هذه مقالة قرأتها ووجدت فيها الخير وأحببت أن أنقلها إليكم ليعم الخير والفائدة
مختصر المقالة:
إذا كنّا نتحدث عن واقعنا بين الفساد والصلاح فإن الأمل الواعد الذي يعطينا صلاحًا محضًا إنما هو في جيل أولادنا، وحينما نضمن صلاح أولادنا نضمن صلاح مستقبلنا.
وقد حسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القضية حينما تحدث عن الخيرية والصلاح فقال وباختصار شديد: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ).

خيركم من تعلّم القرآن
خطبة الجمعة للدكتور محمود أبوالهدى الحسيني في الجامعا لأموي الكبيربحلب بتاريخ12/3/2010م
إذا كنّا نتحدث عن واقعنا بين الفساد والصلاح فإن الأمل الواعد الذي يعطينا صلاحًا محضًا إنما هو في الجيل القادم (أعني جيل أولادنا)، وحينما نضمن صلاح أولادنا نضمن صلاح مستقبلنا.
ومهما تعددت الآراء التربوية التي تتحدث في التربية وتَعِد ببناءٍ سليم صحيح فلن ترقى إلى مصداقية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد حسم القضية حينما تحدث عن الخيرية والصلاح، فقال في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) هكذا وباختصار شديد.
ومن جوامع كلماته الشريفة صلى الله عليه وسلم اختصر القضية فقال: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) لأن القرآن معبّر عن علم الله، وهو سبحانه الذي قال: {أَنـزلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166].
وحينما يتعلم الطفل هذا الكتاب العظيم الجليل الذي يعبر ويدلّ على علم الله، فإنه سوف يمتلك منطلقات المعرفة، ومنطلقات الصلاح، ومنطلقات النهضة، وسوف يمتلك موازين الاستقامة، وستكون بيده مسالك العلم والعمل الصالح، فالأمة التي تعتني بتعليم أولادها هذا القرآن العظيم أمة تبني مستقبلاً واعدًا.
بل إن الحديث الآخر الذي نقله الإمام الترمذي رحمه الله في سننه يضيف فيما نتحدث عنه معنىً جليلاً، إذ يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فيه: (إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ) وبهذا الحديث نفهم أن الجيل المعمَّر هو الجيل الذي باطنه القرآن، وأن الجيل المخرب هو الجيل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن.
والمتغيرات التي نعيشها الآن تُحدث اضطرابًا شديدًا في الشباب والأطفال، والذي بدأت كل وسائل المادية تبحث عن حلولٍ له فلا تجد، لكننا نجد في توجيه إمامنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحل الذي يلغي الاضطراب، والذي يجعل من الشباب (بعد أن تعمروا بتعلم القرآن في طفولتهم) بناءً مستقرًّا لا تؤثر فيه الزلازل الاجتماعية مهما كانت قوتها وشدتها.
أما قرأتم وسمعتم في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه قولَ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نـزلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)؟
وهكذا يبيّن الصادق المصدوق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن السكينة والرحمة تكونان مع القرآن.
وماذا يعني أن تكون السكينة في قلب الشاب وفي نفس الطفل؟
إنها تعني نفي الاضطراب، والثبات أمام الزلازل المعنوية.
وماذا يعني أن تكون الرحمة في قلوب أطفالنا وشبابنا؟
هذا يعني نفي الانتقام ونفي الحقد، ويعني أننا نبني جيلاً مِعطاءً يقدم الرحمة على العقاب، ويقدم الرحمة على الإضرار والإيذاء.
كل هذا في كتاب الله وبسرّ تعلم القرآن.
وقد منّ الله تبارك وتعالى على هذه البلاد الشامية حين فتح باب تعلّم القرآن وتعليمه من أوسع الأبواب في معاهد القرآن وفي الدورات التي يقضيها أطفالنا في بيوت الله تبارك وتعالى يتعلمون فيها القرآن، فكانت هذه عطيةً كبيرة، ونعمةً ما بعدها نعمة.
لكن اعذروني حينما أتحدث بصراحة ومن موقع المسؤولية لأقول لكم:
إن كل المحافظات في بلادنا العزيزة قد علّمت القرآن وتعلّمت منه دون أن يكون في بيئة التعلم والتعليم أية شائبة، لكننا في هذه المحافظة نرى (ويرى أكثركم) أن تعلم القرآن قد تحوّل في بعض ينابيعه إلى باب استرزاق شخصيّ تنعدم فيه المؤهلات، أو تحوّل إلى سببٍ من أسباب المنافع الخاصة.
وهذه الظاهرة لم نسمع عنها في المحافظات الأخرى.
ونحن في هذه المدينة العريقة.. في مدينة سيدنا إبراهيم.. في مدينة حلب التي درجت على محبة الإسلام ومحبة القرآن، ومحبة محمد عليه الصلاة والسلام، والدفاع عن الوطن، وتقديم الغالي والنفيس من أجل أن تكون بلادنا في أحسن حال..
من الذين كانوا في طلائع الجهاد عندما كانت بلادنا يومًا من الأيام مستعمرة؟
اذكروا أبطال الاستقلال الذين خرجوا من هذه المحافظة..
وهكذا لابد من إعادة ترتيبٍ للأوراق.
فتعليم القرآن وتعلّمه شرفٌ عظيم، لكن لا يعقل أبدًا أن يدعى الطفل إلى بيت من بيوت الله ليتعلم القرآن ويدفع من أجل ذلك مالاً.
إذًا:
أين نحن من الرسالة؟
أين نحن من بيئة الدعوة؟
أين نحن من عشق القرآن؟
أين نحن من رعاية الجيل؟
هذه الظاهرة ينبغي أن نعالجها جميعًا.
إن هذا لا يعني أن لا نكرم الطفل المتعلم ومعلّمه، ولا يعني أن لا نفتح باب الإكرام لجميع أهل الخير من أجل أن يكرموا الأطفال الذين يتعلمون القرآن ومن يعلمهم...
لكن لما كان هذا الأمر محاطًا بحساسيات شديدة، وقد يُستثمر استثمارًا بشعًا من بعض من يريد استغلال تعليم القرآن أو تعلمه، وقد يُستغل استغلالاً أبشع من الذين يريدون جمع الأموال ليكونوا سببًا في إحداث الاضطراب في هذه البلاد، وليكونوا سببًا من أسباب زعزعة الاستقرار في هذه البلاد... من هنا كان لابد للمؤسسة الشرعية المخوّلة لتنظيم هذا الأمر (وهي مديرية الأوقاف) من أن تكون الجهة المخولة التي ترعى أهل الخير وتنظم عطاءهم، وتنظم إكرام المعلم والمتعلم، عندها يكون أهل الخير في حالة من الشعور بالأمن والأمان.
ولا نسمح في مثل هذه الحالة التي نتعاون فيها بأن نُخترق من خلال بعض من لا يريد الخير لهذه البلاد.
ومع كوننا بلد مواجهة، فالاحتمال الذي يواجهنا بوجود بعض العناصر التي تريد الاضطراب احتمال قائم.
وهكذا كان لابد من آليات تُفتح فيها حساباتٌ في البنوك في شفافية مطلقة، وفي نـزاهةٍ لا تمتد يدٌ عابثة إليها لتغيرها، حتى تكون الأمور في أعلى درجات الوضوح، وفي أعلى درجات النـزاهة المالية، حتى لا تمتد يد عابثة لتسيء إلى تعليم القرآن وتعلمه.
أقول هذا من على المنبر الجامع في مدينة حلب، وكما قلت لكم من موقع المسؤولية، فالدور الذي ينبغي أن نقوم به جميعًا هو أن نشجع تعلم القرآن وتعليمه، وأن نكون يدًا واحدة، لكن من خلال المؤسسة لا من خلال فوضوية فردية قد يستثمرها بعض العابثين.
فحينما يفكر أهل الخير في أن يكونوا يدًا واحدة فنحن معهم، ننظم الآليات في وضوح وشفافية..
ولكن حينما يفكر الأفراد كلٌّ بطريقته الخاصة، فإننا نؤسس لاضطراب، ونؤسس لفوضى، ونؤسس لاحتمالات عابثة كثيرة..
هذه رسالة موجزة مختصرة، سوف أبلغها (بعد أن بيّنتها في المسجد الجامع) لجميع طلبة العلم في هذه المحافظة، وأؤكد مرات ومرات أن التعليم القرآنيّ مجانيّ، وكل ظاهرة تكون مغايرة لهذا المبدأ الناصع تعتبر ظاهرة شاذة لا تخدم تعلم القرآن وتعليمه.
فتعلم القرآن مجانيّ، أما آليات الإكرام والرعاية فإنها آليات منظَّمة نتعاون فيها مع أهل هذه المدينة الفضلاء الكرام، ومن خلال المؤسسة الشرعية التي خُوِّلت بتنظيم هذا الأمر ورعايته.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وذهاب همومنا وغمومنا.
اللهم ذكرنا منه ما نُسِّينا، وعلّمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته وفهمه والعمل به آناء الليل وأطراف النهار.
رُدّنا اللهمّ إلى دينك ردًّا جميلاً، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أقول هذا القول وأستغفر الله.
يمكنكم الاستماع إلى المقالة كاملة عبر الرابط التالي: خيركم من تعلم القرآن
المقالة منقولة للفائدة من موقع البدر الإسلامي حيث يمكنكم قراءة المقالة باللغة الإنكليزية لمن يرغب بذلك