المقدمة
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد عبده ورسوله...
أما بعد,
فاعلم أنه ( لا آله إلا الله )
أن أهم ما يهتم به المسلم و أعظم ما يحرص عليه ما له علاقة بأمور العقيدة و أصول العبادة إذ أن سلامة المعتقد و الأتباع عليهما المدار في قبول الأعمال و نفعها للعبد .
فهذه الرسالة اليسيرة تناولت كلمة عظيمة من أجلها خلقت الخليقة و أرسلت الرسل و أنزلت الكتب وبها أفترق الناس إلى مؤمنـين و كـفار و سـعداء أهل الجنة و أشـقياء أهل النار و لأجلها نصبت الموازين و وضعت الدواوين.
كلمة هي شفاء للصدر وبلسم للروح , و طمائنينة للنفس خاصة في هذا الزمن , و في هذا الزمن نحن أحوج ما نكون لتأكيد عقيدة للتوحيد في النفوس و التواصي على الثبات .
في زمن,, الفتن و الشهوات و الشبهات
في زمن,, الخوف و الضعف
في زمن,, العولمة و الانفتاح
في زمن,, التنويع و التنوير ،
فالدين ينقص عروة عروه, و الفتن اليوم تعرض عوداً عوداً , كلمة قضى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عاماً يدعو إليها , كلمة تتزكى بها النفوس كلمة ( لا إله إلا الله ) .
ما يحتاجه المسلم اليوم خاصة هو التزكية ( تخلية و تحليه ) يحتاج إلى تربية نفسه و ذلك باستخراج ما فيها من فساد وتغذيتها بالآية والحديث و ذلك لما وقر في قلوب الناس من محبة الدنيا والدينار و الدرهم و الإنهاك بها.
و هذا ما أكده الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عندما سـئل عن مسألة الـقبـور و توسل الناس بالصالحين و أن هذا الأمر نجده في كثير من بلاد المسلمين اليوم فأجاب رحمه الله قائلاً: { إن الذي يخشى عليهم اليوم ليس القبور و لكن هناك شرك آخر وهو محبة الدنيـا و الانهماك فيها و الأنكياب عليها فهذا النوع آخر من الشرك لقول النبي صلى الله عليه وسلم ; " تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة " فسمى النبي صلى الله عليه وسلم ; من شغف بهذه الأربعة بأنه عبد لها فهي معبودة له, أصبح الناس اليوم على إنكباب في الدنيا حتى الذين عندهم تمسك بشيء من الدين تجدهم ماتـوا جدا على الدنيـا و قـد قال النبي صلى الله عليه وسلم " و ما الفقر أخشى عليكم و غنام أن تفتح عليكم الدنيا فتـنافسوها من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم "
هذا هو الذي يخشى من اليوم أما مسألة القبور فلا يخشى منها إنما يخشى من شرك المحبة الذي يستحوذ على القلب } انتهى كلامه رحمه الله.*
فمن هذا المنطلق لن تتزكى النفوس و لن تتطهر القلوب إلا بالعلم النافع و العمل الصـالح و ذلك بالتدريب و المعالجة و الاستمرارية و مكاشفه النفس و مخاطبة القلب قال تعالى: صلى الله عليه وسلم( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت ) و الكلمة الطيبة هي ( لا إله إلا الله ) فالقلب مفطور على معرفة الرب ومحبته يعرف جملة ولكن يجهل التفاصيل هذه الجملة هذا ما أكده ابن القيم رحمه الله تعالى.
فـقـال ( فالفطر مركوز فيها معرفته و محبته و الإخلاص له و الإقرار بشرعة و إيثاره على غيره فهي تعرف ذلك و تشعر به مجملاً ومفصلاً بعض التفاصيل فجاءت الرسل تذكرها بذلك وتنبهها عليه وتفصله لها و تبينه و تعرفها الأسباب المعارضة لموجب الفطرة المانعة من إقتفانها أثرها ) انتهى كلامه رحمه الله . **
فيا أيها المربون غذوا قلوب الناس بهذه الكلمة العظيمة وعلموهم تفاصيلها , و أملئو قلبهم بمقتضى و معنى هذه الكلمة العظيمة ، فإذا أمتلئ القلب بذلك حينئذ يظهر أثر هذا على الجوارح ولهذا كان التعلق بغير الله عز وجل أثر من أثار ما كان أنعقد عليه القلب .
فهذه الرسالة فيها بيان فضائل كلمة التوحيد ومعناها و أركانها و شروطها و نواقضها و كذلك شهادة أن محمد رسول لله بآثار التوحيد في حياة الفرد و المجتمع .
أسئل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل عملي خالصاً لوجهه موافقاً لمراضاته نافعاً لعباده .
• برنامج نور على الدرب .
• ** أ هـ " شقاء العليل" (2/333).
جزاها الله خير صاحبة الموضوع أدعوا لها بالخير
الروابط المفضلة