*
*
*
القطفة الثالثة
*
*
*
هاهي الأيام تعود من جديد
مواسم خير وبركة تأتي تباعا حتى يظل العبد المؤمن متواصلا مع ربه
فاذا فطرت عبادته اتته مواسم خير تعيده الى سابق عهده مع الله عز وجل
فيظل العبد يدور حول الطاعة والعبادة ومرضاة الله سبحانه وتعالى
ومن هذه الايام والمواسم أيام عشر ذي الحجة التي خصها الله تعالى بعظيم رحمته وفضله
والعمل الصالح فيها بكل أشكاله مطلوب
من صيام وصدقة وقراءة قرآن وصلة أرحام وغيرها
عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر،فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) رواه أحمد .
و الله سبحانه وتعالى رحيم ..
يحب أن يجعل لعباده فرص التوبة ..
ويحب أن يرى عباده يتقربون إليه بالطاعات ..
لذلك جعل الله لنا أثناءالعام أيام خير وبركة ..
يضاعف الله لنا فيها الثواب ترغيبا لنا في العمل فيها
والفوز باجرها وفضلها العظيم ..
هذا بالإضافة إلى الأعمال الفاضلة الثابتة الأخرى
مثل الحرص على الصلاة في جماعة
والحرص على الوقوف في الصف الأول في الجماعة
ولتكن لنا وقفة أحبتي في الله مع الأعمال المستحبة في تلك الأيام المباركات
وهي كالتفصيل التالي وفقنا الله واياكم الى حسن أدائها وتقبلها منا جميعا
أولها وعلى رأسها :
أداء الحج والعمرة، وهو أفضل ما يعمل،
ويدل على فضله عدة أحاديث ، منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم :« العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ».رواه البخاري ومسلم
الصيام :
يسن للمسلم أن يصوم هذه الأيام أو بعضها إن استطاع
لأن الصيام من أفضل الأعمال .
فقد قال الله في الحديث القدسي :" كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به "رواه البخاري .
وعن السيدة حفصة رضي الله عنها قالت :" كان رسول الله د يصوم تسع من ذي الحجة ، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر.وأول اثنين من الشهر والخميس "حديث صحيح .
قال الإمام النووي عن عشر ذي الحجة :
" صيامها مستحب استحباباً شديداً "
وآكدها صوم يوم عرفة لغير الحاج ،
فقد ثبت عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عرفة فقال :( يكفّر السنة الماضية والباقية )رواه مسلم .
وكان النبي ( صلى الله عليه وسلم)
يحرص على صيام هذه الأيام فصيام يوم تطوعا
يبعد المسلم عن النار سبعين سنة كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه .
(من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا) متفق عليه.
التكبير :
يسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر .
ويكفينا أن الله سبحانه وتعالى جليس من يذكره .
ويسن إظهار التكبير المطلق من أول يوم من أيام ذي الحجة
في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق وغيرها
يجهر به الرجال، وتسر به النساء
إعلاناً بتعظيم الله تعالى، ويستمر إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق
وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة
قال الله تعالى -: ((واذكروا الله في أيام معدودات)) .
وهو من السنن المهجورة التي ينبغي إحياؤها في هذه الأيام
وقد ثبت أن ابن عمر و أبا هريرة كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما .
الأضحية :
ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي
والتبرع بثلثها للفقراء والمساكين مشاركة منا لآلامهم ورغبة منا في إسعادهم .
وقد ثبت عن أنس رضى الله عنه قال :( ضحى النبى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما) متفق عليه.
التوبة إلى الله :
فعلينا استقبال هذه الأيام بأن نبرأ إلى الله تعالى من كل معصية كنا نعملها
والإقلاع عن كل ما نهى الله تعالى عنه .
فإن الذنوب تحرم الإنسان فضل ربه ، وتحجب القلب عن معرفة الله .
ومما يتأكد في هذا العشر التوبة إلى الله تعالى
والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب .
والتوبة تتكون من ثلاثة مراحل :
- الأولى : الإقلاع عن الذنب
- الثانية : الندم عليه
- الثالثة : هي العزم على عدم العودة لهذا الذنب
والتوبة في هذه الأوقات هي أمر عظيم ..
لأن الله سبحانه وتعالى ييسر هذه المواسم ليتوب التائبون
ويقبلوا على الله سبحانه وتعالى .. فما أعظمه من إله
قال تعالى :{ فّأّمَّا مّن تّابّ وّآمّنّ وّعّمٌلّ صّالٌحْا فّعّسّى" أّن يّكٍونّ مٌنّ الًمٍفًلٌحٌينّ }القصص : 67
وقال تعالى :{ قٍلً يّا عٌبّادٌيّ الَّذٌينّ أّسًرّفٍوا عّلّى" أّنفٍسٌهٌمً لا تّقًنّطٍوا مٌن رَّحًمّةٌ اللَّهٌإنَّ اللَّهّ يّغًفٌرٍ الذٍَنٍوبّ جّمٌيعْا إنَّهٍ هٍوّ الًغّفٍورٍ الرَّحٌيمٍ } الزمر : 53
تجديد النية باغتنام هذه الأيام بما يرضي الله:
حري بالمسلم استقبال مواسم الخير عامة بالعزم الأكيد
على اغتنامها بما يرضي الله تعالى
فلنحرص على اغتنام هذه الفرصة السانحة
قبل أن تفوت فلا ينفع الندم حينئذ .
نسأل الله تعالى أن نكون من الذين يحسنون استغلال هذه الفرص العظيمةخير استغلال
صيام يوم عرفة
فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال : " يكفر السنة الماضية والسنة القابلة " رواه مسلم
الإكثار من الأعمال الصالحة عموما :
لأن العمل الصالح محبوب إلى الله تعالى وذلك مثل :
الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة
وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة ..
لأن كل هذه الأمور تجعل منا مسلما قدوة
وتزيد من إيماننا وحبنا لله عز وجل فيزيد الله حبا وتثبيتا لنا
ويعطينا شعورا بالسعادة القلبية التي يفتقدهاكل من لا يحب الله فقد قال الله تعالى{ وّمّنً أّعًرّضّ عّن ذٌكًرٌي فّإنَّ لّهٍ مّعٌيشّةْ ضّنكْا وّنّحًشٍرٍهٍ يّوًمّ ?ًقٌيّامّةٌ أّعًمّى"}. طه 124
فهذه أهم الأعمال الصالحة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها
ويبقى باب العمل الصالح أوسع مما ذُكِر
فأبواب الخير كثيرة لا تنحصر
ومفهوم العمل الصالح واسع شامل ينتظم كل ما يحبه الله ويرضاه
من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، فينبغي لمن وفقه الله
أن يعرف لهذه الأيام فضلها، ويقدر لها قدرها
فيحرص على الاجتهاد فيها
ويحاول أن يتقلل فيها ما أمكن من أشغال الدنيا وصوارفها
فإنما هي ساعات ولحظات ماأسرع انقضاءها وتصرمها
والسعيد من وفق فيها لصالح القول والعمل
الروابط المفضلة