هل تستبدل مليون جنيه بما تملك؟؟
ما أكثر النعم التى بين أيدينا و إن غفلنا عنها !
أقليل ان يخرج الإنسان من بيته وهو يهز يديه كلتيهما ويمشى على الأرض بخطوات ثابتة و يملاء صدره بالهواء فى أنفاس رتيبة عميقة ويمد بصره إلى افاق الكون فتنفتح عيناه على الأشعة المنسابة وتلتقط آذانه ما يموج به العالم من حراك الحياة و الأحياء ؟
إذا كنت فى ذهول عما أوتيت من صحة فى بدنك وسلامة فى أعضائك فاصح على عجل .. وذق طعم الحياة الموفورة التى اتيحت لك واحمد الله على هذا الخير الكثير الذى حباك اياه.
ألا تعلم ان هناك خلقا ابتلوا بفقد هذه النعم ؟
من الخطأ أن تحسب رأس مالك هو ما اجتمع لديك من ذهب وفضة إن رأس مالك الاصيل جملة المواهب التى سلحك الله بها من ذكاء وقدرة وحرية وفى طليعة المواهب التى حصى عليك
والغريب ان أكثر الناس يزدرون هذه الثروة التى يمتلكونها لا يشركهم أحد فيها أو يزاحمهم عليها وهذا الازدراء يستحق التنديد والمؤاخذة
قال ديل كارينجى :
"أتراك تبيع عينيك فى مقابل مليون دولار ؟
كم من الثمن تظن يكفيك فى مقابل ساقيك أو سمعك ؟ أو أولادك أو أسرتك ؟"
احسب ثروتك من هذه المواهب الغالية ثم اجمع أجزاءها وسوف ترى أنها لا تقدر بالذهب الذى جمعه ال" روكفلر" و ال" فورد" . بيد ان البشر لا يقدرون هذا كله
أننا كما قال فينا شوبنهور:"ما أقل تفكيرنا فيما لدينا وما أكثر تفكيرنا فيما ينقصنا "
يروى أن الرشيد قال لابن السماك : عظنى – وقد أتى بماء ليشربه –
فقال : يا أمير المؤمنين لو حبست عنك هذه الشربة أكنت تفديها بملكك ؟
قال : نعم .
قال : فلو حبس عنك خروجها أكنت تفديها بملكك ؟
قال : نعم .
قال : فما خير فى ملك لا يساوى شربة ولا بولة .
حكى ديل كارينجى قصة رجل ارهقه الكدح الفاشل واضطربت نفسه تحت وطأة الأزمات التى عاناها إلا أنه وعى من صور الحياة درسا أخذ بيده الى النهاية المشرقة
قال الرجل عن نفسه أنه كان يدير محلا للبقالة وقد باءت تجارته بالكساد وفقد فيها كل مدخراته واستدان حتى لقد استغرق سداد ديونه سبع سنوات وقد أغلق محله قبل الحادث باسبوع وفى يوم الحادث اتجه الى أحد المصارف ليقترض مالا ليعينه على السفر لمدينة أخرى للبحث عن عمل فيها وإذا به يرى رجلا مبتور الساقين يريد أن يعبر الطريق وكان جالسا على عارضة خشبية مزودة بعجلات صغيرة يتحرك بواسطة يديه الماسكتين قطعتين من الخشب ليستند بهما الى أرض الشارع ليدفع عربته ثم عبر هذا المسكين الشارع وبعد مشقة استطاع الصعود على الرصيف ثم ادار عربته ليمضى فى سبيله فالتقت عيناه بعينى صاحبنا وابتسم ابتسامة عريضة مشرقة ثم قال : سعدت صباحا يا سيدى انه يوم جميل أليس كذلك ؟
فوقف مندهشا متطلعا اليه وادرك كم انه واسع الغنى ان له ساقين ويستطيع ان يمشى
فخجل من شعوره باليأس وقال لنفسه إذا كان هذا الرجل يستطيع ان يكون سعيدا مرحا مع فقد ساقيه فأولى بى أن استجمع هذه الصفات ولى ساقان .
وبدأ حياته من جديد ونجح
ما أغلى العافية التى تسرى فى أوصالنا !
و ما أثمن القوى التى زودنا الله بها !
وما أشهى الثمار التى نقطفها لو احسنا استغلالها ولم نهدر قيمتها !
---------------------------------------------------------------------
من كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالى رحمه الله
الروابط المفضلة