بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد يقول الإمام احمد بن حنبل:
( إن قدر الإسلام في قلبك على قدر الصلاة عندك )
فالصلاة هي عامود الدين ،وهي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة فإذا صلحت صلح العمل كله وإذا فسدت فسد العمل كله .
وأهم ما في الصلاة هو الخشوع فيها والتذلل بين يدي خالق البرية والتمتع بمناجاته
ولكن ما هو الخشوع وكيف الوصول إليه ؟

الخشوع هو تذلل القلوب لعلام الغيوب ، فإذا خشع القلب تبعته كافه الجوارح بالخشوع ،وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يستعيذ من عدم خشوع القلب فيردد في دعائه اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع وعين لا تدمع وعمل لا يرفع ودعاء لا يستجاب له
ولكن الخشوع مطلب صعب المنال يحتاج إلى المجاهدة والاستمرار فقد قال احد الصالحين (جاهدت نفسي في الصلاة 40 سنة وتلذذت فيها 40 سنة)
ولباب الخشوع عشرة مفاتيح إن وجدتها في قلبك قبل جوارحك تحققت لك متعة من أعظم المتع وانفعها :

1- اعلم انه قلما تجتمع الجودة مع السرعة فإذا أردت صلاة صحيحة قلبك فيها خاشع مستمتع بمعية الله فيجب أن تؤديها بتمهل وتروي تتم كل ركن من أركانها وتعي كل كلمة تقوله فيها، فأنت مع رب الأرباب ومسبب الأسباب فكيف تستعجل بالانصراف عنه .

2- التنويع أساس الصلاة الخاشعة فاحرص على التنويع بالأذكار والأدعية والسور التي تقرأها في صلاتك، فمتى ما اعتادت النفس على نفس السور والأذكار شت الفكر وذهب التركيز والخشوع، فاللسان تعود على الكلمات والعقل لم يعد يتدبر الآيات، والإنسان ملول بطبعه فإذا مل الإنسان في صلاته انتهز الشيطان هذه الفرصة ليسرق منه بعضها .

3- سرعة التلبية انفع للقلب فلبي النداء للصلاة متى ما سمعته وإلا رفعت عنك المعونة من الله فأصبحت الصلاة ثقيلة، وتهيأ للصلاة حتى قبل الأذان فتكون الثمرة التي تجنيها أينع والأجر أكبر فلا يستوي المتهاون والمسارع في التلبية.

4- السرعة والبطء لا تخلوا حياة كل مسلم من مشاغل وتكاليف دنيوية قد تشغل عقله وتفكيره واعلم أن الدين يسر وليس بعسر فمتى ما شعرت بالإشغال تجتمع عليك وان عندك عمل مهم أو موعد مهم أسرع في صلاتك قليلا دون أن تضيع أركانها أو تقصر في سننها بل اعمد إلى السور القصير والأذكار البسيطة مع التدبر والخشوع حتى لا يشغل الشيطان فكرك بالموعد أو العمل وانتهز الفرص والأوقات التي تكون فيها غير مشغول واستمتع بقراءة السور والأذكار الطويلة في صلاتك وبذلك توازن بين دنياك وصلاتك فلا تشغلك الدنيا عن التمتع بمعية الله .

5- احرص على حفظ اكبر قدر من الأذكار والأدعية الواردة عن الرسول عليه الصلاة والسلام حتى تستعملها في صلاتك وتنوع بينها واستشعر عند ذلك معية الرسول عليه الصلاة والسلام وبأنك تردد كلامه وما كان يدعي به في صلاته.

6- حتى تتعود على التدبر والخشوع في صلاتك ابدأ بصلاة الليل فجوف الليل ادعى للخشوع لما فيه من السكون والابتعاد عن صخب الدنيا ومشاغلها فيصفو الذهن ويخلو القلب ويرتاح البدن ، كما أن الله عز وجل ينزل بجلاله للسماء الدنيا فيستجيب للدعاة ويغفر للمذنبين، فقيام الليل هو أكثر عبادة يتجلى بها الإخلاص لأنك تكون بمفردك لا يراك احد.

7- حطم يأسك فلا تقول إنني حاولت ولكنني لا استطيع الخشوع في الصلاة ومن أنا من الصحابة والصالحين الذين كان أعينهم تفيض من الدمع عند كل سجود واعلم أن الخشوع من الإيمان والإيمان يزيد وينقص، يزيد بالعلم النافع والعمل الصالح فإذا شعرت بفتور في خشوع فلا تيأس واعلم أن ذلك مما جبل الإنسان عليه بل اجتهد وثابر على الارتفاع بمستوى إيمانك وخشوعك بارتياد مجالس العلم والذكر وبالإكثار من الصدقات والأعمال الصالحة.

8- الإنسان والإيمان بين مد وجزر فاستفد من الأوقات التي تشعر فيها بارتفاع إيمانياتك وازدياد خشوعك بالإكثار من الصلوات والسنن والنوافل والطاعات حتى تكون لك ذخرا عند نقصان الإيمان ونزول الهمة واقصر في صلاتك في أوقات الجزر دون خلل فيها حتى لا تدخلها الغفلة فذهن حاضر وخشوع في 5 دقائق خير من ذهن شارد وعقل غافل في 20 دقيقة .

9- لا تدخل صلاتك وذهنك مشغول في ولد أو عمل كنت تقوم به فاحرص على أن تنتهي من الأشغال والأعمال المهمة قبل الدخول في صلاتك واحرص على الانتهاء من المكالمات التي تريد أن تجريها الأوامر التي تريد أن تعطيها قبل الدخول إلى الصلاة وابعد عنك كل ما قد يشغل ذهنك ويشتت فكرك في صلاتك فلا تضع بجانبك هاتف نقال أو ساعة تنظر إليها كل حين ولا تصلى بالقرب من التلفاز بل فرغ قلبك وذهنك لمناجاة رب العزة والتذلل بين يديه .

10- كن طموحا وارفع سقف تطلعاتك وكن حريصا على رفع مستوى خشوعك في الصلاة فان لم تستطع على الزيادة فحافظ على المستوى الذي أنت عليه وإلا فسوف يسرق الشيطان خشوعك وليكن طموحك أن تكون الاخشع لا أن تكون خاشع

اللهم إني أسألك قلبا خاشعا وطرفا دامعا وعملا متقبلا ودعاء مستجابا
اللهم أحسن وقوفي بين يديك ولا تخزني يوم العرض عليك

جزاك الله خيرا كثيرا على حسن التذكرة.
اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع وعين لا تدمع وعمل لا يرفع ودعاء لا يستجاب له

جزاك الله خير الجزاء