إن لحظات الوداع لحظاتٌ لا تُنسى ..، ولوعتها لوعةٌ لا تبلى .. حرقة الوداع تُلهب الأحشاء ..، ودموعه تحرق الوجنات بحرارة العبرات ..
وإن رمضان آذن بوادع ..، وكم هي شاقة هذه الكلمة ( وداع ) ..
وقد اعتاد كثيرٌ من أبنائه الصلاة مع جماعة المسلمين ..
فيا من أَلِف الحق .. تمسك به هُديت ..، واستمر عليه .. نعم اجعل رمضان كقاعدة تنطلق منها للمحافظة على الصلاة في باقي الشهور .. نعم اجعل رمضان منطلقاً لترك الذنوب والمعاصي .. عَلَّ الله جل وعز أن يغفر لك بما قدمت ..، وإياك ثم إياك أن تكون من عُباد رمضان ..
ويا من صام بطنه .. تذكر إخواناً لك في رمضان ، وغيره يبيتون على الجوع والعُري .. ولا يجد أحدهم ما يسدُّ به جوعته ، ولا فاقة عياله .. تذكر أنهم ينتظرون منك .. نعم .. منك أنت ومن أمثالك من يُمدُّ لهم يد العون ، والمساعدة ..
ويا من صامت أذنه في رمضان عن سماع ما يحرم من القول ، وما يُستقذر .. من سماع غيبة ..، أو نميمة ..، أو غناء ..، أو لهو .ز اتق الله ..، و لا تعد ..، اتق الله ، ولا تعد ..
فيا من صام لسانه في رمضان عن الغيبة والنميمة والكذب واصل مسيرتك ..، وجُدَّ في الطلب .. ويا من صامت عينهُ في رمضان عن النظر المحرم .. غُض طرفك ما بقيت .. يورث الله قلبك حلاوة الإيمان ما حييت ..
رحل ضيفنا الحبيب سريعاً ..بعد أن كان مؤنسنا في أجمل ليالي العمر ..

رحل شهر رمضان الحبيب ..وترك بصمات لا تنسى في عاداتنا اليومية ..


فقد كثرت الصدقات ،، وتفقد الناس الأيتام ،، ووصل كل ذي رحمٍ رحمه ،، وامتلأت البيوت بقراء القرآن الكريم ،، وارتفعت الأكف بالدعاء ... وأحس الناس بمعنى الجوع والعطش معنوياً ومادياً ..وغيرها الكثير الكثير من يوميات المؤمن في رمضان !!


وماذا بعد ؟!!

هل ترحل هذه اليوميات الجميلة بعطر العبادة والتقرب من الله ؟!!

هل أغلقت مصحفك إلى رمضان القادم ؟!!

هل ستختلق الأعذار لعدم زيارة أختك ؟ أمك ؟ عمك ؟! أقاربك ؟!!

هل ستتعذر بقلة ذات اليد والفقر إن طلب فقير مساعدتك ؟!!

هل ستنسى طريقك إلى المسجد ؟!! وسيدفعك الكسل إلى الصلاة في البيت ؟!! ومن يدري لعلك تصليها قضاءً ؟!!


....


هل ستحافظ على هذه الأخلاق الرمضانية الجميلة وهذه اليوميات التي قضيتها ( شهراً ) في حمى الرحمن ؟!!


هل ستحافظ عليها طيلة العام ؟!!

فلقد دار الدهر دورته ..، ومضت الأيام تلو الأيام ..، وإذا بشهرنا تغيض أنواره .. وتبلى أستاره .. ويأفل نجمه بعد أن سطع ..، ويُظلم ليله بعد أن لمع .. ، ويُخيم السكون على الكون .. بعدما كان الوجود كل والوجود يستعد ، ويتأهب للقاء هذا الضيف الكريم ..
أنا لا أدري وأنا أرقم هذه الجمل .. أأهنيكم بحلول عيد الفطر المبارك ..، أم أعزيكم بفراق شهر العتق والغفران ..