من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه
كان موالي بلال يأخذونه فيضجعونه في الشمس، ثم يأخذون الحجر العظيم فيطرحونه على بطنه، ويعصرونه، ويقولون: دينك اللات والعزى؟ فيقول: ربي الله، ويقول: أحد أحد، وقال: والله لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم لقلته اقال: فمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقالوا: يا أبا بكر، ألا تشتري أخاك في دينك؟! قال: فاشتراه بأربعين أوقية فأعقته، فلما كان العشي وراحوا، قالوا: ألا تعجبون من أبي بكر اشترى بلالاً بأربعين أوقية منا، والله لو أبي إلا أوقية واحدة لبعناه. فقال أبو بكر رضي الله عنه: لو أبيتم إلا كذا وكذا لاشتريته.
*********************************
*************************************
عن عروة بن الزبير رضي الله عنه، قال: سألت عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم،
قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه، فخنقه به خنقاً شديداً،
فجاء أبو بكر رضي الله عنه، حتى دفعه عنه،
فقال: (أَتَقتُلونَ رَجُلاً أَن يَقولَ رَبِيَّ اللَه؟! وَقَد جاءَكُم بِالبَيناتِ مِن رَبِكُم).
أخرجه البخاري
*****************************
**********************************
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات
وأبو بكر بالسنح فقام عمر رضي الله عنه يقول: والله! ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالت: وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذلك، وليبعثنه الله، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم.
فجاء أبو بكر رضي الله عنه فكشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبله،
وقال: بأبي أنت وأمي، طبت حياً وميتاً، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً.
ثم خرج، فقال: أيها الحالف على رسلك.
فلما تكلم أبو بكر رضي الله عنه جلس عمر رضي الله عنه.
فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه،
وقال: ألا من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله عز وجل حي لا يموت، وقال: (إِنَكَ مَيتٌ وَإِنَهُم مَيتون)،
وقال: (وَما مُحَمَدٌ إِلّا رَسولٌ قَد خَلت مِن قَبلِهِ الرُسُلُ أَفَإِن ماتَ أَو قُتِلَ اِنقَلَبتُم عَلى أَعقابِكُم وَمَن يَنقَلِب عَلى عُقبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللَهُ شَيئاً وَسَيَجزي اللَهُ الشاكِرينَ)،
قال: فنشج الناس يبكون.
قال: واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة،
وقالوا: منا أمير ومنكم أمير. فذهب إليهم أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما، وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم، فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا إني كُنتُ قَد هَيأت كَلاماً قد أعجبني، خشيت أن لا يبلغه أبو بكر.
ثم تكلم أبو بكر رضي الله عنه، فتكلم أبلغ الناس،
فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء،
فقال حباب بن المنذر: لا والله! لا نفعل، منا أمير ومنكم أمير.
فقال أبو بكر: لا، بل نحن الأمراء وأنتم الوزراء، هم أوسط العرب داراً، وأعذبهم أحساباً، فبايعوا عمر، أو أبا عبيدة.
فقال عمر رضي الله عنه: بل نبايعك أنت. فأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذ بيده فبايعه، وبايعه الناس.
فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة. فقال عمر: قتله الله.
وقال عبد الله بن سالم، عن الزبيدي، قال عبد الرحمن بن القاسم، أخبرنا القاسم؛ أن عائشة رضي الله عنها قالت: شخص بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (في الرفيق الأعلى) - ثلاثاً - . وقص الحديث.
قالت: فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها، لقد خوف عمر الناس؛ وإن فيهم لنفاقاً، فردهم الله بذلك، ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدي وعرفهم الحق الذي عليهم، وخرجوا به يتلون: (وَما مُحَمَدٌ إِلّا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُسل.. إلى قَوله: الشَاكِرينَ).
أخرجه البخاري
تم بحمد الله
الإنتهاء من سلسلة
"تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصدِّيق"
السلسلة التالية راح تكون تكملة لفضائل أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه بعنوان
الروض الأنيق في فضل الصدِّيق / للحافظ جلال الدِّين السيوطي
الروابط المفضلة