل الجنة.
وروى البخاري ومسلم عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البجلي قَالَ: كُنَّا جلوسًا مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً أربع عشرة فَقَالَ: <إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ>. قال وكيع من طعن في حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير فهو جهمي. ويريد حديث الرؤية هذا.
وعَنْ أَبِي موسى عَنْ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قَالَ: <جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلا رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ> رواه البخاري ومسلم
وقد أجمع السلف الصالح أن الله تعالى يرى في الآخرة كما دل عليه الكتاب والسنة وليس المرئي كالمرئي لكن الرؤية كالرؤية.
والإباضية ينفون رؤية الله تعالى في الآخرة كما ذكره صاحب كتاب الخوارج تاريخهم وآراؤهم الإعتقادية ص(276-277)، نقلاً عن صاحب وفاء الضمانة الإباضي ومسند الربيع بن حبيب الذي يعتبر عمدتهم وهو مسند ليس له أصل.
والواقع أن نفي الرؤية هو طريق الجهمية والمعتزلة والخوارج والرافضة وليس في الكتاب والسنة وفهم السلف إلا إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة على ما يليق به جل وعز.
يتبع إن شاء الله ...
الروابط المفضلة