قال تعالى : ( يا بني أدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) , والمراد بالزينة , ما يستر العورة , والمراد بالمسجد , الصلاة , أي استروا عورتكم عند كل صلاة
وعن سلمة بن الأكوعرضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله , أفأصلي في القميص ؟ قال : ( نعم , زرره ولو بشوكة ) رواه البخاري في تاريخه وغيره
تنقسم العورة في الرجل والمرأة بالنسبة للصلاة إلى قسمين , مغلظة ومخففة , ولكل منهما حكم
القسم الأول : العورة المغلظة
أولاً : ( حد ستر العورة المغلظة في الرجل بالنسبة للصلاة )
وهي القبل والخصيتان وحلقة الدبر لا غير
ثانياً: ( حد ستر العورة المغلظة في المرأة بالنسبة للصلاة )
وهي جميع بدنها ماعدا الأطراف والظهر وما حاذاه من الظهر
القسم الثاني : العورة المخففة
أولاً : ( حد ستر العورة المخففة في الرجل بالنسبة للصلاة )
وهي مابين السرة والركبة , والسرة والركبة ليستا من العورة , ولكن لابد من ستر الجزء المجاور لهما من العورة
ثانياً: ( حد ستر العورة المخففة في المرأة بالنسبة للصلاة )
وهي الصدر وما حاذاه من الظهر والذراعين والعنق والرأس ومن الركبة إلى أخر القدم , ظهراً لا بطناً , وإن كان بطن القدم من العورة المخففة , أما الوجه والكفان ظهراً وبطناً فإنهما ليستا من العورة مطلقاً بالنسبة للصلاة
حكم كشف العورة :
أولاً حكم كشف العورة المغلظة في الصلاة بالنسبة للرجل والمرأة :
- لا تصح الصلاة من مكشوف العورة المغلظة التي أمر الشارع بسترها في الصلاة , إلا إذا كان عاجزاً عن ساتر يسترها له
- ولابد من دوام ستر العورة المغلظة من ابتداء الدخول في الصلاة إلى الفراغ منها
- ومن صلى مكشوف العورة المغلظة كلها أو بعضها ولو قليلاً وإن كان ناسياً مع القدرة على الستر , بطلت صلاته إن كان قادراً ذاكراً , وأعادها وجوباً أبداً
ثانياً حكم كشف العورة المخففة في الصلاة بالنسبة للرجل والمرأة :
- من صلى مكشوف العورة المخففة كلاً أو بعضاً , ناسياً أو من غير قصد , لا تبطل صلاته
- ويستحب لمن صلى مكشوف العورة المخففة أن يعيد الصلاة في الوقت مستوراً
- أما إن كشفت العورة المخففة بقصد أو بدون عذر فإنها تبطل الصلاة مطلقاً
( ستر العورة خارج الصلاة )
يجب على المكلف ستر عورته خارج الصلاة عن نفسه وعن غيره ممن لا يحل له النظر إلى عورته إلا لضرورة , كالتداوي , فإنه يجوز له كشفها بقدر الضرورة , كما يجوز له كشف العورة للاستنجاء والاغتسال وقضاء الحاجة ونحو ذلك إذا كان في خلوة بحيث لا يراه غيره
حد ستر العورة في الرجل خارج الصلاة :
أولاً إذا كان في خلوة أو في حضرة محارمه أو في حضرة الرجال :
هي ما بين سرته وركبته , فيحل النظر إلى ما عدا ذلك من بدنه مطلقاً عند أمن الفتنة
ثانياً إذا كان بحضرة امرأة أجنبية :
تكون عورته بحضرة المرأة الأجنبية جميع بدنه
حد ستر العورة في المرأة خارج الصلاة :
أولاً إذا كانت في خلوة أو في حضرة محارمها أو في حضرة نساء مسلمات :
هي جميع بدنها ما عدا الوجه والأطراف , وهي ( الرأس والعنق واليدان والرجلين )
ثانياً إذا كانت بحضرة رجل أجنبي :
تكون عورتها بحضرة الرجل الأجنبي جميع بدنها
ثالثاً إذا كانت بحضرة امرأة كافرة أو امرأة فاسدة الأخلاق :
عورتها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين
حد ستر عورة الصغير في الصلاة :
حد ستر عورة الصغير في الصلاة , ذكراً كان أو أنثى , مراهقاً أو غير مراهقاً , كعورة المكلف في الصلاة
حد ستر عورة الصغير خارج الصلاة :
أولاً إن كان الصغير ( مراهق ذكراً كان أو أنثى ) :
عورة الصغير المراهق خارج الصلاة ذكراً كان أو أنثى , كعورة البالغ خارجها في الأصح
ثانياً إن كان الصغير ( غير مراهق وكان ذكراً ويحسن وصف ما يراه من العورة بشهوة ) :
عورة الصغير غير المراهق خارج الصلاة إن كان ذكراً , وكان يحسن وصف ما يراه من العورة بشهوة , فالعورة بالنسبة له كالبالغ
ثالثاً إن كان الصغير( غير مراهق وكان ذكراً ويحسن وصف ما يراه من العورة بدون بشهوة ) :
عورة الصغير غير المراهق خارج الصلاة إن كان ذكراً , وكان ذلك الصغير يحسن وصف ما يراه من العورة بدون شهوة , فالعورة بالنسبة له كعورة المحارم
رابعاً إن كان الصغير( غير مراهق وكان ذكراً ولا يحسن وصف ما يراه من العورة ) :
عورة الصغير غير المراهق خارج الصلاة إن كان ذكراً , ولا يحسن وصف ما يراه من العورة , فعورته كالعدم , إلا أنه يحرم النظر إلى قبله ودبره , لغير من يتولى تربيته
خامساً إن كانت أنثى مراهقة أو غير مراهقة :
بالنسبة لعورة الأنثى مراهقة أو غير مراهقة خارج الصلاة , فإن كانت مشتهاة عند ذوي الطباع السليمة , فعورتها عورة البالغة , وإلا فلا , لكن يحرم النظر إلى فرجها لغير القائم بتربيتها
الأمة عورتها كالحرة, فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها , أن النبيصلى اللَّه عليه وآله وسلم قال : ( لا يقبل اللَّه صلاة حائض إلا بخمار ) رواه الخمسة إلا النسائي
والحديث أخرجه أيضًا ابن خزيمة والحاكم , وأعله الدارقطني بالوقف وقال : إن وقفه أشبه , وأعله الحاكم بالإرسال , ورواه الطبراني في الصغير والأوسط من حديث أبي قتادة , بلفظ : ( لا يقبل اللَّه من امرأة صلاة حتى تواري زينتها , ولا من جارية بلغت الحيض حتى تختمر )
والحائض من بلغت سن المحيض , لا من هي ملابسة للحيض , فإنها ممنوعة من الصلاة , وهو مبين في رواية ابن خزيمة في صحيحه بلفظ : ( لا يقبل اللَّه صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار), وقوله ( إلا بخمار) هو بكسر الخاء ما يغطى به الرأس والعنق , والحديث استدل به على وجوب ستر المرأة لرأسها حال الصلاة , واستدل به من سوى بين الحرة والأمة في العورة لعموم ذكر الحائض ولم يفرق بين الحرة والأمة , وهو قول أهل الظاهر
وبحديث أبي قتادة عند الطبراني بلفظ : ( لا يقبل اللَّه من امرأة صلاة حتى تواري زينتها ولا جارية بلغت المحيض حتى تختمر )
حكم النظر إلى العورة متصلة أو منفصلة , حال الحياة وبعد الموت :
يحرم النظر إلى عورة الرجل والمرأة , متصلة كانت او منفصلة , فلو قُص شعر امرأة أو شعر عانة رجل , أو قُطعَ ذراعها أو فخذه , حرم النظر إلى شيء من ذلك بعد انفصاله حال الحياة أو بعد الموت , فهي كالمتصلة في حرمة النظر إليها
حكم النظر إلى الغلام الأمرد :
يحرم النظر إلى الغلام الأمرد إن كان صبيحاً , بحسب طبع النظر , بقصد التلذذ وتمتع البصر بمحاسنه , أما النظر إليه بغير قصد اللذة , فجاز إن أمنت الفتنة
حكم صوت المرأة :
لم يرد دليل على أن صوت المرأة عورة , ولأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يكلمن الصحابة , وكانوا يستمعون منهن أحكام الدين , ولكن يحرم سماع صوتها إن خيفت الفتنة ولو بتلاوة القرآن الكريم
الشروط الواجب توافرها في ما يستر العورة من ثوب ونحوه :
- أن يكون كثيفاً , فلا يجزئ الساتر الرقيق الذي يصف لون البشرة التي تحته , سواء كان الساتر رقيقاً جداً تظهر منه العورة بمجرد النظر , أو كان خفيفاً تظهر منه العورة بتعمد النظر , ولا يضر التصاقه بالعورة بحيث لا يحدد جرمها
- أن يكون فضفاضاً ، بحيث لا يكون ضيقاً يُحدد تفاصيل الجسم , لكن كره بعض العلماء المبالغة في الفضفاض إلى درجةٍ قد يكشف العورة في بعض الحالات
- أن لا يكون ضيقاً ، وهو الذي يحدد جرم العضو ، فإن كان من المرأة فإنه بالإجماع يَحرُم عليها لبسه
- ومن فقد ما يستر به عورته , بأن لم يجد شيئاً أصلاً , صلى عرياناً , وصحت صلاته
- وإن وجد ساتراً إلا أنه نجس العين , كجلد خنزير , أو متنجس , كثوب أصابته نجاسة غير معفو عنها , صلى فيه ولا يعيد الصلاة وجوباً , وإنما يعيدها ندباً في الوقت عند وجود ثوب طاهر , أما إذا خرج وقت الصلاة فلا إعادة , ومثل ذلك ما إذا صلى في ما يحرم عليه استعماله كثوب من حرير
- أما إن وجد ما يستر به بعض العورة فقط , فإنه يجب استعماله فيما يستره , ويقدم القبل والدبر
- ولا يجب عليه أن يستتر بالظلمة إن لم يجد ساتراً غيرها , ولكن يندب
- وإذا كان فاقداً لساتر يرجو الحصول عليه قبل خروج الوقت , فإنه يؤخر إلى آخر الوقت وجوباً
- ويشترط ستر العورة من الأعلى والجوانب لا من أسفل , عن نفسه وعن غيره , فلو كان الثوب مشقوقاً من أعلاه أو جانبه , بحيث يمكن له أو لغيره أن يراها منه , بطلت صلاته , وإن لم تر بالفعل , أما إن رُئيت من أسفل الثوب , فإنه لا يضر
- يجوز الصلاة في الثوب الواحد , فالمقصود ستر العورة ، فلو أن إنساناً صلَّى بثوبٍ واحدٍ ساترٍ لعورته صحت صلاته ، كالحال الآن , فلو لبس الثوب المعروف دون أن يكون عليه ملابس داخلية ، وهذا الثوب له لون غامق يمنع النظر إلى ما وراءه وصلَّى صحت صلاته ، فهذا من ناحية الأصل , لأنه ثوبٌ ساتر، والعبرة بالستر
- ويستحب أن يصلي في ثوبان أو أكثر , وقد جاء عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أو كلكم يجد ثوبين ؟ ) ، لكن قال العلماء : إن سؤال النبيصلى الله عليه وسلم خرج لمكان الضرورة والضيق على عهد الصحابة
أما بعد أن وسَّع الله عز وجل فإنه يستحب للإنسان أن يصلي في ثوبين , لأنه هدي النبيصلى الله عليه وسلم ، فإنه صلى بالإزار والرداءصلوات الله وسلامه عليه ، وهذا أفضل وأكمل
- والثوبان أعلاهما لأعلى البدن ، وأسفلهما لأسفل البدن ، فما يكون أسفل البدن كالفوط ونحوها يقولون : هذا إزار ، وأما الذي يكون على الأعلى فيقولون عنه : رداء
- وأن يتزين ويتجمل ما أمكن ذلك , لأن السنة إبداء الزينة في المساجد
كشف الرأس في الصلاة :
لم يرد دليل بأفضلية تغطية الرأس في الصلاة , وقد روى ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنه , أن النبيصلى الله عليه وسلم ( كان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه ) , وعند الحنفية , أنه لا بأس بصلاة الرجل حاسر الرأس , واستحبوا ذلك إذا كان للخشوع
1 - عن محمد بن جحش قال : مر رسول اللهصلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان , فقال : ( يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة )
رواه أحمد والحاكم والبخاري في تاريخه , وعلقه في صحيحه
2 - وعن جرهد قال : مر رسول اللهصلى الله عليه وسلم وعليَ بُردة وقد انكشفت فخذي , فقال : ( غط فخذيك فإن الفخذ عورة )
رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن , وذكره البخاري في صحيحة معلقاً
3 -عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها , أن النبيصلى اللَّه عليه وآله وسلم قال : ( لا يقبل اللَّه صلاة حائض إلا بخمار )
رواه الخمسة إلا النسائي , وصححه ابن خزيمة والحاكم , وقال الترمذي حديث حسن
والمقصود بالحائض : أي البالغة , والخمار : ما يغطى به الرأس والعنق
4 - عن أبي هريرةرضي الله عنه أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم سُل عن الصلاة في ثوب واحد , فقال : ( أو لكلكم ثوبان ؟ ) رواه مسلم ومالك وغيرهما
5 - وعن جابررضي الله عنه أن النبيصلى الله عليه وسلم قال له : ( إذا كان الثوب واسعاً فالتحف به في الصلاة )
وحمل جمهور العلماء الأمر في قوله ( فالتحف به ) على الندب
ولمسلم : ( فخالف بين طرفيه , وإن كان ضيقاً فاتزر به ) متفق عليه
6 - وللشيخين من حديث أبي هريرةرضي الله عنه : ( لا يصلي أحدُكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء )
وحمل جمهور العلماء هذا النهي على التنزيه
7 - عن ابن عمررضي الله عنهما عن رسول اللهصلى الله عليه وسلم , قال : ( إذا صلى أحدُكم فليلبس ثوبيه , فإن الله أحقُ من تُزيَنَ له , فإن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى , ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود ) رواه الطبراني والبيهقي
8 - وعن بُرَيدة قال : ( نهى رسول اللهصلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل في لحاف واحد لا يتوشح به , ونهى أن يصلي الرجل في سراويل وليس عليه رداء ) رواه أبو داود والبيهقي
9 - وعن أم سلمةرضي الله عنها أنها سألت النبيصلى الله عليه وسلم : أتصلي المرأة في درع وخِمًارٍ , بغير إزَارٍ ؟ , قال : ( إذا كان الدرع سابِغاً يغطي ظهور قدميها )
أخرجه أبو داود , وصحح الأئمة وقفه
والدرع : هو القميص
وصحح الأئمة وقفة : لأنه ليس من كلام أم سلمة , ومثل هذا له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
10 - وعن عائشةرضي الله عنها , أنها سُئلت : في كم تصلي المرأة من الثياب , فقالت : ( سل علي بن أبي طالب ثم ارجع إلي فأخبرني ) , فأتى علياً رضي الله عنه , فسأله , فقال : ( في الخمار والدرع السابغ ) , فرجع إلى عائشة , فأخبرها , فقالت : ( صدق )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروابط المفضلة