السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د.محمد العريفي
كنت في مجلس فيه عدد من الوجهاء، فتحدث أحد من رآه استغنى ! و قال في أثناء حديثه: و مررت بأحد العمال، فمد يده ليصافحني، فترددت ثم مددت يدي و صافحته. ثم قال: مع أني لا أعطي يدي لأي أحد!! ما شاء الله يقول: لا أعطي يدي لأي أحد..
أما رسول صلى الله عليه و سلم فكانت الأمة المملوكة الضعيفة.. تلقاه وسط الطريق.. فتشتكي إليه من ظلم أهلها، أو كثرت شغلها، فيجعل يده في يدها، فينطلق معها إلى أهلها ليشفع لها، و كان يقول:
لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر
كم سمعنا الناس يرددون: يا أخي، فلان متكبر. فلان شايف نفسه و تسأله: لماذا لم تستعن بجارك في كذا؟ فيقول: فلان متكبر علينا، ما يعطينا وجه! ! آآآه، كم هم مبغوضون أولائك الذين يتكبرون على الناس، و يعاملونهم باستعلاء، كم هو منبوذ، ذاك الذي يطغى أن رآه استغنى، ذاك الذي يصعّر خذه للناس و يمشي في الأرض مرحاً. ذاك الذي يتكبر على العمال، و الخدام، و الفقراء، يتكبر عن محادثتهم، و مصافحتهم، و مجالستهم.
لما دخل صلى الله عليه و سلم مكة فاتحاً جعل يمر بطرقات مكة التي طالما أوذي فيها، و استهزئ به.
كم سمع في طرقاتها: يا مجنون. ساحر. كاهن. كذاب. و هو اليوم يدخلها قائداً عزيزاً. ممكناً. قد أذل الله أهلها بين يديه. فكيف كان شعوره و هو داخل؟ قال عبد الله بن أبي بكر لما وصل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى ذي طوى وقف على راحلته معتجراً بقطعة برد حمراء. و إن رسول الله صلى الله عليه و سلم ليضع رأسه تواضعاً لله، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن عثنونه –طرف لحيته- ليكاد يمس واسطة الرحل. و قال أنس: دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة يوم الفتح و ذقنه على راحلته متخشعاً. و قال ابن مسعود: أقبل رجل إلى رسول الله فكلفه في شيء فأخذته الرعدة، فقال: صلى الله عليه و سلم: هون عليك، فإنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد ( اللحم المجفف)..
و كان صلى الله عليه و سلم يقول:
أجلس كما يجلس العبد، و آكل كما يأكل العبد
نعم.
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء و هو رفيع
و لا تك كالدخان يعلو بنفسه على طبقات الجوّ و هو وضيع
باختصار
من تواضع لله رفعه..
و ما زاد الله عبداً بالتواضع إلا عزاً..
الروابط المفضلة