السلام عليكم ورحمة الله وبركاتـــــه ،،،
ظهور الفتن من أشراط الساعة ..!
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، أن من أشراط الساعة ظهور الفتن العظيمة ، التي يلتبس فيها الحق بالباطل ، فتزلزل الإيمان حتى يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، كلما ظهرت فتنة قال المؤمن : هذه مهلكتي ، ويظهر غيرها فيقول : هذه هذه ، ولا تزال الفتن تظهر في الناس إلى أن تقوم الساعة .
ونحن في عصر أخذت أمواجها تتلاطم بألوان من الأحوال العجيبة ، موجات فتن تترى ، ومصائب تتوالى ، وتقلبات وتغيرات تلوّث العقائد والأفكار والأخلاق ، تسعّر القوم شراً ، كلما تعاظم الناس فتنة تلتها أعظم منها ، فتن الشهوات المحرقة ، وفتن الشبهات المضلة ، وفتن تضارب الآراء ، سيما عند تفاوت المشارب .
فتن هذا الزمان لا تموج بالناس فحسب ، بل بهم وبأفكارهم ، وربما كان موج الأفكار والحقائق سمة فتن هذا العصر ، فترى الناس في الفتن كالورق اليابس تسفّه الريح يمنةً ويسرةً .
لقد حذر الله الأمة المسلمة إن هي خالفت ربها ونبيها ، وبعدت عن شريعتها أن يفتنها ، قال تعالى :
( فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
هذه الفتنة عامة تشمل مختلف أنواع العقوبات ، كانتشار القتل فيما بينهم ، أو الزلازل والبراكين ، أو تسلط السلطان الجائر عليهم ، أو ظهور أنواع من الأمراض ، أو الفقر ، أو الشدة في الحياة ، إلى غير ذلك .
هذه الفتنة إذا نزلت فإنها تعم الجميع، فلا يستثنى منها أحد لقوله تعالى :
( وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً )
يقول المفسرون في معناه : "واحذروا فتنة إذا نزلت بكم ، لم تقتصر على الظالمين خاصة ، بل تتعدى إليكم جميعاً ، وتصل إلى الصالح والطالح ، أما الطالح فهو عقوبة لذنبه ، وأما الصالح فلأنه سكت ولم ينكر على الظالم ظلمه"..!
الفتن – أحبة الإسلام – خطرها عظيم ، وشرها مستطير ، تهلك الحرث والنسل ، وتأتي على الأخضر واليابس ، تحيّر العقلاء ، وترمّل النساء ، وتيتم الأطفال ، وتسيل أنهار الدماء ، تنزل الويلات والنكبات بالمجتمعات التي تغشاها ، نار وقودها الأنفس والأموال ، ومصير أهلها ومآلهم – عياذاً بالله – شر مآل .
وأعظم الفتن ما كان في الدين ، يرى المرء أمامه سبلاً متشعّبة ، وفتناً مترادفة ، لا تزلزل وجدان الإنسان فحسب ، لكنها تفعل فعلها في جعل حياته تضطرب مهما تحصّن ، ويبقى المرء في حيرة من أمره ، وخشية من عاقبته .. هناك من تصيبه حالة من اليأس القاتل ، وآخرون يحسنون أنفسهم على هامش الحياة ، وصنف يلعب الشيطان برأسه ، ويجلب على نفسه الوبال ، نتيجة فهم قاصر ، أو نقل كاذب ، أو غرض فاسد ، أو هوى متّبع ، أو عمى في البصيرة وفساد في الإرادة ، قال تعالى : ( وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ ) .
السلاح الأول لرفع الفتن عن الأمة اتباع هدى الله، وفي ظل هذا الاتباع يتربى المسلمون، ويتولد سلاح العزائم، وتتحد الأمة تحت راية لا إله إلا الله.
لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله ، فهو المثبت والمعين ، ولولاه ما رفع المسلم قدماً ، ولا وضع أخرى ، ولا ثبت على الخير لحظةً واحدة ، اللجوء إلى الله بالدعاء من أهم الأسباب ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان عظيم الشعور بالافتقار إلى ربه ، كان يكثر في دعائه أن يقول : ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)) ، وكان يكثر الاستعاذة من الفتن ، ويدعو أصحابه لذلك : ((تعوذوا بالله من الفتن ، ما ظهر منها وما بطن)) أخرجه مسلم .
إصلاح النفس وتزكيتها بالطاعة والعبادة من أسباب التثبيت ، قال تعالى :
( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً )
الأعمال الصالحة مصادٌّ للفتن ووقاية منها ، وبها يدخر المسلم رصيداً من الخير في الرخاء ، فإذا ما نزلت الفتن كانت النجاة بفضل الله .
لقد وجه القرآن الكريم بالصبر والتقوى لمواجهة الكيد ، والتحصين من الفتن .. يوسف عليه السلام نجّاه الله من الفتن بالإخلاص .
وأهل الكهف نجاهم الله وحماهم حين لجؤوا إليه سبحانه .. إن دفاع الله سبحانه عنا وحمايته لنا من الفتن والمكايد ، إنما يكون على قدر إيماننا وعبوديتنا .
( اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ماظهر منها وما بطن )
الروابط المفضلة