السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،
بعد حوالي خمس سنوات من شرائها بنفسي ، تأملت السلسلة التي تزين السيارة ، فتنبهت لأول مرة أن هذا المزيج الجميل من الفضي و الأزرق ما المقصود به في الواقع إلا خرزة زرقاء تقي من العين !
بالطبع أنا لا أؤمن بهذه الخزعبلات ، إنما اشتريتها لجمال شكلها و تناسق ألوانها ، فهل يجوز لي الاحتفاظ بها مع سلامة المعتقد ؟
( أي أنني لا أعتقد بأن لها أي مفعول ضد العين أو غيره ، فهل من ضرر من تركها في مكانها للزينة فقط ؟ )
إذا كان الذهب على شكل كف أو عين أو يحتوي على خرزة زرقاء ، فإنه لا ينبغي لبسه ، لأنهم يلبسون هذه الأشياء ويعلقونها معتقدين أنها تدفع العين أو تجلب الحظ
حتى لو لم يقصد المسلم بلبسها هذا الاعتقاد الفاسد فلا ينبغي له لبسها أيضاً ، لأنه بذلك يتشبه بمن يلبسها لهذا السبب ، وقد يكون ذلك سببا لإساءة الناس الظن فيه ، حيث يظنون أنه يلبسها لدفع العين
فلا يجوز لبسها حينئذ ، وهذا يدخل في تعليق التمائم المنهي عنه .
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ \ صححه الألباني .
وقال صلى الله عليه و سلم :
مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ \ الحديث حسن .
التميمة : خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع الآفات .
الودعة : واحدة الودع ، وهي أحجار تؤخذ من البحر يعلقونها لدفع العين ، ويزعمون أن الإنسان إذا علق هذه الودعة لم تصبه العين ، أو لا يصيبه الجن .
قوله ( لا ودع الله له )
أي لا تركه الله في دعة وسكون ، وضد الدعة والسكون القلق والألم .
وقوله ( فقد أشرك )
هذا الشرك يكون أكبر إن اعتقد فيها النفع والضر من دون الله عز وجل
وإن اعتقد أنها سبب للسلامة من العين أو الجن ، فهذا شرك أصغر ، لأنه جعل ما ليس سبباً سبباً .
الإسلام سؤال وجواب
هل النظرية العلمية التي تزعم بأن الخرزة الزرقاء تمتص موجات الحسد صحيحة ؟
ما ذكر عن بعض الأساتذة المتخصصين من أن العائن تنبعث من عينه موجات، وأن هذه الموجات هي التي تتسبب في العين فيتأذى بها الشخص المحسود فليس بمستبعد
فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله في الطب النبوي: وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولا تنكره وإن اختلفوا في سببه ووجهة تأثير العين، فقالت طائفة: إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة انبعثت من عينه قوة سُمِّية تتصل بالعين فيتضرر... إلى أن قال رحمه الله: "وقالت فرقة أخرى: لا يستبعد أن يبعث من عين بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه فيحصل له الضرر" وقال رحمه الله في نفس المصدر: "ولا ريب أن الله سبحانه خلق في الأجسام والأرواح قوى وطبائع مختلفة وجعل في كثير منها خواص وكيفيات تؤثر، ولا يمكن للعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام فإنه أمر مشاهد محسوس"
أما القول بأن الخرزة الزرقاء تمتص من خلال اللون الأزرق هذه الموجات، وبالتالي يسلم المحسود من أذى الحاسد، فمثل هذا الكلام كلام فاسد، وليس هناك دليل يثبته
بل إنا نقول : إن على المسلم ألا يعتقد صحته، ولا ثبوته لعدة أسباب :
الأول : أن العائن يصيب بفعل الله تعالى، كما قال الإمام النووي رحمه الله: "ومذهب أهل السنة أن العين إنما تفسد وتهلك عند نظر العائن بفعل الله تعالى، أجرى الله سبحانه وتعالى العادة أن يخلق الضرر عند مقابلة هذا الشخص لشخص آخر" انتهى.
الثاني : أن تعليق التمائم لا يجوز.
الثالث : أن تعلق الإنسان بهذه الخرزة الزرقاء، واعتقاده أنها تمتص هذه الموجات، وبالتالي يسلم من أذى العائن، مثل هذا الأمر فيه ما فيه من تعلق القلب بغير الله تعالى.
الحاصل أن على المسلم ألا يلتفت لما قاله هؤلاء الأساتذة من تأثير الخرزة الزرقاء في الوقاية من العين
وعليه أن يتحصن بالرقى والأدعية الشرعية، وإذا ابتلي بالعين فدواؤه في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
سبحان الله ، أمور في حياتنا اليومية قد لا نلتفت إليها ، تعد من أسباب الشرك بالله تعالى !
كما لاحظنا من الفتوى ، أنه حتى لو كان المعتقد سليماً ، فإن في استعمالها نوعاً من المساعدة على إشاعة البدع و الخرافات بين المجتمع وترسيخها، والبدع والشركيات يجب إنكارها وتغييرها حسب المستطاع لا المساعدة عليها أو ما يفيد الرضا بها.
عندما فكرت في الأمر أكثر ، تذكرت أنني قد قمت مسبقاً بإهداء بعض الصديقات عند الولادة "تعليقة" (قطعة ذهبية صغيرة تعلق على لباس الطفل) مرفق بها خرزة زرقاء .. تباع بهذا الشكل اللطيف ، و قد اعتدنا على رؤية هذه الخرزة الزرقاء في مواقع معينة ، فلم نعد نفكر بمدلولها حقاً والله المستعان ..
والله لا زلت في حالة دهشة من نفسي ، كيف غفلت عن هذا الأمر طويلاً ، بل و ساعدت في نشره من دون قصد .. لذلك أحاول الآن أن أنبه كل من حولي - خاصة من كنت قد أهديتهن من هذه الخرزات ذات الشكل الجميل و المعنى القبيح ..
و أدعو نفسي و إياكن للتفكير في كل ما نقول و نفعل و نرى، و لا نغيّب عقولنا أبداً ، فالمؤمن كيّس فطن .
اللهم نعوذ بك أن نشرك بك ما نعلم و نستغفرك مما لا نعلم .
الروابط المفضلة