باب قوله اللهم اغفر لي إن شئت
في الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(لايقل أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت , اللهم ارحمني إن شئت , ليعزم المسألة ,
فإن الله لامُكره له )
ولمُسلم: (وليُعظم الرغبة , فإن الله لايتعاظمه شيء أعطاه)
*حقيقة التوحيد أن يُوحد العبد ربه تمام الذل والخضوع والمحبة وأن يتضرع
إلى الله ويتذلل إليه بإظهار فقره التام إليه وأن الله هو الغني عما سواه.
* قول : (اللهم اغفر لي إن شئت)
يُفهم منه أنه مُستغنِ عن أن يُغفر لهُ فهذا القول فيد عدم تحقيق للتوحيد ومنافاة لما يجب على العبد في جناب الربوبية لله
من أن يظهر فاقته وحاجته لربه وأنه لاغنى به عن مغفرة الله وعن عفوه ونعمه طرفة عين
وكأنه يقول:لستُ محتاجاً إن شئت فاغفر لي وإن لم تشأ فلستُ بمحتاج وهذا فعل أهل التكبر وأهل الإعراض عن الله ولهذا حُرُم اللفظ .
*قوله: (ليعزم المسألة)
يعني ليسأل سؤال عازم جاد مُحتاج , سؤال مُتذلل فقير لاسؤال مُستغنِ مُتكبر وليسأل سؤال جاد
عازم متذلل فقير فيجب عليه أن يعظم هذه المسألة ويعظم الرغبة وأن يعزم المسألة.
* قولُهُ: (فإن الله لامُكره له)
أي لاأحد يكرهه لتمام غناه وعزته وجبروته وهذا من آثار الأسماء والصفات.
*لايجوز في الدعاء أن يواجه العبد ربه بقول: (اللهم اغفر لي إن شئت )
قال بعض أهل العلم:
إن هذا يتقيد بالدعاء الذي فيه خطاب أما الدعاء الذي ليس فيه خطاب فيكون التعليق بالمشيئة
ليس تعليقاً لأجل عدم الحاجة أو منبئاً عن عدم الحاجة بل هو للتبرك كمن يقول:
رحمه الله إن شاء الله
فهذا القول لايدخل في هذا النوع لأنه ليس على وجه الخطاب وليس على وجه الإستغناء
ولكن !
الأدب يقتضي أن لايستعمل هذه العبارة مُطلقاً.
*قول: (اللهم اغفر لي إن شئت) أعظم من القول الآخروهو:رحمه الله إن شاء الله
ولكن داخل أيضا القول الآخر في علة النهي ومعنى النهي ولهذا لايسوغ استعماله.
*قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن عاده وقد أصابته الحمى كما رواه البخاري ومسلم
وغيرهما: (طهور إن شاء الله ) قال: بل هي حمى تفور...إلخ
هذا ليس فيه دعاء وإنما هو من جهة الخبر فيفترق هنا عن أصل المسألة
وقال طائفة من أهل العلم من شراح البخاري
وقد يكون (طهور إن شاء الله) بركة فيكون من جهة التبرك
كقول الله جل علاه عن قول يُوسف:
(ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) وهم قد دخلوا مصر
وكقوله: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ)
تم بحمدلله وتوفيقه
وماتوفيقي إلا بالله
الروابط المفضلة