عثمان بن مضعون رضي الله عنه ( نبذة موجزة )
مولده :

وُلِدَبمكةالمكرمة

من هو :

هو أبو السائب – كنيته – واسمه عثمان بن مظعون بن حبيب أخو النبي عليه الصلاة و السلام من الرضاعة . عُرِف بحسن الخلق ورجاحة العقل ، وأبوه مظعون بن حبيب بن وهب، وأمه سخيلة بنت العنبس.و ابن مضعون عد من حكماء العرب حرم على نفسه في الجاهلية شرب الخمر، متعللا بقوله:لا اشرب شرابا يذهب عقلي،ويضحك بي من هو ادنى مني . وبقي على قراره الى ان بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فكان اسلامه بعد 13 رجلا وعمره 30 عاما بمعنى انه كان من اوائل الذين استجابوا الى نداء الحق ، قبل أن يتخذ النبي صلى الله عليه وآله من دار الارقم قاعدة للدعوة والتعليم والاجتماع .

ما قيل فيه :
قال فيه النبي بعد وفاته : أما عثمان فقد جاءه والله اليقين، إني لأرجو له الخير، والله ما أدري - وإني رسول الله - ما يفعل بي . وقال أيضا : رحمك الله يا عثمان, ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك وقال عبدالله بن عباس : إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت فرأيت دموع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسيل على خد عثمان بن مظعون .
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عنه :
كان لي فيما مضى أخ في الله، وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه،وكان خارجا من سلطان بطنه،فلا يشتهي ما لا يجد،ولا يكثر إذا وجد،وكان أكثر دهره صامتا،فإنّ قال بد القائلين،ونقع غليل السائلين،وكان ضعيفا مستضعفا،فإن جاء الجِد فهو ليث غاب،وصِل واد،لا يدلي بحجة حتى يأتي قاضيا،وكان لا يلومُ أحدا على ما يجد العذر في مثله،حتى يسمع اعتذاره،وكان لا يشكو وجعاً إلا عند برئه، وكان يفعل ما يقول،ولا يقول ما لا يفعل،وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على السكوت،وكان على ما يسمع أحرص منه على أن يتكلم،وكان إذا بدهه أمران،نظر أيّهما أقرب إلى الهوى فخالفه،فعليكم بهذه الأخلاق فالزموها وتنافسوا فيها،فإن لم تستطيعوها،فاعلموا أنّ أخذ القليل خيرٌ من ترك الكثير.

سيرته :
لقي عثمان بن مضعون بعد اسلامه اذى كثيرا من قومه على الرغم من كونه سيدا فيهم، واشتد عليه الامر ومن كان معه الى أن أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وآله في الهجرة إلى الحبشة فكان أميرا على من خرج معه . حين أشيع الخبر الكاذب باسلام قريش رجع مع من رجع إلى مكة و باكتشافهم الكذبة دخل كل مسلم بجوار أحد زعماء قريش. و دخل عثمان بجوار الوليد بن المغيرة. ورأى ما يحدث للمسلمين من اضطهاد وتعذيب، بينما هو يمشى آمنًا ولا يتعرض له أحد من المشركين بسوء، فوقف مع نفسه قائلاً: والله إن غدوّي ورواحي آمنًا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من الأذى والبلاء ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي، ثم ذهب إلى الوليد وردَّ عليه حمايته، وقال له: يا أبا عبد شمس، قد وفت ذمتك، فرددت إليك جوارك، فقال له الوليد: ولِمَ يا بن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟ فقال: لا، ولكني أرضي بجوار الله عز وجل ولا أريد أن أستجير بغيره.
فقال له الوليد: إذن فهيا أردد عليَّ جواري علانية أمام أهل مكة كما أمنتك علانية، فانطلقا حتى وصلا إلى المسجد الحرام، ووقف الوليد، ونادى على الناس بصوت عال، فرد عليه عثمان جواره وقال: قد وجدته وفيًّا كريمًا، حافظًا للجوار، ولكنى أحببت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره.
كان من أول العائدين الى مكة ومنها هاجر إلى المدينة واشترك في غزوة بدر الكبرى وأبلى فيها بلاء حسنا فقتل أوس بن المغيرة بن لوذان وأسر حنضلة بن قبيصة بن حذافة.
آخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين أبي الهيثم التيهان،وكان رجلا جليل القدر من ندرة عنصر عثمان بن مضعون،شهد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم مشاهده كلها،ثم كان بعد ذلك مع علي عليه السلام وكانت شهادته سنة 37 للهجرة في صفين،ولو كان ابن مضعون حيا لما تخلف عن ركب الخلص لولاية علي عليه السلام،وفدائه بالنفس والمال والولد.
كان عثمان رضوان الله عليه من أشد الناس اجتهادا في العبادة،يصوم النهار ويقوم الليل،ووصل به الحد في العبادة أنّه ترك وتجنّب الشهوات بالمرة،واعتزل النساء،حتى روي:أن زوجته دخلت على نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم،فرأينها سيئة الهيئة،
فقلن لها:ما لكِ؟فما في قريش أغنى من بعلك.قالت: ما لنا منه شيء،أما ليله فقائم،وأما نهاره فصائم،فدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم،فذكرن ذلك له ، فلقيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: أما لك بي أسوة ؟ قال:بأبي وأمي وما ذاك؟ قال:تصوم النهار وتقوم الليل؟ قال:إني لأفعل،قال:لا تفعل،إن لعينيك عليك حقا،وإنّ لجسدك حقا،وإن لأهلك حقا، فصلِ ونم وصم وافطر .
وفي رواية:يا عثمان لم يرسلني الله بالرهبانية،ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة،أصوم وأصلي،وألمس أهلي،فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي،فمن رغب عن سنتي فليس مني،وأنزل الله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون. نزلت عدة آيات فيه : منها (و استعينوا بالصبر و الصلاة و انها لكبيرة الا على الخاشعين الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم ). (يا ايها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم و لا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين.).

مما يؤثر عنه :
ذات يوم، كان أهل مكة يجتمعون على الشاعر العربي لبيد ابن ربيعة لينشدهم الشعر، فدخل عليهم عثمان، فسمعه يقول:ألا كل شيء ما خلا الله باطل . فقال عثمان بن مظعون : صدقت، فقال لبيد: وكل نعيـم لا محــالة زائـــل
فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول، فغضب لبيد وقال: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذي جليسكم، فمتى حدث فيكم هذا؟
فقام رجل من المشركين إلى عثمان، وضربه على إحدى عينيه ضربة شديدة أوجعته وأصابت عينه بضرر شديد، ورأى الوليد بن المغيرة ما حدث لعثمان بن مظعون، فقال: أما والله يابن أخي إن كانت عيناك عما أصابها لغنية، لقد كنت في ذمة ومنعة.
فقال عثمان : بلى والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى ما أصاب أختها في سبيل الله، وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر، يا أبا عبد شمس. فقال الوليد: هلمَّ يابن أخي فَعُدْ إلى جواري، فقال عثمان: لا.

وفاته :
نصّ كثير من المؤرّخين : على أنّ عثمان بن مظعون أول من مات بالمدينة من المهاجرين ، وذلك بعد أن شهد بدراً ، أي في السنة الثانية من الهجرة كان أول من مات بالمدينة من المهاجرين , و هو أول من دفن بالبقيع .