بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الخطبة كتبها زوجي وألقاها يوم الجمعة وهي تتحدث عن أحداث فلسطين
الخطبة الأولى: إنَّ الحمدَ لله، نحمَده ونستعينه ونستغفِره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلِل فلا هاديَ له، وأشهَد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهَد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلّم تسليمًا كثيرًا. مِن أين أبدأ؟ وماذا أقول؟ والأمة تنزف دما، وأرض الله المباركة تئنّ تحت وطأة اليهود، تلك الأرض التي باركها الله تعالى، حيث قال (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) وسمّاها بالأرض المقدّسة، حيث قال موسى لقومه (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) لا يدري ماذا يقول المسلم وبماذا يبدأ والمجازر الدموية على أرض فلسطين قد تعدت الشيوخ والنساء والآمنين حتى وصلت الأطفال الصغار ممن هم في سن الرابعة ونحوها. والعالم كله يتفرج، وكأن الأمر لا يعنيه. ولا يخفى على ذي قلب ما يتعرض له إخواننا في القدس وفلسطين وهم يذودون عن حياض الإسلام ومقدساته، وكيف يتعرضون للقتل بوحشية وهمجية من اليهود المعتدين، والعالم كله شرقاً وغرباً في موقف المتفرج الذي يلوم المعتدى عليه، ولا يجرؤ أن يعاتب المجرم. ولا شك أن الأمة تجني ثماراً نكدة تحصدها اليوم، يوم أن تخلت عن عزتها وكرامتها. أيها المسلمون، إن جُرح فلسطين أعظم جرح، وكارثتها أعظم الكوارث، أرض فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم بل هي للمسلمين جميعاً، هي أمانة في أعناقهم، فهي ميراث نبيهم، والطفل الفلسطيني ينادي ويصيح ألما وشدّة وحسرة: فلسطيني أنا اسمي فلسطيني، نقشت اسمي على كل الميادين، بخط بارز يسمو على كل الميادين، حروف اسمي تلاحقني، تعايشني، تغذيني، تبث النار في روحي وتنبض في شراييني، جبال النهر تعرفني مغاورها وتدريني، بذلت الطاقة الكبرى وقلت لأمتي كوني، صلاح الدين في أعماق أعماقي يناديني، وكل عروبتي للثأر للتحرير تدعوني، وراياتي التي طُويت على رَبَوَاِت حِطّيني، وصوت مؤذنالأقصى يُهيب بنا أغيثوني، وآلاف من الأسرى وآلاف المساجين، تنادي الأمة الكبرى وتهتف بالملاين، تقول لهم إلى القدس إلى قبة الدين، إلى حرب تدكّ الظلم تزهق روح صهيوني، وترفعفي سماء الكون أعلام فلسطيني، وتهدر كلِمَتي تمضي فلسطيني، فلسطينيفلسطيني انا اسمي فلسطيني
نقشت اسمي على كل الميادين
بخط بارز يسمو على كل العناوين
حروف اسمي تلاحقني، تعايشني، تغذيني
تبث النار في روحي وتنبض في شراييني
جبال النهر تعرفني مغاورها وتدريني
بذلت الطاقة الكبرى وقلت لامتي كوني
صلاح الدين في اعماق اعماقي يناديني،فلسطيني. أيها المسلمون، يقول الرسولe: (لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على لله من أن يراق دم امرئ مسل). وفي رواية: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم) رواه الترمذي والنسائي. وبالرغم من غلاء دم المسلم فإن المجازر باتت تقام للمسلمين في كل مكان، وأصبح الدم المسلم رخيصاً لا يقام لإراقته وزن. وإن العالم كله من أقصاه إلى أقصاه لا يكاد يغمض عينيه حتى يفتحها على هول المأساة التي يعيشها المسلمون على أرض فلسطين. سئل صلاح الدين الأيوبي ذات يوم: لماذا لاتضحك ؟ فأجاب بعبارته التي سجلها التاريخ: وكيف أضحك والأقصي أسير؟ ولم يُرى الناصر صلاح الدين يضحك قط، إلا حينما حضرته الوفاة، وبعد أن حررالقدس وبيت المقدس وهو على فراش الموت إبتسم وقال: الآن أضحك. أيها المسلمون، لقد بلغ السيل زُباه، والكيدُ مداه، والظلم منتهاه، والظلم لا يدوم ولا يطول، وسيَضمحلّ ويزول، والدهر ذو صرفٍ يدور، وسيعلم الظالمون عاقبة الغرور. أين الذين استمتعوا بالثروة والقوة، من الأمم الظالمة الغابرة؟ لقد نزلت بهم الفواجع، وحلّت بهم الصواعق والقوارع، فهل تعي لهم حِسًّا، أو تسمَعُ لهم ركزاً؟ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِe(إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ) قَالَ ثُمَّ قَرَأَ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ). وإنَّ ما أصاب المسلمين من التخلّف والتقهقر والضعف والتأخر ونزع المهابة والهوان والعدوان إنما هو عاقبة الفسوق والعصيان، عَنْ ثَوْبَانt قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِe(يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) فلقد باع المسلمون أنفسهم في سوق المزاد، واشتراها منهم أعداء الله بثمن بخس، وأصبحت دماء المسلمين تجري في كل مكان. أمّةَ الإسلام، أمةُ محمدe أمةٌ مرحومة، أمة منصورة، أمة معصومةٌ أن تجتمع على خطأ وباطل، أمةٌ اختارها الله، فجعلها خير الأمم وأفضلَها، وجعل غيرَها تابعاً لها، فهي أمةٌ متبوعة، لا أمة تابعة لغيرها، (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) أمةٌ منصورة، وحقاً إن النصرَ مضمونٌ لها، ولكنه مشروط بنصرةِ دين الله، قال الله تعالى (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) والناصر لله هو الناصر لدينه، المقيم لشرعه، المحكِّم له، العالِمُ به، فهذا هو الناصر لدين الله جل وعلا. وهذا النصر له علاماتٌ واضحة، وقد بيَّن الله في هذه الآية أسبابَ النصر بقوله (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) فالمنفِّذون لفرائض الإسلام والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر هم الذين ينالهم نصر الله وتأييدُه، ويقول جل وعلا مخبراً عبادَه المؤمنين بأسباب نصره لهم بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) فنصرُ الله مشروط بأن ينصرَ المسلمون ربَّهم، بأن ينصروا دينَه، وينصروا شريعتَه، ويقوموا بها علماً وعملاً، فإذا قاموا بذلك تحقَّق وعدُ الله، قال الله تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ) عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الخطبة الثانية: الحمد لله جعل قوة هذه الأمة في إيمانها، وعزها في إسلامها، والتمكين لها في صدق عبادتها، أحمدُه سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله, دعا إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم, صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه, كانوا في هذه الأمة قدوتها ومصابيحها, والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا. أما بعد عباد الله إن أمة الإسلام تعيش فرقةً واختلافاً وتبايناً في الآراء مما مكَّن الأعداء من مرادهم، فليحذر المسلمون ذلك، وليتقوا الله، وليصحِّحوا أوضاعهم، وليعلموا أنه لا نجاة لهم من عدوهم ومكائد عدوهم إلا برجوعٍ إلى الله، وتمسك بدين الله، واعتصامٍ بحبل الله، وتعاون على البر والتقوى ( فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ ) إن أمة الإسلام اليوم في بلاء وامتحان، وما ذاك إلا بإعراضهم عن دين الله (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فعدو الإسلام إذا قوبل بالإيمان الصادق والعزيمة الصادقة والإخلاص لله فإنه أذلّ خلق الله، قال الله تعالى عن اليهود (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) وإذا تمسَّكت الأمة بدينها حقَّ التمسك، وربَّت أبناءَها على هذا الدين علماً وعملاً، وقامت بما أوجب الله فالنصر من الله آت، قال تعالى (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وقال جل وعلا (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) لمن المشتكى؟ لله المشتكى. إلاهنا ليس لنا رب سواك فندعوه، وليس لنا إلاه غيرك فنرجوه.
اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا وهواننا على الناس، يا أرحم الراحمين أنت ربّالمستضعفين وأنت ربنا، إلى من تكلنا إلى بعيد يتجهمنا؟ أو إلى عدو ملكته أمرنا، إن لميكن بك غضب علينا فلا نبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لنا، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت لهالظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علينا غضبك أو أن ينزل بنا سخطك، لكالعتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين اللهم أعل بفضلك كلمة الحق والدين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدe وعبادك الصالحين.
اللهم أهلك الكفرة والمشركين اللهم اجمع شملنا، ووحد كلمتنا، وألف بين قلوبنا، وأزل الغلّ من صدورنا، وانصرنا على أعدائك يا رب العالمين.
اللهم طهر مقدسات المسلمين، اللهم عليك بالصهاينة المعتدين، والصليبين الحاقدين، اللهم إنهم قد طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، اللهم صبّ عليهم سوط عذاب، اللهم صبّ عليهم سوط عذاب، اللهم بدّل خوفنا آمنا، وبدّل هزائمنا نصرا وبدّل فرقتنا وحدة، وبدّل ضعفنا قوة يا رب العالمين.
اللهم ارحم أمتنا، واجبر كسرنا، وتولّ أمرنا، وفك أسرنا، وتوفنا وأنت راض عنا، اللهم عليك بالمجرمين المتآمرين على المسلمين فإنهم لا يعجزونك، اللهم من أراد بالمسلمين خيرًا فأعنه عليه، ومن أراد بهم شرا فخذه أخذ عزيز مقتدر، اللهم انتقم من أعدائك، وانصر المسلمين عليهم..
اللهم احفظ لي زوجي وأولادي
الروابط المفضلة