صرنا نلاحظ في الفترة الأخيرة كثرة المصلين في المساجد الذين يصلون على الكراسي فما حكم صلاتهم ؟
اتفق أهل العلم على أن القيام في صلاة الفريضة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا به مع القدرة عليه لقوله تعالى "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " سورة البقرة الاية 238.
ولما ورد في الحديث "عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال :" كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال : صل قائما , فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنبك "رواه البخاري
قال الامام الشوكاني :" وحديث عمران يدل على أنه لا يجوز لمن حصل له عذر لا يستطيع معه القيام أن يصلي قاعدا ولمن حصل له عذر لا يستطيع معه القعودأن يصلي على جنبه " نيل الاوتار 3/225
وبناء على ذلك فإن من صلى الفريضة جالسا وهو قادر على القيام فصلاته باطلة .
وقد اتفق أهل العلم على أن المريض الذي لا يستطيع القيام أن يصلي قاعدا ويركع ويسجد اذا قدر عليهما فإن لم يستطع الركوع والسجود فإنه يصلي موميا ويجعل سجوده اخفض من ركوعه لأن المشقة تجلب التيسير ومن المعلوم أن رفع الحرج ودفع المشقة أصل قطعي من أصول الشريعة ودلت عليه أدلة كثيرة منها قوله تعالى "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " سورة البقرة الاية 286 وقوله تعالى " فاتقوا الله ما استطعتم " سورة التغابن الاية 61 وقو النبي صلى الله عليه وسلم :" إذا أمرتم بأمر فأتو منه ما استطعتم " رواه البخاري ومسلم .
ومما دل على جواز صلاة الفريضة قاعدا عند العجز عن القيام قوله في حديث عمران السابق " صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنبك " وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ركب فرسا فصرع عنه فجحش - أي جرح - شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد ..." رواه البخاري ومسلم
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كان كثير من صلاته وهو جالس " رواه مسلم.
قال الشيخ اب قدامة المقدسي :" أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالسا " المغني 2/106
ويجب أن يعلم أن من قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام بل يصلي قائما ثم إذا استطاع الركوع فيجب عليه الركوع وإن لم يستطع جلس وأومأ بالركوع ثم يومئ بالسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه .
حد المرض الذي يجيز للمريض أن يصلي قاعدا هو أن يخاف المريض مشقة شديدة أو زيادة المرض أو تباطؤ برئه .
قال الامام الشوكاني :" والمعتبر في عدم الاستطاعة عند الشافعية هو المشقة أو خوف زيادة المرض أو الهلاك لا مجرد التألم فإنه لا يبيح ذلك عند الجمهور " نيل الاوطار 3/225
وقال العلامة ابن عثيمين " الضابط للمشقة : ما زال به الخشوع والخشوع هو حضور القلب والطمأنينة فإذا كان إذا قام قلق قلقا عظيما ولم يطئن وتجده يتمنى أن يصل الى آخر الفاتحة ليركع من شدة تحمله فهذا يشق عليه القيام فيصلي قاعدا " الشرح الممتع 4/461
وروى عبد الرزاق بسنده عن عمر بن ميمون بن مهران عن أبيه قال : ما علامة أن يصلي المريض قاعدا؟
قال : اذا كان لا يستطيع ان يقوم لدنياه فليصل قاعدا " مصنف عبد الرزاق 2/473
ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القاعد " رواه البخاري
وخلاصة الأمر :
أن القيام في صلاة الفريضة ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه لمن كان قادرا عليه ومن عجز عن القيام صلى قاعدا أو على أي هيئة يستطيعها وترك القيام رخصة للعاجز حقيقة والرخص لا تؤتى الا عند وجود العذر المجيز لفعلها فقط .
وأخيرا فإن بعض المصلين يتساهلون في هذه المسألة فيصلون قعودا لغير عذر فهؤلاء صلاتهم باطلة .
الروابط المفضلة