أخواتي الحبيبات:

إن الإنسان مهما أوغل ففي النهاية يصل إلى الله ، فالله وراء كل شيء ،وهو سبب كل مسبب ، هو الأول والآخر ، أحيانا يحدث حدث ما سببه ؟ قد يكون سبباص آخر مادياً ، فما سبب هذا السبب المادي ؟ سبب آخر مادي ، فمَن مسبب الأسباب؟؟!!! الله وهو الأول ، إذا تحركتَ نحو الوراء بسلسلة فيجب قطعا أن تنتهي إلى الله ، لأنه هو الأول .

إذا حرك إنسان يديه ، كيف ولماذا حرَّكها ؟ لأنه حي ، مَن أعطاه الحياة ؟ الله جل جلاله ، إذن هو الأول .

حدث زلزال ، من أحدث هذا الزلزال ؟ إنه اضطراب القشرة الأرضية ، من جعلها تضطرب ؟ الله هو الأول . لذلك قال تعالى في سورة الفتح:" إنَّ الذين يبايعونكَ إنَّما يبايعون اللهَ يدُ اللهِ فوق أيديهِم،فمَن نَكَثَ فإنَّما ينكُثُ على نفسه،ومَن أوفى بما عاهدَ عليهِ الله فسيؤتيهِ أجراً عظيما"(10)

بالمناسبة هذا المعنى له تطبيق رائع ، الإنسان أحيانا يصاب بمصيبة ؛ فَمِن ضعف توحيده ، أو لضيق أُفُقه ، يصب جامَّ غضبه على من جاءته هذه المصيبة على يديه ، لو أنه كان يعقل ، أو لو كان توحيده أقوى لرأى يد الله هي التي عملت في الخفاء ، لرأى يد الله فوق أيديهم .

لذلك ربنا عز وجل قال في سورة لقمان:"يا بُنَيَّ أَقِمِ الصلاةً وَأمُر بالمعروف وانهَ عن المُنكر واصبِر على ما أصابكَ إنّ َ ذلك مِن عَزمِ الأمور"(17)

إن تصبر على ما أصابك،فإن ذلك من عزم الأمور ... هناك آية أخرى في سورة الشورى :"ولَمَن صبر وغفرَ إنّ ذَلك لَمِن عَزمِ الأمور"(43)

هذه اللام ، لام التوكيد ،أي أنه إذا جاء قضاء وقدر على يد إنسان ، فلا يجب أن ننقم على هذا الإنسان الذي أجرى الله على يديه هذه المصيبة .

يعني لو فرضنا لا سمح الله ولا قدر ، طفل وقع عن الشرفة ، نزل ميتا ، الأب يتألم أشد الألم ، وقد يتفطر قلبه ، لكن يحقد على من ؟لا أحد ، يقول هذا قضاء وقدر ، أما لو أن سائقا دهس طفلا ، والأب في ساعة غفلة ، في ساعة غضب شديد ولنقص في توحيده يصب كل نقمته على هذا السائق ،ولكنه إذا عرف أن الله هو الأول في كل حادث ، هو المسبِّب ، هو مسبب الأسباب ، طبعا يأخذ حقه لكن لا يحقد ، لأن الحقد من لوازم الشرك .

هناك رجل عنده محل تجاري ، إختلف مع أحد موظفي المحل ، هذا الموظف يعرف الدخائل والمخارج ، فأبلغ بعض الجهات عن بضاعة غير نظامية ، فضبطت المستودعات ، وكلف بمبلغ كبير جدا ، غرامة لهذا المخالفة الجمركية ، هذا صاحب المحل ، بساعة من ساعات الغضب ، أخرج مسدسا وأطلق النار على هذا الموظف فأرداه قتيلا فأودع في السجن ثلاثين عاما ، لو كان موحِّدا لما رأى هذه المصيبة في هذا الشخص ، رأى يد الله فوق يديه ، وأن الله هو الأول ، هو مسبب الأسباب ، ولعل الله عز وجل أن يعوضه عن خسارته ، ولعل ذلك بسبب ذنب ارتكبه .

القضية هي أنك إذا آمنت أن الله بيده كل شيء ، هو الأول ، لا تحقد على أحد ، كما لو أن إنسانا تلقى ضربة بعصا ، فهل يحقد على العصا ؟ أم على الذي ضربه ؟ العصا لا تقدم ولا تؤخر ، وينبغي أن تعلم أن الناس جميعا ، حتى الأقوياء ، وحتى الأشرار إنما هم عُصِيّ بيد الله عز وجل ، ألم يقل الله عز وجل في سورة هود:"مِن دونهِ فَكيدوني جميعاً ثمَُّ لا تُنظِرون،إنِّي توكَّلتُ على اللهِ ربي وربِّكُم ما مِن دابةٍ إلا هو آخِذٌ بناصيتها إنَّ ربي على صراطٍ مُستقيم"(56)

وهذه الآية لها معنى دقيق جدا ،وهو أن هناك وحوش كاسرة أزِمَّتها مربوطة بيد عظيم رحيم عادل منصف حكيم فهل ينبغي أن تخاف من هذه الوحوش أم من الذي يملك ناصيتها ؟

المشكلة كلها في هذا المثل : فالكافر المشرك ضعيف الإيمان يخاف من الوحوش ، والمؤمن يخاف مِن الذي يملك أزمَِّتها ، فإذا اصطلح معه أبعدها عنه ، أما إذا عصاه ، أرخى لها أزِمَّتها فوصلت إليه ، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن !!!

الكلمات السابقة جزء من شرح فضيلة الشيخ الدكتور:" محمد راتب النابلسي" لمعاني اسم الله "الأول الآخِر"،أرجو الله أن ينفعنا بها،آمين.

لا اله إلا الله


اثابك الله وبااااارك فيك اختي

وفيكِ بارك الله وحفظك يا أخيتي، حقاً لا إله إلا الله .

رائع..
بارك الله فيك .. وجعله في موازين حسناتك..

والله ان هذه الكلمات لها وقع فى قلبى كوقع الماء البارد للعطشان

بوركت أخيتى على هذا النقل المفيد والطيب

وفيك بارك الله يا غناتي وأكرمك،آمين.

سعدت كثيرا بردك يا كروان، بارك الله فيك وأكرمك،آمين.