السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لما للجهاد من فضل عظيم
وأجر كبير ...
فقد حث الله عليه في كتابه الكريم
وجعل أجره عظيم ..
المجاهدُ في سبيل الله أفضلُ من القاعد المتقاعِس،
له درجاتٌ عندَ الله، وفضلٌ عظيم؛
فالله - تبارك وتعالى - جعَل الجهادَ ذِروةَ سَنام الإسلام؛
تشريفًا له وإعظامًا، وفضَّل المجاهدين على القاعدين من المؤمنين،
ولو كانوا سُجَّدًا وقيامًا؛ يقول الله تعالى : {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ
فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً
وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}
[النساء: 95].
الآن مع تفسير هذه الآية
:: أولا: معاني الكلمات في الآية:
لا يَسْتَوي: ليسوا في منزلة واحدة
أُولِى الضَّرر:أرباب العذر المانع من الجهاد مثل الأعمى والأعرج ..
عَلى القاعِدينَ دَرَجةً : فضل المجاهدين على القاعدين أولي الضرر درجة
الحُسْنى: الجنة للمجاهدين و للقاعدين من أولي الضرر
عَلى القاعِدين :من المؤمنين غير أولي الضرر
ومن أسباب نزول هذه الآية:
وقد جاء في تفسير السعدي رحمه الله :
{لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ...}
أي: لا يستوي من جاهد من المؤمنين بنفسه وماله ومن لم يخرج للجهاد ولم يقاتل أعداء الله، ففيه الحث على الخروج للجهاد، والترغيب في ذلك، والترهيب من التكاسل والقعود عنه من غير عذر.
وأما أهل الضرر كالمريض والأعمى والأعرج والذي لا يجد ما يتجهز به، فإنهم ليسوا بمنزلة القاعدين من غير عذر، فمن كان من أولي الضرر راضيًا بقعوده لا ينوي الخروج في سبيل الله لولا [وجود] المانع، ولا يُحَدِّث نفسه بذلك، فإنه بمنزلة القاعد لغير عذر.
ومن كان عازمًا على الخروج في سبيل الله لولا وجود المانع يتمنى ذلك ويُحَدِّث به نفسه، فإنه بمنزلة من خرج للجهاد، لأن النية الجازمة إذا اقترن بها مقدورها من القول أو الفعل ينزل صاحبها منزلة الفاعل.
ثم صرَّح تعالى بتفضيل المجاهدين على القاعدين بالدرجة، أي: الرفعة، وهذا تفضيل على وجه الإجمال، ثم صرح بذلك على وجه التفصيل، ووعدهم بالمغفرة الصادرة من ربهم، والرحمة التي تشتمل على حصول كل خير، واندفاع كل شر.
والدرجات التي فصلها النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث الثابت عنه في "الصحيحين" أن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله.
وفي تفسير ابن كثير رحمه الله لهذه الآية:
فقوله [تعالى] ( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) كان مطلقا، فلما نزل بوحي سريع: ( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) صار
ذلك مخرجا لذوي الأعذار المبيحة لترك الجهاد -من الْعَمَى والعَرَج والمرض-عن مساواتهم للمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.
ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين على القاعدين، قال ابن عباس : ( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) وكذا ينبغي أن يكون لما ثبت في الصحيح عند البخاري من طريق زهير بن معاوية، عن حُمَيْد، عن أنس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن بالمدينة أقوامًا ما سِرْتُم من مَسِير، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه " قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله ؟ قال: " نعم حبسهم العذر ".
وهكذا رواه الإمام أحمد عن محمد بن أبي عَدِيّ عن حُمَيد، عن أنس، به
وعلقه البخاري مجزوما. ورواه أبو داود عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن موسى بن أنس بن مالك، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرًا، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه ". قالوا: يا رسول الله،
وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: " حبسهم العذر ".لفظ أبي داود
وفي هذا المعنى قال الشاعر :
يـا راحـلين إلـى البَيـت العتيـق لَقَدْ
سـرْتُم جُسُـوما وسـرْنا نحنُ أرواحا
إنَّـا أقَمنـا عـلى عُـذْرٍ وعَـنْ قَــدَرٍ
]ومَـنْ أقـامَ عـلى عـذْرٍ فقـد راحا
وقوله: ( وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ) أي: الجنة والجزاء الجزيل. وفيه دلالة على أن الجهاد ليس بفرض عين بل هو فرض على الكفاية.
ثم قال تعالى: ( وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ) ثم أخبر تعالى بما فضلهم به من الدرجات، في غرف الجِنَان العاليات،
ومغفرة الذنوب والزلات، وحلول الرحمة والبركات، إحسانا منه وتكريما؛
ولهذا قال تعالى: ( دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )
وقد ثبت في الصحيحين :
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض".
وقال الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بلغ بسهم فله أجره درجة "
فقال رجل: يا رسول الله، وما الدرجة ؟ فقال: " أما إنها ليست بعتبة أمك، ما بين الدرجتين مائة عام
وأخيرا:
أنزل الله علينا القرآن لنتدبر آيته ونعمل بها في حياتنا
فمن فوائد هذه الآية :
أننا إذا أردنا أن نقوم بعمل صالح ومنعنا عن ذلك مرض
أوعذر فإن الله يكتب لنا الأجر بنيتنا شرط أن نكون مخلصين في ذلك ..
أيضا نستفيد من هذه الآية أن في الجنة درجات وأن نطمح دوما للأفضل
فنسأل الله الفردوس الأعلى من الجنة ونستزيد من الأعمال الصالحة
حتى نبلغها بإذن الله .
والجهاد في سبيل الله يكون بالمال والنفس وهو من أفضل الأعمال
ولفضله الكبير كانت منزلة الشهيد بمنزلة الأنبياء والصديقين ..
همسة ....
غاليتي اعلمي أنك أيضا في جهاد
فأنت تجاهدين نفسك لفعل الخيرات وترك المحرمات
واحتسابك الأجر من الله في ماتقومين به من أعمال
في منزلك جهاد وصبرك على الإبتلاء جهاد .
فاحرصي أخيتي على أن تكون نيتك خالصة لوجهه الكريم سبحانه
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على خاتم المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الروابط المفضلة