إنها قصة طفل طهور كالبرد .. ولد يتيما .. واستمر اليتم يلاحقه ويلاحق طفولته في طرقات مكة ودروبها ..
.يذيقه المرارة .. وبفجعه في اله وأحبابه ..
ويكبر محمد صلى الله عليه وسلم .. وتكبر غربته .. ويكتشف في دروب الحياة يُتما اكبر من يُتمه ..
وهما أثقل من همه .. فالأرض كلها يُـتم !!! والبشرية تئن هماً وحزنً يعصر قلبها ..
الجزيرة العربية كانت غابة من الأصنام وأودية تسيل دماء بريئة .. تسيل عادات وتقاليد محيره ..
ماذا يفعل أمامها ؟؟ وماذا بيده حيالها .. ماذا يفعل سوى الغربة مهرباً وملاذاً ..
يناجي بها ربه ويعج اليه بالتوحيد والدعاء .. وفي غربته تلك الشعورية تهبط عليه الرسالة ..
فيحمل الرسالة وينحدر بها نحو مكة .. نحو أمته فينطق بها بهجة وبشرى لهم .. وينتظر الإجابة .. فأتي الإجابة على غير مايتمنى ويحب ..تأتي الإجابة سياطا وشتائم وتكذيبا له وهو الذي يلقب بالأمين !!
فماذا فعل الأمين صلى الله عليه وسلم مع هؤلاء ؟
الإجابة كانت أكثر من خمسين عاماً من فن التعامل مع الغير .. نقشها صلى الله عليه وسلم في قلوب من حوله وقلوب غيرهم ممن دبّ على هذه الأرض إلى قيام الساعة ..
الإجابة سيرة لم تكن ماضياً أبدا , بل شعلة توقد شموس الحياة ودماء تتدفق في عروق المستقبل والأجيال ..
سيرة محمد صلى الله عليه وسلم في مكة هي واقع هذه الصحوة التي تهز أركان الأرض من أقصاها إلى أقصاها ..
ولابد لهذه الصحوة إن تشرب من النبع الذي شربت منه في مكة ..لابد لها أن تتقد بشعلتها الخالدة .. وإلا تحولت إلى رماد تذروه الرياح والأهواء ..
عبد المطلب (( كان يحلم بعشرة وذبيح !! ))
تلفت عبد المطلب فوجد الناس تنظر اليه .. تحبه وتجليه وتحمله في قلوبها .. وتلفت ثانية وثالثه ونظر وراءه فلم يجد سوى (( ابنه الحارث )) فرفع رأسه الى السماء يخاطب خالقه الكريم اللذي ساق له المجد (( بعدما نفض التراب عن بئر زمزم )) .. ان يقر عينه بأخوة للحارث .. وظل يدعو ويدعو يخاطب الناس حوله ويشهدهم ويقول لهم انه ( قد نذر ان توافى له عشرة رهط < أي أبناء > ان ينحر احدهم , فحقق الله له ما أراد , ولما توافى العشرة أقرع بينهم ايهم ينحر , فطارت القرعه على عبد الله بن عبد المطلب – وكان احب الناس الى عبد المطلب – فقال عبد المطلب : اللهم هو او مئة من الأبل
ثم اقرع بينه وبين المئة بعير فطارت القرعة على المئة من الأبل ).
ان الله يعطي بغير ثمن .. ويرزق من يشاء بغير حساب ..ليس بحاجة الى دماء ذالك الطفل الصغير .. لكن والده شدد فشدد الله عليه .. فاصابه بأغلى ولده فلم ينجه من ورطته الا مائة من الأبل .. انتشلة ذلك الصغير من السكين ليعيش عمر قصير .. منقوشا في التاريخ مابقية الجبال على ثباتها والأرض على استقرارها ..
(( يتبع بإذن الله ))
الروابط المفضلة