دورة: "كيفية الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته"
قال صلى الله عليه وسلم (( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين )) متفق عليه.
[الدرس: الحادي عشر]
من كتاب:
إتحاف أهل الألباب بمعرفة العقيدة في سؤال وجواب
عقيـدة أهـل السنـة في الأسمـاء والصفـات
س225 ما عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن؟ مع بيان ذلك بالأدلة من الكتاب ، والسنة.
ج : عقيدة أهل السنة والجماعة - رحمهم الله تعالى- في القرآن في ثلاث نقاط :
الأولى : أنه كلام الله ، قال - تعالى- ﴿ وإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة:6] والمراد حتى يسمع القرآن فدل ذلك على أنه كلام الله تعالى ، وقال - تعالى- ﴿ أَلا لَهُ الْخَلْقُ والْأَمْرُ ﴾ [الأعراف:54] ففرق - تعالى- هنا بين الخلق والأمر، وهما صفتان من صفاته أضافهما إلى نفسه الكريمة ، أما الخلق: ففعله ، وأما الأمر: فقوله . والأصل في المتعاطفين التغاير إلا بقرينة ، فبان بذلك أن الأمر غير مخلوق . والأمر هو القرآن كما ثبت ذلك التفسير عن عامة السلف -رحمهم الله تعالى- وقد تقدم بعض الأدلة على إثبات ذلك الأمر في إجابة السؤال السابق . وقد انعقد الإجماع القطعي على ذلك من أهل السنة -رحمهم الله تعالى.
الثاني : أنه منزل غير مخلوق ، قال - تعالى- في آيات كثيرة ﴿ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [الزمر:1] وقال – تعالى: ﴿ وإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء:192] وقال - تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر:9] وقال – تعالى: ﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [النحل:102] وقال – تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ والْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ والْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ﴾ [النساء:136] وقال – تعالى: ﴿ الـم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ والْأِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ.. ﴾ [آل عمران:1-4] والآيات في ذلك المعنى كثيرة ، وقد اتفق أهل السنة على ذلك الأمر ، وصرحوا بكفر من قال بأنه مخلوق ، قال عمر بن دينار- رحمه الله تعالى- أدركت أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن دونهم منذ سبعين سنة يقولون : الله الخالق ، وما سواه مخلوق ، والقرآن كلام الله - تعالى- منه خرج ، وإليه يعود . أ.هـ قال إسحاق بن راهويه - رحمه الله تعالى : وقد أدرك عمرو بن دينار أجلةَ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل جابر بن عبدالله ، وأبي سعيد الخدري ، وعبدالله بن عمر ، وابن عباس ، وعبدالله بن الزبير ، وأجلةً من التابعين ، وعلى هذا مضى صدر هذه الأمة ، وسند الأثرين صحيح ، وقال معاوية بن عمار الذهيني قلت لجعفر يعني: ابن محمد : إنهم يسألون عن القرآن مخلوق هو ؟ قال : ( ليس بخالق ٍ ، ولا مخلوق ، ولكنه كلام الله - عز وجل- ) ، وسنده صحيح ، وقال عبدالله بن نافع: كان مالك بن أنس إمام دار الهجرة يقول : ( كلم الله موسى ) ويقول: ( القرآن كلام الله ) وكان يستفظع قول من يقول: القرآن مخلوق " ، وسنده صحيح ، وسئل سفيان بن عيينه -رحمه الله تعالى- عن القرآن فقال: " كلام الله ، وليس بمخلوق " وسنده إليه جيد ، وقال عبدالله بن المبارك- رحمه الله تعالى: ( القرآن كلام الله - تعالى- ليس بخالق ، ولا مخلوق ) وسنده صحيح عنه ، وقال وكيع بن الجراح -رحمه الله تعالى- ( القرآن كلام الله - عز وجل- ليس بمخلوق ) وسنده صحيح عنه ، وقال يزيد بن هارون رحمه الله - تعالى- ( من قال القرآن مخلوق فهو كافر ) ، وسنده صحيح عنه ، وقال عبدالله بن إدريس الثقة الثبت : ( القرآن كلام الله ، ومن الله ، وما كان من الله - عز وجل- فليس بمخلوق ) وسنده صحيح عنه ، والآثار في ذلك كثيرة شهيرة ، ونكتفي بذلك خوف الإطالة ، والإملال .
الثالث : أن القرآن من الله بدأ ، وإليه يعود . والمراد بقولهم : ( منه بدأ ) أي أن الله - تعالى- هو الذي تكلم به ابتداءً كما قال - تعالى- ﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [النحل:102] وقال - تعالى-﴿ الر ﴿ 1 ﴾ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود:1]وقال - تعالى- ﴿ وإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾ [النمل:6] وكل آية فيها إثبات تنزيل القرآن من الله - تعالى- فهي دليل على أنه منه بدأ ، وأما قولهم (وإليه يعود ) ففيه تفسيران أصحهما أن المراد: أن كلام الله - تعالى- يسرى عليه في ليلةٍ فيرفع من المصاحف ، وصدور الحفاظ ، فلا تبقى في الأرض منه آية -أسأل الله - تعالى- بأسمائه الحسنى ، وصفاته العليا أن يقبض روحي ، وإياكم قبل أن يرفع كلامه من بيننا - فعن حذيفة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( يسرى على كتاب الله ليلاً فيصبح الناس ليس في الأرض ، ولا جوف مسلم منه آية ) حديث صحيح ، ومثله أيضاً حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فهذا المرفوع ، وأما الموقوف فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: ( يسرى على كتاب الله فيرفع إلى السماء فلا يصبح في الأرض آية من القرآن ، ولا من التوراة ، ولا من الإنجيل ، ولا من الزبور ، وينتزع من قلوب الرجال فيصبحون ، ولا يدرون ما هو ) حديث صحيح .
وعن شداد بن معقل أن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : ( لينتزعن هذا القرآن من بين أظهركم ، فقال له شداد بن معقل : يا أبا عبدالرحمن كيف ينتزع ، وقد أثبتناه في صدورنا ، وأثبتناه في مصاحفنا ، فقال ابن مسعود يسرى عليه في ليلة فلا يبقى في قلب عبدٍ منه ، ولا مصحف منه شيء ، ويصبح الناس فقراء كالبهائم ثم قرأ عبدالله ﴿ ولَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وكِيلاً ﴾ [الاسراء:86] ) وإسناده صالح . وهذان الأثران لا يقال مثلهما بالرأي لأنه من أمور الغيب فلهما حكم الرفع ، وقول السلف ( منه بدأ ) فيه رد على الجهمية الذين قالوا: بدأ من غيره ، وقولهم ( وإليه يعود ) فإنه يسرى به في آخر الزمان من المصاحف ، والصدور فلا يبقى في الصدور منه كلمة ، ولا في المصاحف منه حرف . قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- فهذا اعتقادنا في القرآن الكريم : أنه كلام الله - تعالى- وأنه منزل غير مخلوق ، وأنه من الله بدأ ، وإليه يعود ، وهذا ما نعتقده بقلوبنا ، وننطقه بألسنتنا ، وندرسه لطلابنا في الحلقات والمدارس . والله أعلم .
__________________________
الأسئلة التطبيقية:
س1: مامعنى قول: "القرآن من الله بدأ ، وإليه يعود"؟
س2: اذكري دليلا من القران والسنة على ان القران كلام الله وليس بمخلوق.؟
***
اكتفيت اليوم بمقطع واحد..لطوله.. وحتى تفهمن الدرس جيدا..
أعانكن ووفقكن الله تعالى..
الروابط المفضلة