السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جاء في السنة ما يوضّح فضل هذا الستر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ) ، في حين أن تتبع الزلات مما يأنف منه الطبع ، وينهى عنه الشرع ، بل جاء في حقه وعيد شديد ،
ولنعلم أن الأصل هو الستر على المسلم إذا وقع في معصية ولقوله عليه الصلاة والسلام لمن جاء إليه بصاحب معصية
(لو سترته بثوبك كان خيرا لك) ولكن هذا في غير من عرف بالأذى والفساد ومعاودة المنكرات، فإن الستر على مثله يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك الحرمات.
هذا الذي يغتاب عباد الله أكبر همه في المجالس أن يعترض ويعرض عيوب الناس وُكل بنشر هذه المعايب وُكل بتتبع عورات المسلمين ، وليعلم هذا المسكين أن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته ، وليعلم أن من تسلط على نشر عيوب الناس وتتبع عوراتهم سلط الله عليه من ينشر عيوبه ويتتبع عورته ، وهذا القائل الذي ينشر عيوب الناس لو فتش في نفسه لوجد نفسه اكثر الناس عيوبا وأسوأهم أخلاقا وأضعفهم أمانة ، ولو لم يكن من عيوبه إلا تسليط لسانه على عباد الله لكان كافيا ، إن هذا الرجل المسلط على عباد الله لمشؤوم على نفسه مشؤوم على جلسائه .
وأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (مر بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم
فقال- يا جبريل من هؤلاء قال- هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم .وأكثر الناس اليوم يقولون في إخوانهم ما لا يعلمون لو سألته فقلت له أتشهد عليه بما قلت لقال - لا أشهد ، ومن المعلوم أنه سوف يسأل عن ذلك يوم القيامة ،أفلا يتقي الله هذا ، أفلا يعلم أنه ما يلفظ من قول لا لديه رقيب عتيد ،
أفلا يعلم أنه يحاسب عن كل كلمة قالها
قال سبحانه- ﴿ فَتَبَيَّنُوا ﴾ بين الله وجوب التبيُّن من الأخبار حال ورودها من الفاسق وذلك لأن الأحوال إما قبول الخبر, أو رد الخبر, أو التثبت فيه ، هذه هي الأحوال الثلاثة بالنسبة للإنسان إذا جاءته أخبار , هذا تأديب من الله لعباده إذا جاءهم خبر من الفاسق بأن لا يتسرعوا0 يتبادر إلى ذهن كثير من الناس أن لا يتسرعوا في قبوله فقط ولا في رده أيضاً يعني لا تصدق ولا تكذب لأنك إن صدقت فقد يكون الخبر كاذباً وإن رددت فقد يكون الخبر صادقاً , فانظر إلى تأديب الله لعباده 0 ﴿ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَثَبَّتوا﴾ تثبتوا من الخبر . ولكن لماذا نتثبت في خبره قال سبحانه - ﴿ أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) أي أمرناكم أن تتثبتوا في خبر الفاسق حتى لا تصيبوا قوماً وأنتم تجهلون أحوالهم فيقع ما يقع نتيجة هذا التسرع فتصبحوا في حسرة وندامة على تعجلكم في هذا الأمر.
فحينئذ هذا الأدب لابد أن يلتزم به الإنسان وألاّ يتسرع في قبول الأخبار , وإذا نظرنا إلى أحوال الناس اليوم وجدنا الكثير منهم يطير بالخبر من أي إنسان فتراه يقول فيه كذا وكذا فيأخذ الخبر على محمل الجد وعلى أنه صدق ثم يزداد الأمر سوءاً إذا قـام الإنسان بنشر خبـر الفاسـق , فقد تندم إذا عملت بخبـر الفاسـق

أسأل الله إن يقبنا شر الفتن إنه سميع مجيب