معاناتي مع الشهوة
-6-
رسالة تسلط الضوء على أسباب الشهوة
ومخاطرها وطرق علاجها
زيد بن محمد الزعيبر
* العلاج لمن وقع أو لم يقع في الشهوة:
1. التوبة والإنابة إلى اللـه عزوجل ، وعدم اليأس ـ عند تكرار الوقوع في الشهوة ـ من رحمة اللـه:
وليعلم كل من وقع في الشهوة وترك مجالس الصالحين أنه بفعله قد زاد الطين بِلَّه، والمرض عِلَّه، فهل إذا الشاب في الشهوة ثم اتهم نفسه بالنفاق، فترك مجالسة الصالحين سيزول عنه هذا الذنب؟ وسيتوب منه ؟ أم أن مجالسة الصالحين مع مقارفة المعصية والذنب يحيي في الشاب استشعار الحياء منهم، وقبل ذلك الحياء من الله ـ عزوجل ـ ؟
2. ملئ القلب بمحبة اللـه جل وعلا بالإكثار من الأعمال الصالحة:
فيكون الحرص على الأوراد وزيارة المقابر وذكر الموت وزيارة المرضى ، والبكاء من خشية اللـه ، ومداومة الاستغفار ، ومعرفة الأسباب الجالبة لمحبة اللـه تعالى 1 ، ومحبة رسوله ـ صلى اللـه عليه وسلم ـ، والعمل بها.
3. قيام الليل:
وقد أثنى اللـه على المتهجدين القائمين، فقال سبحانه: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
وجاء في السنة من حديث جابرـ رضي اللـه عنه ـ أن رسول اللـه ـ صلى اللـه عليه وسلم ـ قال: ((إن من الليل ساعة، لا يوافقها عبد مسلم يسأل اللـه خيراً إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة)) 2 .
فـ" يا رجال الليل جدوا *** رُبَّ داعٍ لا يُــــرَدُ
لا يقــوم الليــل إلا *** مـن لـه عـزم وجِـدُ"
ولتكن الحال:
ألا يا عين ويحـك أسعدينـي *** بــغزر الدمع في ظلم الليالي
لعلك في القيامة أن تفــوزي *** بخيـر الدار في تلك العلالـي
4. صيام النوافل:
ففي الصوم كسر لحدة الشهوة ، وقطع لمجاري الشيطان ، وعبادة للرحمن ، ودخول للجنان ، من باب الريان ، قال الشاعر :
من يرد ملك الجنــان *** فليدع عنه التـــوان
وليقم في ظلمة الليــل *** إلى نـور القــــران
وليصل صوماً بصــومٍ *** إن هـذا العيش فــان
إنما العيـش جوار اللـه *** في دار الأمــــان
5. عدم الإكثار من الشبع:
فكثرة النهم بالمآكل والمشارب لها دورها في إصابة الإنسان بالكسل ، والإخلاد إلى الراحة ، والذي بدوره يجعل الإنسان في دوامة من الأفكار ، التي قد يصيبها ما يصيبها من الأفكار والخواطر الرديئة ، وكأني بمن يسأل: هل أترك الشبع حتى أقضي على الشهوة التي أعانيها ؟
والجواب: أن الترك بحسب حال الشخص ، فهناك من يدخل إليه الشيطان من باب الصور بأن يكون عوناً له في إرسال نظراته في ما لا يحل له ، وهناك من يدخل إليه الشيطان بأن يذكره بزملائه السابقين إن كان قد سلك غير طريق الفطرة ، وهناك من يدخل إليه الشيطان من باب الشبع حتى يغرقه بالأفكار الرديئة ، فإن كنت الأخير فاحرص على ترك الشبع ، أو الإقلال منه ، واحرص على الإكثار من صيام النوافل : الأيام البيض ، أو الاثنين والخميس ،... وهكذا.
6. تذكر نعيم الجنة:
"فعندما تثور الشهوة عند المؤمن يتذكر ما في الجنة من النعيم الخالد ، من الحوريات المقصورات في الخيام ، والتي إن وقع خمارها على الأرض عطر الدنيا ، ويتذكر أنهارها المنوعة من العسل واللبن والماء والخمر تطرد تحت قصور أهل الجنة، والملائكة يدخلون من أبواب الجنة يرحبون بأهلها ويسلمون عليهم ، ويتذكر..، ويتذكر..، ويتذكر... حتى تتضاءل أمامه جميع لذائذ الدنيا وشهواتها ، ففي الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر .3
7. قراءة القرآن وتدبره:
وقراءة القرآن وتدبره يكون بتأمله والوقوف مع آياته ، فعند آيات الترهيب يستعيذ الإنسان باللـه ـ عزوجل ـ ويسأل اللـه السلامة من ذلكم العذاب ، وعند آيات الترغيب يسأل اللـه من فضله ، فكل هذا مما يعين على كبح جماح الشهوة بإذن اللـه ، وقراءة القرآن وتدبره وتأمل معانيه لا يحدها حد ، ويكفي أن يدخل العبد على الملك من أوسع أبوابه ، فهو يقرأ رسالته التي تدله عليه ، وعلى عظمته سبحانه.
8. غض البصر :
إن غض البصر فيه من معاني الانتصار على النفس والشيطان الشيء العظيم، ففيه قوة إيمان ، وقوة إرادة، وخوف من اللـه قبل ذلك ، ففيه معانٍ لا يدركها إلا الصادقين المجاهدين لأنفسهم وشهواتهم.
ولأحد الفضلاء كلام جميل فيقول: غض البصر حتى عن المرأة العجوز والصبية الصغيرة 4 وحتى عن المتحجبة تماماً لا يظهر منها شيء من جلدها ، وحتى عن المردان ، وإياك ثم إياك ثم إياك من خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهي اللمحة التي يلمحها الشاب للحظة التي تصيبه في مقتل ، وقد يوسوس له الشيطان: هل هذا رجل أم امرأة ؟ هل هذه متحجبة أو متكشفة ... ؟
إلى أن قال: وعليه أخي فلا تفتح مجلة تشك في وجود صورة لفاتنة فيها ، ولا تدخل دكاناً في مدخله مجلات عليها صور الفاسقات ، فإن كان ولا بد من الدخول فادخل ولا ترفع بصرك في المجلات، وإن كنت عازماً على شراء مجلة إسلامية بين مجلات الفسق فتذكر قاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، فهذه القاعدة تدعوك أن تشتري المجلة من مكان طاهر وإن كلفك ذلك وقتاً زائداً 5.
وأسوق بعض الفوائد في غض البصر ، فمنها :
1. حلاوة الإيمان ولذته.
2. نور القلب والفراسة.
3. قوة القلب وثباته وشجاعته فيجعل اللـه له سلطان البصيرة مع سلطان الحجة.
4. يبدل اللـه صاحبه نوراً يجد حلاوته في قلبه.
5. فيه طاعة للـه ورسوله يترتب عليها محبة توصله إلى الجنة.
6. من أهم الصفات التي يتحلى بها المؤمن وتتولد من الحياء.
7. فيه راحة للنفس والبدن.
8. يصون المحارم ويجنب الوقوع في الزلل.
9. يضر بالشيطان وأهله ويستجلب العفة. 6
9. تقوية العزيمة والإرادة:
و"ذلك بأن يعود الإنسان نفسه على الضبط ، وألا يستسلم لنفسه في كل ما تريد وتشتهي وتدعوه إليه، وألا يستجيب لها إلا حين يعلم أن في ذلك خير لها في الدين والدنيا ، وهذا الأمر يحتاج إلى مجاهدة وتعود ، وأن يعلم أنه في معركة حقيقية مع نفسه الأمارة بالسوء يساندها الشيطان الرجيم ، وأنه بدون هذه العزيمة لن يكون له نصر على هذا العدو اللدود" 7 .
10. إدراك أن تلك الشهوة لن تقف به عند حد:
فمن عطشت نفسه إلى المحرمات والشهوات كان ريُّه لها كري العاطش لنفسه من ماء البحر ، فلو عرضت عليه نساء بغداد لما استعاض بهن على نيل ذلك الأرب كما ذكر بعض السلف!!!
11. الإرتقاء بالنفس عن سفاسف الأمور 8 :
فقد خلق اللـه الملائكة بعقل ، والحيوانات بشهوة، والإنسان بهما، فمتى غلبت الشهوة انحدر إلى مصاف البهائم ، ومتى غلب العقل إرتقى إلى مصاف الملائكة.
12. التفكير في المفاسد الدنيوية من قضاء تلك "الشهوة" ، فإنه لو لم يكن جنة ولا نار لكان من المفاسد الدنيوية ما ينهى عن هذا الداعي 9 .
13. تذكر الحكمة التي لأجلها خلق العبد 10 :
فهل يليق بالعبد الخروج عن طاعة مولاه وسيده وخالقه ؟!!!
14. التفكير في مقابح الصورة التي تدعوه نفسه إليها 11 .
====================
1) للفائدة: هناك كتاب شرح الأسباب العشرة الجالبة لمحبة اللـه كما عدها ابن القيم ـ رحمه اللـه ـ فليرجع إليه.
2) مختصر صحيح مسلم للزبيدي، كتاب الصلاة، باب: في الليلة ساعة يستجاب فيها.
3) منهج التابعين في تربية النفوس ص 72.
4) يفضل أن يكون الضابط في النظر للصغيرة هو النظر بشهوة ، وأما القول بغض البصر حتى الصبية الصغيرة ففيه نظر.
5 ) من مقال جميل وجدته بإحدى المنتديات.
6 ) موسوعة نضرة النعيم ، 7/3076.
7) يا بني لقد أصبحت رجلاً ص 38.
8) إضافة من الشيخ محمد الدرع.
9 ) عدة الصابرين ، ص91 بتصرف يسير.
10) إضافة من الشيخ محمد الدرع.
11) عدة الصابرين ، ص92.
الروابط المفضلة