قال الامــــــــــام ابن القيم _ رحمه الله _:
فاما قصر الامل : فهو العلم بقرب الرحيل و سرعة انقضاء مدة الحياة وهو من انفع
الامور للقلب فانه يبعث علي معافصة الايام ( مبادرتها بالاعمال ) و انتهاز الفرص التي
تمر مر السحاب و مبادرة طي صحائف الاعمال و يثير ساكن عزماته الي دار البقاء و يحثه
علي قضاء جهاز سفره و تدارك الفارط و يزهده في الدنيا و يرغبه في الاخرة .
فيقوم بقلبه _ اذا داوم مطالعة قصر الامل _ شاهد من شواهد اليقين . يريه فناء الدنيا
و سرعة انقضائها . وقلة ما بقي منها و انها قد نرحلت مدبرة و لم يبق منها الا صبابة
كصبابة الاناء يتصابها صاحبها و انها لم يبق منها الا كما بقي من يوم صارت شمسه
علي رؤوس الجبال و يريه بقاء الاخرة و دوامها و انها قد ترحلت مقبلة
و قد جاء اشراطها و علاماتها و انه من لقائها كمسافر خرج صاحبه يتلقاه فكل
منها يسير الي الاخرة فيوشك ان يلتقيا سريعا .
و يكفي في قصر الامل قوله تعالي : (( افرايت ان متعنا هم سنين* ثم جاءهم ما
كانوا يوعدون* ما اغني عنهم ما كانوا يمتعون )) وقوله تعالي : (( و يوم يحشرهم
كان لم لم يلبثوا الا ساعة من النهار يتعارفون بينهم )) و قوله تعالي : ((كانهم يوم
يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها )) و قوله تعالي : (( قالوا لبثنا يوما او بعضا يوم
فاسال العادين* قال ان لبثتم الا قليلا لو انكم كنتم تعلمون )) و قوله تعالي : (( كانهم
يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون ))
و قوله تعالي: (( يتخافتون بينهم ان لبثتم الا عشرا *-نحن اعلم بما يقولون اذ يقول
امثلهم ان لبثتم الا يوما ))
و خطب النبي صلي الله عليه وسلم علي رؤوس الجبال فقال(انه لم يبق من
الدنيا فيما مضي منها الا كما بقي من يومكم هذا فيما مضي منه ))اخرجه الترمذي
ومر رسول الله صلي الله عليه وسلم ببعض اصحابه وهم يعالجون خصا لهم قد
وهي فهم يصلحونه فقال لهم : (( ما هذا )) . قالوا خص لنا قد وهي فنحن نعالجه
فقال: (( ما اري الامر الا اعجل من هذا )) اخرجه الترمذي
و قصر الامل بناؤه علي امرين :
تيقن زوال الدنيا و مفارقتها و تيقن لقاء الاخرة و بقائها و دوامها ثم يقايس بين الامرين
و يؤ ثــــــــــــــــــــــر اولاهما بالايثار
مـــــــــــــدارج السالكين _ ابن القيم الجوزية
***********************************************
رد مع الاستدلال
كتبت بواسطة ياسمينة ..
الروابط المفضلة