(1)
* فصل :[ في علماء الدنيا و علماء الآخرة]
تأملت التحاسد بين العلماء ، فرأيت منشأه من حب الدنيا ، فإن علماء الآخرة يتوادون و لا يتحاسدون ، كما قال عز و جل : (و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتو)ا .
و قال الله تعالى
والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا) .
و قد كان أبو الدرداء : [ يدعو كل ليلة لجماعة من إخوانه ] .
و قال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي : [ أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر ] .
و الأمر الفارق بين الفئتين : أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرياسة فيها ، و يحبون كثرة الجمع و الثناء . و علماء الآخرة ، بمعزل من إيثار ذلك ، و قد كانوا يتخوفونه ، و يرحمون من بلي به .
و كان النخعي ، لا يستند إلى سارية .
و قال علقمة : أكره أن يوطأ عقبي . و يقال" علقمة" .
و كان بعضهم ، إذا جلس إليه أكثر من أربعة ، قام عنهم .
و كانوا يتدافعون الفتوى ، و يحبون الخمول ، ومثل القوم كمثل راكب البحر ، و قد خب ، فعنده شغل إلى أن يوقن بالنجاة .
و إنما كان بعضهم يدعوا لبعض ، و يستفيد منه لأنهم ركب تصاحبوا فتوادوا ، فالأيام و الليالي مراحلهم إلى سفر الجنة .[41]
الروابط المفضلة