بسم الله الرحمن الرحيم
إن توقير الله عز وجل وتعظيمه في النفوس فرض عين على كل مسلم، وهو مما ينبغي أن نعلّمه أولادنا حتى يخالط لحمهم ودمهم وعظمهم، وليس المقصود أن نعلمهم أسماء الله عز وجل الحسنى وصفاته العلى فيحفظونها فحسب، ولا أن يثبتوا لله عز وجل ما أثبته لنفسه وما أثبته له نبيه عليه السلام وينفوا عنه ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه نبيه عليه السلام فحسب، بل لابد مع ذلك من زرع آثار وأحكام هذه الأسماء والصفات في النفوس كي تتشربها وتعيش بها، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: «فالمؤمن يعلم أحكام هذه الصفات وآثارها وهو الذي أريد منه»، أما أن يعلم المرء أن الله عز وجل هو الرزاق ثم يخشى أن يقول كلمة الحق كي لا يُقطع رزقه، وأما أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية ثم هو يعصيه سراً خشية أن يطلع عليه الناس، وأما أن يلتزم بالقانون خشية العقوبة ثم هو لا يخشى أن يقع في المعاصي فليس هذا من تمام توقير الله سبحانه وتعالى في شيء.
فتوقير الله عز وجل وتعظيمه ليست كلمات مجردة تتحرك بها الألسن بلا وعي أو فهم، وليست حركات مجردة يؤديها المرء في عباداته الظاهرة بلا روح، بل ملاك الأمر ما يقوم في القلب تجاه هذا الرب العظيم ويصدقه اللسان وباقي الأركان، فمن تحقق ذلك في نفسه فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ونحن لا نملك إلا أن نعيد عليه تلك الصيحة النبوية المدوية المترددة عبر القرون، عساه يفيق من سكرته:
{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً}
بقلــم
أ.د. ناصر العمر
الروابط المفضلة