يا حبيبى ... كم هى غالية قطرات دمائك العاطرة و هى تسيل من غدر سفهاء الطائف بك ... كيف يفعلون بك ذلك وأنت الرسول وأنت النبى ؟ يا حبيبى وسيدى ....

كلما ذكرتك وأنت واقف تدعو دعاءك الحار على أبواب الطائف بكيت .... بكيت من جمال وجلال الدعاء ... بكيت من قوة اليقين فى الله ، وحرارة المناجاة ، وبكيت من هول ما أصابك وأنت الرسول وأنت النبى ..
يا حبيبى ... كم من طائف تلوكنا كل يوم ... وكم من سفيه يقذف كل سائر وسالك ... و كم من دماء تسيل على أبواب كل طائف ، ولكنك أنت الإمام والقدوة ، وأنت الذى رسمت الطريق ، و إنّا لسالكوه بغير رجعة .

يا حبيبى وسيدى ... كم كانت رائعة تلك الليلة يوم خرجت الى الهجرة ، تحوطك رعاية ربك ، وتعينك خير الصحبة ، ويقودك تخطيط مبدع وإيمان لا يتردد ، ليتنى أتعلم منك .... ليت الأمة كلها تتعلم منك ... إن من حسن التوكل حسن التدبير و لاعكس .
يا حبيبى وسيدى ... كم كنت أتمنى لو كنت فى استقبالك مع المستقبلين يوم وطأت أقدامك الشريفة المدينة المنورة ... كم كنت أتمنى لو أخذت بزمام ناقتك القصواء أمضى بها الى حيث أمرها الله .... كم كنت أتمنى أن أجلس إليك وأنظر إليك وأستمع إليك وأقبل يديك وقدميك .
يا حبيبى وسيدى... لا أقوى على ذكر عقد الإخاء بين من هاجر و من ناصر ، فالمسلمون الآن شيع وأحزاب ومزق متفرقة ، والكل نسى أو تناسى عقد الإخاء الخالد بين أبناء أمتك الواحدة .

يا حبيبى وسيدى ... ها أنا ذا أراك تشمر عن ساعديك فى همة عالية ونشاط ، تبنى مع صحبك الأبرار مسجدك ... لكم أحن إليه ... لكم أشتاق الى الصلاة فيه والجلوس فى روضته بجوارك ، أرتمى فى أحضانك الحانية ، وتربت بيديك الشافية على صدرى وكتفى فيطمئن القلب وتهدأ لوعته ... يا حبيبى وسيدى ... كلما مشيت فى شوارع المدينة ذكرتك ... فى تلك الشوارع مشت أطهر أقدام ، فى تلك الشوارع لامس ترابها قدم سيد المرسلين ، فى تلك الشوارع تكونت أول دولة مسلمة بقيادة الحبيب ، و من رحم تلك الدولة ولدت خير أمة أخرجت للناس ... كم من جيوش أعدت ، وأموال أنفقت ، ونفوس أزهقت من أجل تلك الرسالة وهذه الدعوة . فى شوارع المدينة تقلنى قدماى وأنا أنظر يمينا ويسارا لعلى أراك خارجا من بيت من بيوتك ، أو ذاهب الى بقيع الغرقد ، وأرقب كل سائر لعلى أراك .

يا حبيبى و سيدى ... كلما ذكرت جهادك فى بدر و أحد والخندق وسائر المواقع و الملاحم ، تعلمت كيف يكون القائد ، و استصغرت كل ما نحسبه نحن جهادا . و كلما قرأت عن تلك النماذج الفريدة الوحيدة من صحابتك الكرام فى تضحياتهم وجلدهم و جهادهم قلت : أين نحن من هؤلاء ؟ أين جهادنا المزعوم من جهادهم ؟ وهل بما نحن فيه كسل و تقصير نصل الى صحبتك فى الجنة كما صحبوك فى الدنيا ؟ و لكنى تذكرت حديثك لهم عن " أخوانك " الذين آمنوا بك ولم يروك .. ودعوت : " اللهم اجعلنى منهم ، اللهم اجعلنى منهم "