الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد ولد آدم أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: « يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الاِسْتِغْفَارَ فَإِنِّى رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ». فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟. قَالَ: « تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِى لُبٍّ مِنْكُنَّ ». قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ: « أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِىَ مَا تُصَلِّى وَتُفْطِرُ فِى رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ ».
وفي الحديث الذي رواه أحمد وصححه الألباني عن حَصِينِ بْنِ مِحْصَنٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِى عَمَّتِى قَالَتْ : أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فِى بَعْضِ الْحَاجَةِ فَقَالَ: «أَىْ هَذِهِ أَذَاتُ بَعْلٍ أَنْتِ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟». قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ [أي لا أقصر في طاعته وخدمته]. قَالَ:«فَأَيْنَ أَنْتِ مِنْه فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ»
وقال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ " [التحريم : 6]
ونظراً لعظيم حق الزوج الذي أكدته الكثير من النصوص الشرعية، فإن على المرأة المتزوجة مراعاة ما يأتي:
* خدمة الزوج بالمعروف، وطاعته في غير معصية الله: فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ"رواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وحسنه الألباني.
وقال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ"[البقرة : 228]أي: ولهنّ من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهنّ لهم من الطاعة فيما أوجب الله تعالى ذكره له عليها.كما ذكره الطبري عن الضحاك وابن زيد.
ولا تجوز طاعة الزوج ولا غيره فيما حرمه الله تعالى، لما روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ».
* لا تصوم تطوعاً وهو شاهد، ولا تدخل أحداً بيته إلا بإذنه: ففي الصحيحين واللفظ للبخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاََ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ.
* أن لا تتصدق من بيت زوجها إلا بإذنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِهَا شَيْئًا إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلاَ الطَّعَامَ؟ قَالَ: "ذَلِكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا". رواه أبود داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
* القوامة للرجل ولو كانت المرأة تنفق عليه: لقول الله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" [النساء: 34]، فلا تعانده ولا تتمرد عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" رواه الترمذي وقال الألباني: حسن صحيح.
* أن تستجيب له إذا دعاها إلى فراشه: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ. متفق عليه.
الروابط المفضلة