بسم الله الرحمن الرحيم،، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين،، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،، وسلم تسليما كثيرا،، اللهم إنا نستعينك ونستهديك،، ونستغفرك ونتوب إليك،، ونثني عليك الخير كله،، اللهم علمنا ما ينفعنا،، وانفعنا وارفعنا بما علمتنا،، وزدنا علما وعملا،، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا،، إنك أنت العليم الحكيم،، اللهم واجعل علمنا حجة لنا،، ولا تجعله حجة علينا بين يديك،، أما بعد..
.:.:.:.:.:.:.:.
الروضة الأولى:
قال البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا يحيى بن بكير،، حدثني الليث عن عقيل،، عن ابن شهاب قال: أخبرني ابن أبي أنس،، مولى التميميين أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء،، وغلقت أبواب جهنم،، وسلسلت الشياطين)،، وفي رواية:(إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة)
.:.:.:.:.:.:.:.
إخوتي الصائمين،، إن نعمة بلوغ رمضان لا تقدر بثمن،، وفرصة لا تعوض،، والسعيد من بلغه الله تعالى إياه،، وأعانه على صيامه وقيامه واستغلال أيامه ولياليه،، وكم من أناس تمنوا بلوغه،، ولكن حال بينهم وبينه الموت،، وربما فارق أحدهم الحياة الدنيا في آخر يوم من شهر شعبان،، فليأخذ الإنسان من صحته لمرضه،، ومن حياته لموته،، ومن شبابه لكبره وهرمه،، وليستغل مواسم الخيرات،، وأوقات تنزل الرحمات،، فها هو رمضان قد دخل وهل هلاله،، وها هي أبواب الجنة مفتحة لكم،، وها هي أبواب النار مغلقة دونكم،، وها هي الشياطين ومردة الجن مصفدة،، فلا تخلص إلى ما كانت تخلص إليه في غير رمضان،، وها هو المنادي ينادي يا باغي الخير أقبل،، ويا باغي الشر أقصر،، وها هي الرقاب تعتق من النار،، وذلك في كل ليلة،، وها هي أنفس الصائمين قد زكت وسمت وعلت وتنزهت عن رجس الفواحش وأغلال المعاصي،، وامتلأت المساجد ما بين قارئ وراكع وساجد،، وتنافس الناس على تفطير الصائمين،، وإنفاق المال على الضعفاء والمساكين،، تراويح وتهجد،، وعمرة وزيارة،، والكل في عمل دؤوب وجهاد مستمر،، فالتوبة التوبة،، فإن أبواب الجنة الثمانية مفتحة للتائبين،، والإنابة الإنابة،، فإن أبواب جهنم موصدة تحفيزا للمنيبين،، والاستقامة الاستقامة،، فإن الشياطين مصفدة دون المستقيمين،، فهل من مشمر..
.:.:.:.:.:.:.:.
إخوتي وأخواتي في الله،، هذا الحديث وهذه الروضة،، فيها من الأمور أربعة:
1- فتح أبواب السماء:
فإن للسماء أبوابا يصعد منها العمل الصالح والكلم الطيب،، والدليل على ذلك قوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ }الأعراف40،، وقوله تعالى:{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }فاطر10،، وفتح أبواب السماء في رمضان فيه من الفوائد ما يلي:
· تنزل النفحات والرحمات الإلهية على الصائمين،، حيث يغدق الله عز وجل من الخير والفضل على الصائمين في كل يوم من أيام رمضان،، فأوله رحمة،، وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار،، ومن تقرب بخصلة من خصال الخير فيه،، فكأنما أدى فريضة فيما سواه،، ومن أدى فريضة فكأنما أدى سبعين فريضة فيما سواه،، ومن أدى فيه عمرة كان له أجر حجة تامة،، ولله تعالى عتقاء من النار،، وذلك في كل ليلة،، وفي آخر ليلة يعتق الله تبارك وتعالى من النار مثل عدد من أعتق في كل لياليه،، ومن حظي بقيام ليلة القدر،، فكأنما عبد الله خلال ألف شهر
· فتح أبواب السماء يدل على فتح مصاعد أعمال العباد،، وذلك بأن يوفقهم الله تعالى للعمل الصالح تارة،، ويتقبل منهم تارة أخرى
2- فتح أبواب الجنة الثمانية:
ففيه تنشيط وتحفيز للصائمين إلى التسابق والتنافس في الخيرات
3- غلق أبواب جهنم:
وهو يدل على صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار،، وتنزه أنفس الصائمين عن رجس الفواحش والشهوات،، فإن الصوم يقمع مكامن الشهوات،، وقد أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم الشاب الذي لا يستطيع الزواج،، وقال:(عليه بالصوم فإنه له وجاء)
4- تصفيد الشياطين:
سواء كل الشياطين أو المردة منهم،، فحتى يقل إغواؤهم لبني آدم،، لاشتغال الصائمين بالصيام وقراءة القرآن وذكر الله تعالى،، وهذا أمر محسوس،، فإن وقوع المعاصي والشرور في رمضان أقل بكثير من غيره،، وربما تكون معدومة إلى حد ما،، وخاصة عند أولئك الصائمين الذين حافظوا على شروط الصوم،، وراعوا آدابه،، وحفظوا صيامهم،، واستغلوا أيام رمضان ولياليه بالطاعات والقربات،، وإن وقعت بعض المخالفات والمعاصي في رمضان،، فإنما تقع ممن لم يراعي حرمة رمضان،، ولم يلتزم بآداب الصيام،، أو ممن نفسه خبيثة وعاداته قبيحة،، لا يحترم شعائر الله،، ولا يعظم حرمات الله،، ويكون يوم صومه ويوم فطره سواء..
.:.:.:.:.:.:.:.
أسأل الله أن يردنا إليه ردا جميلا،، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويحببنا فيه،، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا ويجعله خالصا لوجهه الكريم،، إنه ولي ذلك والقادر عليه،، ووصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد،، وعلى آله وأصحابه أجمعين..
الروابط المفضلة