كان النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الأيام حزينا لموت خديجة رضي الله عنها
كانت أحب الناس إلى قلبه صلى الله عليه وسلم ولكن الصحابة كانوا يرجون ان يرزقه من يخفف عنه الامه واحزانه
دعونا نتعرف عليها من حديث عائشة رضي الله عنها
عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما توفيت خديجة قالت خولة بنت حكيم بن الأوقص امرأة عثمان بن مظعون وذلك بمكة يا رسول الله ألا تزوج ؟ قال " من " قالت إن شئت بكرا وإن شءت ثيباً قال " فمن البكر "
قالت ابته أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر
قال " فمن الثيب" قالت سودة بنت زمعة امنت بك واتبعتك على ما انت عليه
قال " فاذهبي فاذكريهما علي "
قالت فذهبت إلى سودة وأبيها زمعة فقلت ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة
فقالت سودة في دهشة وما ذاك يا خولة ؟ قلت أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ أخطبك عليه
غمر سودة سرور عميق واستشعرت دموع الفرح تبلل وجهها ورحها وتذكرت ما رات في نومها منذ فترة وها هي رؤياها قد جعلها ربها حقاًًًًًًً فإنه شرف عظيم لا يدانيه شرف أن تصبح أم المؤمنين
توجهت إلى خولة وقالت لها والبشر يملأ وجهها وددت ولكن ادخلي على أبي فاذكري له ذلك
قالت خولة : فدخلت على أبي سودة وحييته بتحية أهل الجاهلية وقلت أنعم صباحاً فقال : من أنت يا هذه ؟ فقلت خولة ابة حكيم بن أمية السلمي زوج عثمان بن مظعون الجمحي قالت خولة فرحب بي والد سودة وقال ما شاء الله أن يقول فقد كان على علم بأني خرجت عن ءالهة قومي وءامنت وهاجرت إلى الحبشة ثم عدت إلى مكة وسألني عن حاجتي وقال ما شأنك ؟
فقلت إن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر ابنتك سودة أوالأسود قال : إن محمد كفء كريم ولكن ما تقول صاحبتك سودة قلت هي تحب ذلك قال إذن ادعيها إلي
فذهب ودعوتها فقال لـ سودة أي بنية إن خولة ابنة حكيم تزعم أن محمد ابن عبد الله قد أرسل يخطبك
وهو كفء كريم أتحبين أن أزوجك منه ؟
فقالت سودة في صوت يفصح عن رغبتها نعم إن أحببت
فالتفت زمعة إلى خولة وقال لها قولي لمحمد قليأتينا قالت خولة فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعقد عليها وملكها فزوجه إياها بعد أن أصدقها أربعمائة درهم ..
رواه الطبرني ورجاله ثقات
إنها سودة بنت زمعة رضي الله عنها
مكتثت رضي الله عنها 3 سنوات حتى تزوج عائشة رضي الله عنها ؛
كانت تبذل كل ما بوسعها لـ تملأ الفراغ الذي تركته خديجة رضي الله عنها فملأت البيت سعادة وسروراً ؛
وكانت تحاول أن تخفف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يلقاه من اضطهاد
عاشت مع زوجها وهي تقتبس من هديه وأخلاقه وعلمه وحلمه حتى أصبحت السعادة لا تفارق قلبها لحظة
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ولله الفضل العظيم ...
وهناك مواقف وضاءة في حياتها تدل على حنكتها وراجاحة عقلها وكيف تدير أمورها
فعندما قدمت رقية إبنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجها عثمان بن عفان من هجرتهم من الحبشة
ووقعت عينا رقية على الدار الغالية دار أمها الطاهرة خديجة رضي الله عنها تلك الدار التي شهدت فيها أجمل أيام عمرها
فهي دار الوحي والإيمان ودار الصدق والوفاء فانبجست في جوفها مشاعر متباينة كانت مزيجا من اللهفة والرهبة والفرح والحزن والقلق والهدوء ...
وعندما دخلت البيت وانتشر خبر مقدم أختهم أسرعن الأخوات وتعانقن وسالت العبرات
واستيقظت الذكريات وأحس الجميع بغياب الأم الحنون فانفجرن باكيات
فجاءت سودة بنت زمعة ورحبت برقية وعثمان وفي لمح البصر هبت ذكريات سودة
عن هجرتها إلى الحبشة مع المهاجرين وأخذت تسالها عمن تركنا خلفهم وكيف كن يقضين وقتهم .
سودة بنت زمعة رضي الله عنها
كانت ممن يتسابقن إلى فعل الخير والطاعة
فهذه خصلة مباركة متأصلة في قلوب الصحابة والصحابيات جميعا
فعندما خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحج كانت تتسابق إلى كل طاعة لله عز وجل
فعن عائشة رضي الله عنها قالت نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تدفع قبل حطمة الناس وكانت امرأة بطيئة فأذن لها فدفعت قبل حطمة الناس وأقمنا حتى أصبحنا نحن ثم دفعنا بدفعه فلأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة أحب إلي من مفروح به " متفق عليه
وظلت سودة رضي الله عنها تتعايش مع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقلبها وجوارحها فكانت السعادة ترفرف على سمائها والسكينة تتنزل على قلبها
ولكن جاء اليوم دخل الحزن قلبها وسكن فيه فلقد مات زوجها وحبيبها صلى الله عليه وسلم
فحزنت لموته حزنا كاد يمزق قلبها ولكنها احتسبته عند الله لتنال الثواب والأجر من الله عز وجل
توفيت رضي الله عنها في آخر خلافة عمر رضي الله عنه
نامت أمنا سودة على فراش الموت وفاضت روحها الطاهرة إلى بارئها
إن سيرتها ستبقى على مر الدهور فهي القدوة لنا ولأخواتنا وبناتنا
الروابط المفضلة