بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم و بعد .
الموضوع : (( الـسـنـة فـيـمـا يـتـعـلـق بـولـي الأمــة )) الجزء الرابع .
فـصـل : فـي الـصـبر عـلـى جـور الأئـمـة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه مجموع الفتاوى 28 / 179 : الصبر على جور الأئمة أصل من أصول أهل السنة والجماعة .
أخرج البخاري و مسلم في صحيحهما خ 13/ 5 ، م 3 / 1477 ، عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما - ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر ؛ فإنه من فارق الجماعة شبراً ، فمات ؛ فميتةُ جاهلية )) .
قال ابن مجلزة : المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ، ولو بأدنى شيء ، فكنى بمقدار الشبر ، لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق .
جاء في كتاب الشريعة للآجري ص38 : عن عمرو بن يزيد ، أنه قال: سمعت الحسن أيام يزيد بن المهلب يقول و أتاه رهط فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ، ويغلقوا عليهم أبوابهم ، ثم قال: ( والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبورا ما لبثوا أن يرفع الله – عز وجل - ذلك عنهم ، و ذلك أنهم يفزعون إلى السيف ، فيوكلون إليه ، و والله ما جاؤوا بيوم خيرٍ قط ، ثم تلا قوله تعالى : (( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ )) .
وقيل: سمع الحسن رجلاً يدعو على الحجاج ، فقال : ( لا تفعل رحمك الله ؛ إنكم من أنفسكم أٌتيتم ، إنما نخاف إن عزل الحجاج أو مات : أن تليكم القردة الخنازير )) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فـصـل: فـي الـنـهـي عـن ســب الأمــراء
الوقيعة في أعراض الأمراء ، و الاشتغال بسبهم ، وذكر معايبهم خطيئة كبيرة ، وجريمة شنيعة ، نهى عنها الشرع المطهر ، و ذم فاعلها . وهي نواة الخروج على ولاة الأمر ، الذي هو أصل فساد الدين والدنيا معاً .
و قد علم أن الوسائل لها أحكام المقاصد ، فكل نص في تحريم الخروج و ذم أهله ، دليل على تحريم السب ، و ذم فاعله .
أخرج الترمذي في سننه 7 / 149 ، عن زياد بن كسيب العدوي ، قال : كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق ، فقال أبو بلال : أنظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق . فقال أبو بكرة : اسكت ؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (( من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله )) . حسنه الألباني في كتابه السلسلة الصحيحة 5 / 376 .
و أخرج ابن أبي عاصم في كتابه السنة 2 / 488 ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (( لا تسبوا أمراءكم ، و لا تغشّوهم ، و لا تبغضوهم ، و اتقوا الله و اصبروا ؛ فإن الأمر قريب )) . و إسناده جيد .
و أخرج البيهقي في كتابه شعب الإيمان 7 / 48 ، عن ابي الدرداء رضي الله عنه ، أنه قال : ( إن أوّل نفاق المرء طعنه في إمامه ) .
و أخرج ابن أبي الدنيا في كتابه الصمت ص 145 : عن زائدة بن قدامة ، قال : قلت لمنصور بن المعتمر : إذا كنت صائماً أنال من السلطان ؟ قال :
( لا ) قلت : فأنال من أصحاب الأهواء ؟ قال : ( نعم ) .
و أخرج ابن سعد في كتابه الطبقات 6 / 115 : عن هلال بن أبي حميد ، قال : سمعت عبد الله بن عكيم يقول : ( لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان ) . فيقال له : يا أبا معبدٍ أو أعنت على دمه ؟! فيقول : ( إني أعد ذكر مساويه عونا على دمه ) . إسناده صحيح .
فمن خالف هذا المنهج السلفي ، و اتبع هواه ، فلا ريب أن قلبه مليء بالغل ، إذ إن السباب و الشتام ينافي النصح للولاة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئٍ مسلم : إخلاص العمل لله ، و مناصحة ولاة الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين )) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل : أول مـن بـدأ بـالـطـعـن عـلـى أئـمـة الـمـسـلـمـيـن
الطعن في الأمراء تحت شعار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدعة سبئية ، ابتدأها عبد الله بن سبأ ؛ لتفريق الأمة ، و إشعال الفتن بين أبنائها ، و كان نتاج بدعته هذه : قتل خليفة المسلمين عثمان بن عفان رضي الله عنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التكملة مع الجزء الخامس إن شاء الله
و السلام عليكم وز رحمة الله و بركاته
الروابط المفضلة