السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوء الظن لماذا ؟
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:،
فإن علاقة المسلم بأخيه المسلم مبينة على صفاء القلب , والنفس , وعلى سلامة الصدر , قال تعالى: " إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " ( الشعراء : 89 )
قال تعالى : " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ " ( الحجرات : 10 )
ومن علامة القلب السليم ألا يحمل المسلم سوء ظن بأخيه المسلم .
وسوء الظن هو إعتقاد جانب الشر, وترجيحه على جانب الخير فيما يحتمل الأمرين معا .
وهو خلق ذميم , وهو من خصال الشر .
أدلة النهى عن سوء الظن من الكتاب والسنة :
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ " ( الحجرات : 12 )
ففى هذه الآيه يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن , وهو التهمة والتخون للأهل , والأقارب , والناس , فى غير محله لإن بعض ذلك يكون إثما محضاً فليجتنب كثير منه احتياطاً .
وفى الحديث : " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " (البخارى ومسلم )
والمراد هنا النهى عن ظن السوء .
وقال الخطابى : هو تحقيق الظن وتصديقه دون مايهجس فى النفس فإن ذلك لا يملك .
ومراد الخطابى أن المحرم من الظن مايستمر صاحبه عليه , ويستقر فى قلبه دون مايعرض فى القلب , ولا يستقر فإن هذا لا يلكف به .
ففى الحديث : " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تعمل أو تتكلم " ( البخارى )
ونقل القاضى عن سفيان أنه قال : الظن السئ الذى يأثم به هو ماظنه وتكلم به , فإن لم يتكلم لم يأثم .
وقال القرطبى : المراد بالظن هنا التهمة التى لا سبب لها كمن يتهم رجلاً بالفاحشة من غير أن يظهر عليه مايقتضيها ولذلك عطف عليه " ولا تجسسوا " وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة فيريد أن يتحقق فيتجسس ويبحث ويستمع فنهى عن ذلك .
مفاسد سوء الظن
يغلب على البعض من الناس هذا الخلق , وربما ظنوه نوعا من الفطنة وضرباً من النباهة , وإنما هو غاية الشؤم
وهولاء لا هم لهم إلا تفسير كل تصرف أو قول على اسوأ إحتمالاته , فنجد الذى يسئ الظن نفسه خبيثه تحمل كوامن السوء والشر فى داخلها , ولا يقف شره عليها وحده بل يتعداه إلى غيره , فتارة تجده يسئ التعامل إلى الناس لمجرد ظن شئ جال فى خاطره ليس له اساس من الصحة , وتارة يحدث غيره أن فلانأ من الناس كذا وكذا وهو من براء , غير أن عقله الخبيث يشوه له الحقائق ويصوره له بصورة قبيحة , فتجده شديد الشك فى تصرفات غيره قلق النفس , مضطرب البال , وكم أدى سوء الظن وعدم التثبت فى الأخبار إلى أهوال مابعدها أهوال , ازهقت نفوس , وضيعت اموال , وشتت اسر , وخربت بيوت , وقطعت ارحام .
ومن مفاسد سوء الظن ايضا أنه يؤدى إلى :
1- أن نحتقر هذا الإنسان الذى نسئ الظن به .
2- أن نستطيل بالكلام عنه .
3- أن نحرمه من الحقوق التى فرضها الله علينا نحوه .
4- أن نتعامل معه وفى قلوبنا من الداخل شئ من الكره والعداوة والبعد من خلال هذا الظن .
موقف السلف من سوء الظن
فكما قلنا أنه من علامة القلب السليم أن لا يحمل المسلم سوء ظن بأخيه المسلم , وهذا ما كان عليه حال السلف , فقد نأو بأنفسهم عن هذا الخلق الذميم , وكانوا يلتمسون الاعذار للمسلمين
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه " لاتظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شراً وأنت تجد لها فى الخير محملا"
وايضا:
قال ابن سيرين رحمه الله " إذا بلغك عن اخيك شئ فالتمس له عذرا فإن لم تجد فقل "لعل له عذرا لا اعرفه"
وايضا:
قال احد الحكماء "ليس كل مايعلم يقال "
علاج سوء الظن
1- أن نعلم النهى الوارد فى سوء الظن وأنه من الإثم كما بينا فى الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية .
2- أن لا نعطى لإنفسنا الحق فى الغوص فى أعماق الآخرين والتفتيش عما بداخلهم فأحوال العباد ومافى قلوبهم لا يعلمها الا الله .
3- أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عندما يقذف الشيطان فى قلب أحد سوء ظن بأخيه المسلم ولا يستسلم لوساوس الشيطان .
4- أن نطرد عن أنفسنا تصور أى سوء عن المسلم وأن لا نظن به إلا خيرا قال تعالى : " لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا " ( النور : 12 ) .
5- أن نعامل الناس بما نحب أن يعاملونا به فكما نحب أن يحسن الناس الظن بنا فنحسن الظن بهم وكما نكره أن يسيئوا الظن بنا فلا نسئ الظن بهم .
6- يجب علينا أن لا نقبل مايصل إلينا من أخبار او أقاويل إلا بعد التثبت والتبين .
وختاما :
فعلى المؤمن الصالح أن يحسن الظن بأخيه المسلم , وأن ينظر بعين صالحة , ونفس طيبة للناس , يبحث لهم عن الاعذار , ويظن بهم الخير , فحسن الظن راحة للفؤاد , وطمأنينة للنفس
والمؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه والمنافق يطلب العيوب والزلات لخبث باطنه .
أختكم فى الله
*زهرة السلام*
الروابط المفضلة