الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ..
الدعوة إلى الله تعالى مذهب سيد البشر
الدعوة إلى الله تعالى مذهب سيد البشر وإمام المؤمنين .. الرسول الحبيب .. صلى الله عليه وسلم
قال تعالى (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا)
فيا من تدَّعي حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
هذا هو حبيبك وإمامك (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)
الطاعة في أمر الله بالدعوة إليه
قال تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وقال سبحانه (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال (وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم)
وقال تعالى (وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين) .. وقال (قل إني أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به ، إليه أدعو وإليه مآب) ..
فالأمر يستدعي الوجوب .. ومن قال بفرض الكفاية .. فأي كفاية والأمة الإسلامية غارقة في كثير من طبقاتها في الجهل وضعف
الاتباع والإنحرافات والبدع .. وكثرة المحتاجين للدعوة
والتعليم من المقبلين ..
هذا فضلا عن الأمم الكافرة والمعادية للإسلام ..
استيقظ الإيمان في قلوب الكثيرين , فكان أن عادوا إلى الله , واستقاموا على دينه , وتحركت الغيرة عندهم من
تجاوز استقامة النفس إلى السعي في الإصلاح والدعوة إلى الله .
وهذا دليل قوة قناعتهم بأهمية الالتزام بشرع الله ,
كما أنه علامة على صدق أخوتهم ونصحهم للأمة بعامة .
ولكن كعادة كل مستجد في ميدان لا يدركه ,
وكل مبتدى في فن لا يحسنه تجد هؤلاء الجدد في ميدان الدعوة
يحسنون تارة ويخطئون أخرى , وذلك لضعف علمهم وقلة خبرتهم , لذا كان لزاما
قوله تعالى ( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يوسف108
وقوله تعالى ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل 125
لا ننسي هذه الوصايا الرائعة
) صاحب الإخلاص في دعوتك :
فالواجب على الداعية الجديد فضلا عن غيره أن يستشعر دوما أن الدعوة إلى الله عبادة يتقرب بها إليه ,
وكل عبادة لا تقبل إلا إذا أخلص صاحبها فيها كما قال الله في الحديث القدسي :" أنا أغنى الشركاء عن الشرك
من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " رواه مسلم .
ومما ينافي إخلاص الداعية أو يعكر عليه صدق نيته :
1- أن يبتغي بدعوته طمعا دنيويا أو رفعة وجاها ً.
2- أن يبتغي بدعوته طلب محمدة الناس ولفت أنظارهم إليه .
3- أن يطلب من وراء بذله الدعوي الرئاسة وتكثير الأتباع بين يديه .
4- أن يبتغي بدعوته إثبات وجوده ومنافسة أقرانه .
والداعية الجديد قد لا يقصد هذه الأمور ,
لكنه يصاب بها في مواضع ويهمل إصلاح قلبه فيصل إليها ويتدهور أمره .
وهناك أسباب مداومة الأخلاص
1- أن تحرص على أن يكون تعلمك لدينك الذي ستدعو إليه خالصا لوجه الله , وقد قال صلى الله عليه وسلم :"
من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله يريد به عرضا من الدنيا
لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها من مسيرة كذا وكذا .." رواه الترمذي والحاكم وصححه .
2- استشعار فضل الدعوة إلى الله ,
فبذلك يرتقي همّ الداعية إلى تحصيل ما هو أكبر وأفضل من ثناء الناس المؤقت .
قال صلى الله عليه وسلم :" من دل على خير فله أجر فاعله " .
وقال صلى الله عليه وسلم :" لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمر النعم " .
3- لا يليق بالداعية أن يكون كالشمعة يضيء للآخرين ويحرق نفسه , فإن الناس ينتفعون
بعلم الداعية ونصحه ويقبلون قوله وفعله وهم يخلصون لله
في ذلك كله فيؤجرون ويتقبل الله منهم صالح أعمالهم
وهذا الداعية ينسى الإخلاص ويسعى للمحمدة فيرد عليه عمله ودعوته وتذهب حسناته هذه في مهب الريح .
2) وكن مخلصا لدعوتك :
وهذا يعني بذل النفس والنفيس في سبيلها , وعدم الاكتفاء بالكلام وترديده فإن هذه علامة التناقض وعدم الحرص
, ومن ذلك أن تجد :" أننا نظهر الاهتمام في الأمر ونحن في أعماق نفوسنا معرضون عنه كارهون له ,
ولا يستطيع الأكثرون أن يصلوا إلى إدراك ما هو مستقر في أعماق نفوسنا ولذلك يأتون بالأمور المتناقضة ولا يشعرون " .
ونجاح الداعية لا يكون إلا بإخلاصه لدعوته
, ( فإن العامل الأساسي للنجاح ليس هو كثرة علم الداعية
ولا قوة بيانه وسحره , ولكن هنالك عاملا قبل كل هذه الأمور
: هو الإيمان بالدعوة التي يدعو إليها , والخوف الشديد مما يعتريها والشعور بالأخطاء التي تقع بسبب إهمال الدعوة
عدم إخلاص الداعية لدعوته :
1-
إعطاء الدعوة فضول وقته فحسب .
2- التثاقل عن الأنشطة الدعوية , ولذا تجد الداعية لا يداوم على البذل , بل يعطي تارة ويشح تارة , ويحضر مرة ويتغيب مرات .
3- محاولة الداعية أن يرمي بثقل الواجبات الدعوية على الآخرين وأن يتملص منها قدر الإمكان .
4- التلفيق في إعداد الأنشطة الدعوية , وعدم الاجتهاد في إخراجها بصورة حسنة .
4) دعوتك واجبٌ عليك :
فينبغي على الداعية الجديد أن يعلم أن نشاطه الدعوي ليس نفلاً يتفضلُ به على دينه , بل هو واجب لا تبرأ الذمةُ إلا به
, وحقٌ للمسلمين لا يجوزُ التقصير فيه , قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه
الله :" فعند قلة الدعاة , وعند كثرة المنكرات , وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم ,
تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته " .
وقال في موضع آخر :" ونظرا إلى انتشار
الدعوة إلى المبادئ الهدامة وإلى الإلحاد , وإنكار رب العباد ,
وإنكار الرسالات , وإنكار الآخرة وانتشار الدعوة النصرانية
في الكثير من البلدان , وغير ذلك من الدعوات المضللة
, نظرا إلى هذا فإن الدعوة إلى الله عز وجل اليوم أصبحت فرضا عاما
, وواجبا على جميع العلماء " .
والأدلة على ذلك من نصوص الكتاب والسنة كثيرة , منها :
قوله تعالى ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران104
وفي هذه الآية " حمَّل الله هذه الأمة واجب الدّعوة إلى الخير
, نظرا إلى أن هذا الدين قد أشتمل على الخير الذي تدركه العقول السليمة .. ,
وحمّلها واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
داخل جماعات المسلمين الذين عرفوا أوامر الدين وعرفوا حُسنها
.. وعرفوا نواهي الدين وعرفوا قُبْحَها ..
) لا تنس نفسك من الهُدى :
فإن الداعية في زحمة الهموم الدعوية والمشاغل اليومية
قد يهتم بالآخرين لكنه ينسى نفسه , ويغفل عن تربيتها على الخير والهُدى
, " وهنا تحدث له آفات لا يشعر بها إلا بعد حين ,
ومنها خواء النفس وقسوة القلب وفتور الهمة , بل وانحراف النية أحيانا .."
فعليك يا أيها الداعية أن تستشعر أن مهمتك الأولى
أن تربح نفسك وتنقذها من الضلال .. وقد ندد الله بمن يسترسل في الغفلة فقال \( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ) البقرة44
وهذا ما أوصى به علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال
:" من نصّب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره
وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه ,
ومعلم نفسه ومهذبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومهذبهم " ..
6) كـُـــن قدوة حسنة :
وهذا يعني أن يكون الداعية صورة صادقة لكل
ما يدعو إليه ويريد غرسه في المدعوين ,
بل أن يكون فعله وسلوكه قبل قوله وكلامه .
والاقتران بين الداعية والدعوة قائم في أذهان الناس
, والداعية نفسه شهادة للدعوة , وهذه الشهادة قد
تحمل الناس على قبول الدعوة , وقد تحملهم على
ردها ورفضها والداعية عندما يكون بعيدا ً عن الالتزام
بواجبات الإسلام وتكاليفه فإنه يكون
فتنة للناس يصرفهم بسلوكه عن دين الله ويصير
مثله كمل قاطع الطريق بل هو أسوأ .
ومما يرهب من مخالفة القول العمل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم
أنه قال :" يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه
, فيدور فيها كما يدور الحمار في الرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون
: يا فلان , الم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟
فيقول : بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه
) خاطب الناس على قدر عقولهم :
فالواجب على الداعية أن يرعِ جهل الناس
واختلاف بيئتهم حتى لا تكون دعوته فيهم فتنة لهم
... قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :"
حدثوا الناس بما يعرفون , ودعوا ما ينكرون ,
أتحبون أن يكذّب الله ورسوله " رواه البخــــــــــاري
ومن صور عدم مراعاة ما يفهمه الناس
1- أن يطرح الداعية الخلافات الفقهية بتوسع بحيث لا يفقه الناس الراجح من المرجوح فيختلط عليهم الأمر .
2- أن يتكلم الداعية في مسائل دقيقة مثل القضاء والقدر مما يسبب للسامعين إشكالات هم في غنى عنها .
وماتوفيقي الا بالله
لا إله ألا الله
الروابط المفضلة