هذا الموضوع تابع لموضوع الحجاب ثانية وثالثة و...
إنها الفتنة
الحمد لله والصلاة والسلام على سول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
الفتنة كما جاء في لسان العرب :
( فتن ) الأَزهري وغيره جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ والاختبار وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيِّدِ وفي الصحاح إِذا أَدخلته النار لتنظر ما جَوْدَتُه ودينار مَفْتُون والفَتْنُ الإِحْراقُ ومن هذا قوله عز وجل يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ أَي يُحْرَقون بالنار ويسمى الصائغ الفَتَّان وكذلك الشيطان ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها أُحْرِقَتْ بالنار الفَتِينُ وقيل في قوله يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ قال يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة ابن الأَعرابي الفِتْنة الاختبار والفِتْنة المِحْنة والفِتْنة المال والفِتْنة الأَوْلادُ والفِتْنة الكُفْرُ والفِتْنةُ اختلافُ الناس بالآراء والفِتْنةُ الإِحراق بالنار.
وقد وردت في القرآن بمعان كثيرة
منها الإحراق والعذاب كما قال تعالى { يوم هم على النار يفتنون } أي يحرقون ويعذبون
ومنها الشرك والكفر ولنفاق كما قال تعالى { والفتنة أشد من القتل}
ومنها الاختبار كقوله تعالى { لنفتنهم فيه } وقوله { ونبلوكم بالشر والخير فتنة }
ومنها الافتتان بالدنيا والشهوات (مال - نساء - أولاد - مناصب ...)
وقد جمع الله بين ذكر نوعين منها وهي الافتتان بالنساء وبين الكفر والنفاق كما جاء في سورة التوبة قال تعالى :
{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (49) } التوبة
وهي في المنافقين ، وذكر أهل التفسير أنها نزلت في الجد بن قيس أخي بني سلمة حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم : هل لك يا جَدُّ العامَ في جلاد بني الأصفر؟" فقال: يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبًا بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر لا أصبر عنهن. فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "قد أذنت لك".
فقد ادعى الورع وخوف الافتتان بالنساء ولكنه وقع في فتنة أشد وأخطر وهي فتنة النفاق والكفر وقد جاء الأمر مؤكداً بقوله تعالى {ألا في الفتنة سقطوا}
ومنها ما ذكره ابن كثير في تفسير آية آل عمران وهي قوله تعالى :
{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) } آل عمران
قال رحمه الله : ولهذا قال: { ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ } أي: الإضلال لأتباعهم، إيهامًا لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن.
وطرحي لهذا الموضوع هنا فيما يتعلق بالحجاب هو بالنظر إلى معنى من معاني الفتنة وهو محاولة أعداء الإسلام المنافقين واللبراليين إضلال الناس عن دينهم وإشاعة الفاحشة في اللذين آمنوا وصد الناس عن تعاليم الإسلام وتشكيكهم فيها بأساليب ماكرة وطرق ملتوية تلتبس على كثير من الناس العامة من الرجال والنساء .
بل والله التبست حتى على بعض طلبة العلم والناس الطيبين فأخذوا يرددون بعض ما يتفوه به هؤلاء .
فهي فتنة من حيث محاولة إفساد المجتمع المسلم المحافظ وصده عن دينه وإشاعة المنكر فيه
وهي فتنة للعلماء والدعاة إلى الله والأخيار الغيورين على دينهم وأعراضهم لكي يقوم كل بواجبة من مجاهدة هؤلاء بالحجة والبرهان وتوعية الناس بخطرهم.
ومما لاحظته هو قلة القراء للموضوع عندما طرحته وقلة التفاعل معه ليس لأنني أريد الثواب من الناس ولكن فسرت ذلك بأن الناس قد يظنون أن موضوع الحجاب في أمان وأنه لا حاجة لكثرة طرقه وأن الكلام فيه معروف ومكرر إلى غير ذلك مما يصلح أن يكون سبباً محتملاً .
ولكن الذي دعاني أمر أقض مضجعي غيرة على أعراضنا .
وقد تتعجبون إذا قلت إن هذه الفتنة قد وقع فيها بعض الطيبين في مجتمعنا المحلي بعد أن كنا نسمع عنا في دول أخرى .
بل إن ما كان يردده قاسم أمين (مجرد المرأة ) من الحشمة وليس محرراً لها كما يدعي اتباعه المنافقون ، أقول إن ما كان يردده من أفكار وعبارات قد تستغربون أن أقول أصبح بعض رجالنا ونسائنا يرددها بل ممن نتوسم فيهم الخير والصلاح .
وفي نظري الناس حيال الفتنة ثلاثة أقسام :
1- القسم الأول : مشعل الفتنة وموقدها ولو كان واحداً .
2- القسم الثاني : وقود الفتنة وحطبها وهو عامة المجتمع لاسيما الغوغائية منهم.
3- القسم الثالث : محاربو الفتنة وكاشفوها وهم العلماء الربانيون والدعاة والمصلحون الغيورون على دين الله .
قال الحسن البصري رحمه الله : إن الفتنة إذا أقبلت عرفها العالم ، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل .
فالعلماء هم الذين يكشفون أمر الفتنة ويعرفون حكم الله فيها ويحذرون الناس منها ، بينما عوام الناس لا يدركونها إلا بعد أن تقع ويصطلون بنارها عند ذلك يقولون : ياليتنا .
والأمثلة من التاريخ والواقع كثيرة ، بيد أني سأذكر مثالاً واحداً من السيرة النبوية
هذه الفتنة هي حادثة الإفك وقد اخترتها لأهميتها ، وقد أثارها وأشعلها عدو الله عبد الله ابن أبي ووقع فيها بعض الصحابة ، مثل حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش.
ومن الصحابة من توقف عنها وحفظ نفسه منها ومنهم أسامة بن زيد حيث قال : يا رسول الله، هم أهلك، ولا نعلم إلا خيرا.
ومنهم زينب بنت جحش حيث قالت : يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، والله ما علمتُ إلا خيرًا. قالت عائشة: وهي التي كانت تُسَاميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فعصمها الله تعالى بالورع.
فإذا كان لم يسلم من الفتنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفغيرهم أجدر بالسلامة ؟
ولذلك قال الله تعالى :
{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) } النساء
ومجتمعنا السعودي بالذات هو مقصود بهذه الحرب الشرسة والذي يعرف الواقع يدرك حقيقة ما أقول فلنا أعداء من الداخل والخارج ، وها أنتم تشاهدون وتسمعون كيف يريدون إغراقنا بوسائل التغريب المختلفة وكثرة الحديث عن المجتمع السعودي في وسائل الإعلام بطرق مختلفة منها اصطياد بعض الساقطين والساقطات وتلميعهم وتقديمهم كمثال للشاب أو الشابة السعودية فهذه طيارة وهذا راقص ومغني كما حصل في ستار أكاديمي ، ومن ذلك سعيهم الحثيث لإقحام السينما وقد خيب الله سعيهم بوقوف ولاة الأمر من العلماء والمسئولين ، ومنها أظهار المجتمع السعودي بأنه مجتمع جنسي كما حصل مؤخراً ، ومنها ما نشاهده في أسواقنا من الملابس التي كانت قبل سنوات يؤتى بها على استحياء وتوضع في زوايا بعيدة أصبحت الآن تعلق في واجهات المحلات وتطلب جهاراً نهاراً بدون استحياء .
والشاهد أننا نتعرض لهجمة شرسة ولابد أن يتنادى الصالحون والغيورون لفضح هذه المخططات ووئدها ، فليس كل المجتمع محصن ضدها ، ربما بعض نسائنا ممن يحرصون على التعلم والتربية الدينية السلمية وحضور المحاضرات والدروس ويستفدن من النصح والإرشاد ، ولكن من لم تكن كذلك فما حالها ؟
ربما تكون متحجبة اضطراراً لا اختياراً ولكن عندما تتاح لها الفرصة سينكشف هذا الخمار عن دماغ ملوث بالترهات والأفكار السقيمة التي قد تصيب بعضنا بالغثيان عندما يحاول أن يعرف ما وراء هذا الخمار ، وعند فوات الأوان ستنفجر هذه العبوة من الأفكار لتحرق ذلك الخمار كما أحرق قبل في ميدان التحرير.
فعلينا أن نفكك هذه القنابل الموقوتة قبل أن تنفجر وتدمر من يحملها .
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
الروابط السابقة :
http://www.lakii.com/vb/showthread.php?t=579486
http://www.lakii.com/vb/showthread.php?t=581724
الروابط المفضلة