وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ارجوا ان يفيدك هذا
حدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن عمارة بن القعقاع حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير قال حدثنا صاحب لنا عن ابن مسعود قال
قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا يعدي شيء شيئا فقال أعرابي يا رسول الله البعير الجرب الحشفة بذنبه فتجرب الإبل كلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أجرب الأول لا عدوى ولا صفر خلق الله كل نفس وكتب حياتها ورزقها ومصائبها
قال أبو عيسى وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس وأنس قال و سمعت محمد بن عمرو بن صفوان الثقفي البصري قال سمعت علي بن المديني يقول لو حلفت بين الركن والمقام لحلفت أني لم أر أحدا أعلم من عبد الرحمن بن مهدي
سنن الترمذي
شرح الحديث
قوله : ( فقال لا يعدي شيء شيئا )
من الإعداء . قال في القاموس : العدوى ما يعدي من جرب أو غيره وهو مجاوزته من صاحبه إلى غيره . وقال في النهاية : العدوى اسم من الإعداء كالدعوى والبقوى من الادعاء والإبقاء , يقال أعداه الداء يعديه إعداء , وهو أن يصيبه مثل ما يصاحب الداء , وذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقي مخالطته بإبل أخرى حذرا أن يتعدى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه فقد أبطله الإسلام لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى , فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس الأمر كذلك , وإنما الله هو الذي يمرض وينزل الداء انتهى
( البعير أجرب الحشفة )
قال في القاموس : الحشفة محركة ما فوق الختان , وقال في المجمع : هي رأس الذكر
( ندبنه )
قد ضبط هذا اللفظ في النسخة الأحمدية بضم نون وسكون دال مهملة وكسر موحدة بصيغة المضارع المتكلم من الإدبان ولم يظهر لي معناه اللهم إلا أن يقال إنه مأخوذ من الدبن . قال في القاموس : الدبن بالكسر حظيرة الغنم . وقال في النهاية : الدبن حظيرة الغنم إذا كانت من القصب وهي من الخشب زريبة ومن الحجارة صيرة انتهى . ثم يقال إن المراد بالدبن هنا معاطن الإبل والمعنى ندخل البعير أجرب الحشفة في المعاطن فيجرب الإبل كلها ويحتمل أن يكون بذنبه بالباء حرف الجر وبذال معجمة ونون مفتوحتين وموحدة وبالضمير المجرور الراجع إلى البعير . والمعنى أن البعير يجرب أولا حشفته بذنبه ثم يجرب الإبل كلها والله تعالى أعلم
( فمن أجرب الأول )
أي إن كان جربها حصل بالإعداء فمن أجرب البعير الأول . والمعنى من أوصل الجرب إليه ليبني بناء الإعداء عليه , بل الكل بقضائه وقدره في أول أمره وآخره . قال الطيبي : وإنما أتى بمن الظاهر أن يقال فما أعدى الأول ليجاب بقوله : الله تعالى أي الله أعدى لا غيره
( لا عدوى )
قد تقدم شرح هذا مبسوطا في باب الطيرة من أبواب السير
( ولا صفر )
قال الإمام البخاري : هو داء يأخذ البطن قال الحافظ : كذا جزم بتفسير الصفر وهو بفتحتين , وقد نقل أبو عبيدة معمر بن المثنى في غريب الحديث له عن يونس بن عبيد الجرمي أنه سأل رؤبة بن العجاج فقال : هي حية تكون في البطن تصيب الماشية والناس وهي أعدى من الجرب عند العرب , فعلى هذا فالمراد بنفي الصفر ما كانوا يعتقدونه فيه من العدوى . ورجح عند البخاري هذا القول لكونه قرن في الحديث بالعدوى , وكذا رجح الطبري هذا القول واستشهد له بقول الأعشى : ولا يعض على شرسوفه الصفر , والشرسوف : الضلع , والصفر : دود يكون في الجوف فربما عض الضلع أو الكبد فقتل صاحبه , وقيل المراد بالصفر الحية لكن المراد بالنفي نفي ما يعتقدون أن من أصابه قتله , فرد ذلك الشارع بأن الموت لا يكون إلا إذا فرغ الأجل . وقد جاء هذا التفسير عن جابر وهو أحد رواة حديث لا صفر قاله الطبري . وقيل في الصفر قول آخر وهو أن المراد به شهر صفر , وذلك أن العرب كانت تحرم صفر وتستحل المحرم , فجاء الإسلام برد ما كانوا يفعلونه من ذلك , فلذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( لا صفر ) قال ابن بطال : وهذا القول مروي عن مالك انتهى . وحديث ابن مسعود المذكور في الباب أخرجه أيضا ابن خزيمة كما في الفتح .
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم ح و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شريك بن عبد الله وهشيم بن بشير عن يعلى بن عطاء عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال
كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم إنا قد بايعناك فارجع
صحيح مسلم بشرح النووي
شرح الحديث
قوله : ( كان في وفد ثقيف رجل مجذوم , فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم : إنا قد بايعناك فارجع )
هذا موافق للحديث الآخر في صحيح البخاري : ( وفر من المجذوم فرارك من الأسد ) وقد سبق شرح هذا الحديث في باب ( لا عدوى ) وأنه غير مخالف لحديث ( لا يورد ممرض على مصح ) قال القاضي : قد اختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المجذوم , فثبت عنه الحديثان المذكوران , وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل مع المجذوم , وقال له : كل ثقة بالله , وتوكلا عليه . وعن عائشة قالت : مولى مجذوم فكان يأكل في صحافي , ويشرب في أقداحي , وينام على فراشي . قال : وقد ذهب عمر رضي الله عنه وغيره من السلف إلى الأكل معه , ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ . والصحيح الذي قاله الأكثرون , ويتعين المصير إليه أنه لا نسخ , بل يجب الجمع بين الحديثين , وحمل الأمر باجتنابه والفرار منه على الاستحباب والاحتياط لا للوجوب , وأما الأكل معه ففعله لبيان الجواز . والله أعلم .
قال القاضي : قال بعض العلماء : في هذا الحديث وما في معناه دليل على أنه يثبت للمرأة الخيار في فسخ النكاح إذا وجدت زوجها مجذوما , أو حدث به جذام . واختلف أصحابنا وأصحاب مالك في أن أمته هل لها منع نفسها من استمتاعه إذا أرادها ؟ قال القاضي : قالوا : ويمنع من المسجد والاختلاط بالناس . قال : وكذلك اختلفوا في أنهم إذا كثروا هل يؤمرون أن يتخذوا لأنفسهم موضعا منفردا خارجا عن الناس , ولا يمنعوا من التصرف في منافعهم , وعليه أكثر الناس , أم لا يلزمهم التنحي ؟ قال : ولم يختلفوا في القليل منهم في أنهم لا يمنعون . قال : ولا يمنعون من صلاة الجمعة مع الناس , ويمنعون من غيرها . قال : ولو استضر أهل القرية فيهم جذمى بمخالطتهم في الماء فإن قدروا على استنباط ماء بلا ضرر أمروا به , وإلا استنبطه لهم الآخرون , أو أقاموا من يستقي لهم , وإلا فلا يمنعون . والله أعلم .
الروابط المفضلة