فضل أيام عشر ذي الحجة و الأعمال الواردة فيها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد...
فضل عشر ذي الحجة :
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا : يا رسول الله لا الجهاد في سبيل الله قال : ولا جهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء )) وروي الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام فأكثروا فيهن من التهليل و التكبير والتحميد )) وروي ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أفضل الأيام يوم عرفة )) .
أنواع العمل في هذه العشر :
الأول : أداء الحج وهو أفضل ما يعمل قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )) . متفق عليه
الثاني : صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها وبالأخص يوم عرفة ،قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً )) متفق عليه .
أي مسيرة سبعين عاماً ، وروى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده )) .
والصيام في هذه الأيام يدخل في جنس الأعمال الصالحة،بل هو من أفضلها،فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواجالنبي صلى الله عليه وسلم قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذيالحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر ) [رواه الإمام أحمد وأبوداود]. وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره،فقالسبحانه في الحديث القدسي: ( كل عمل بن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) . [ رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه
وما جاء من حديثأبي سعيد رضي الله عنه قال :سمعت النبيصلى الله عليه وسلم يقول: ( من صام يوما في سبيل الله باعَد الله وجهه عن النارسبعين خريفا) . [ متفق عليه.
وقد خص النبيصلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة لغير الحاج من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية , كما جاء في حديث أبي قتادة السابق الذكر . وكان أكثر السلف يصومون العشر، منهم : عبد الله بن عمر، والحسن البصري، وابن سيرين ، وقتادة ، ولهذا استحب صومها كثير منالعلماء, قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر
أنهمستحب استحبابًا شديدا .
الثالث : التكبير والذكر في هذه الأيام ،. روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((فأكثروا فيهن التهليل والتكبير والتحميد )) وذكر البخاري عن ابن عمرو وعن أبي هريرة رضي الله عنهما : أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر . فيكبرون ويكبر الناس بتكبيرهما وكان فقهاء التابعين رحمة الله عليهم يقولون أيام العشر : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد . ويستحب رفع الصوت بالتكبير في الأسواق والدور والطرق والمساجد وغيرها .
الرابع : التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب ، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة فالمعاصي سبب البعد والطرد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه )) متفق عليه .
الخامس : الإكثار من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك فالعمل فيها وإن كان مفضولا فإنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وإن كان فاضلا حتى الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده و أهريق دمه .
السادس : يشرع في هذه الأيام التكبير المطلق في جميع الأوقات من ليل أو النهار إلى صلاة العيد ويشرع التكبير المقيد وهو الذي يكون بعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة ، ويبدأ لغير الحجاج من فجر يوم عرفة ، وللحجاج من ظهر يوم النحر ، ويستمر إلى العصر آخر أيام التشريق .
السابع : تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق ، و هي سنة أبينا إبراهيم عليه السلام حين فدى الله ولده بذبح عظيم ،و قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفحهما )) متفق عليه .
الثامن : روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظافره )) . وفي رواية ( فلا يأخذ من شعره ولا أظافره حتى يضحي ) وهذا النهي ظاهره أنه يخص صاحب الأضحية و لا يعم الزوجة ولا الأولاد إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه . ولا بأس بغسل الرأس ودلكه لو سقط منه شيء من الشعر .
التاسع : على المسلم الحرص على أداء صلاة العيد حيث تصلى ،و حضور الخطبة والاستفادة منها وعليه معرفة الحكمة من شرعية هذا العيد وإنه يوم شكر وعمل وبر ، فلا يجعله يوم شر وبطر ولا يجعله موسم معصية وتوسع في المحرمات كالأغاني والملاهي والمسكرات ونحوهما مما قد يكون سبباً لحبوط الأعمال الصالحة التي عملها في أيام العشر .
والنساء والعواتق يشهدن الصلاة ولا يخرجن سافرات ولا متبرجات ، و الحيض و النفساء يعتزلن المصلى .
العاشر : ينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يستغل الأيام في الطاعة الله وذكره وشكره والقيام بالواجبات والابتعاد عن المنهيات واستغلال هذه المواسم والتعرض لنفحات الله ليحوز على رضاه .
بعض أحكام الأضحية ومشروعيتها
الأضحية : سنة مؤكدة ويكره تركها مع القدرة عليها ولا تكون إلا من الإبل والبقر والغنم ومن شروط الأضحية السلامة من العيوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أربعة لا تجزئ في الأضاحي العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها و العجفاء التي لا تنقي )) . رواه الترمذي .
وقت الذبح : بداية وقت الذبح بعد صلاة العيد لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد أتم نسكه و أصاب السنة )) متفق عليه .
توزيع الأضحية
يسن للمضحي أن يأكل من أضحيته ويهدي للأقارب والجيران ويتصدق منها على الفقراء ، وكان بعض السلف يحب أن يجعلها أثلاثاً : فيجعل ثلثاً لنفسه وثلثاً هدية ، وثلثاً صدقة للفقراء و لا يعطي الجزار من لحمها شيئاً كأجرة .
وكان النبي صلى الله عليه و سلم لا يأكل حتى يرجع من الصلاة العيد فيأكل من أضحيته.
و ختاماً: لا تنسى أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم وزيارة الأقارب وترك التباغض والحسد والكراهية وتطهير القلب منها والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم.
نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضي وأن يفقهنا في ديننا و أن يجعلنا ممن يسارع إلى عمل الصالحات و أن يجعل أعمالنا صواباً خالصة لوجهه الكريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الروابط المفضلة