لماذا لا تُهذِّبين حاجِبَيك ؟!!
سؤال برىء
من فتاة طيبة القلب
تحب الجمال !!
[تجيب عليه
COLOR] :
د.أماني زكريا
إهداء
إ
لى كل زهرة رقيقة المشاعر،
طيبة القلب ،
تحلم بالسعادة ،
وتهفو إلى السَّكينة ،
وترنو إلى الاطمئنان ؛
مع خالص أمنياتي ،
وأصدق دعواتي .
المؤلفة
*****
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على خير المرسلين ،
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ،
فقد سألتني فتاة طيبة القلب وهي مندهشة :
لماذا لا تقومين بتهذيب حاجبَيك ؟!!!
فابتسمتُ لها وسألتُها بدوري: ولماذا أقوم بتهذيبهما؟!!
قالت:إن الجميع يفعلن ذلك !
فقلت : " لا يا عزيزتي ، ليس الجميع ... بل طائفةٌ من النساء والفتيات فقط ، أتعلمين لماذا يفعلن ذلك؟
قالت : لماذا؟
قلت : إنه مجرد تقليد لبعض نساء الغرب ،ولكنه – مع مرور الوقت - أصبح عادة .
قالت : ولماذا فعلت نساء الغرب ذلك؟
قلت لها: لأن الناس- من غير المسلمين - في الغرب يا حبيبتي يعيشون فراغا ً نفسيا ًوعاطفيا ًوروحيا ً، لأنهم يُغذُّون أجسادهم بكل الطرُق، ومع ذلك فهم ليسوا سعداء.
قالت:و لماذا هم غير سعداء؟
قلت : لأن الله تعالى خلقنا من جسد وروح، فإذا تغذَّى الجسد دون الروح ظل الإنسان تعيسا ً.... والعكس، إذا تغذَّت الروح فاضت السعادة على الجسد حتى لو لم نغذِّيه ، فيصبح الإنسان سعيدا.
فالغربيون من غير المسلمين يعيشون حياة فارغة موحِشة رغم تقدمهم العلمي ، وذلك بسبب الأنانية ، والحِرص الشديد على الدنيا، و التفكك الأسري والعائلي ، والإغراق في ملذَّا ت الحياة المادية بدون ضابط... لذلك نجدهم يسعون للتغيير في كل شيء بحثاً عن السعادة ، وقد شمل هذا التغيير العبث في فِطرة الله التي فطرنا عليها ، فنراهم يُلبِسون النساء ملابس الرجال، وُيلبسون الرجال ملابس النساء، ويغيِّرون لون الشعر بألوان غريبة كالأزرق والوردي ، وغير ذلك ؛ كما يغيِّرون لون البشرة من الأسمر إلى الأبيض مثلاً أو العكس الأبيض ،
أما الحاجبين فأحياناً يهذِّبونهما ،أو ينزعون الشعر منهما بطريقة تغيِّر الشكل الطبيعي ،أو يجعلونها في شكل المندهش ، أو يرقِّقونهما ، أو يحلقونهما ليرسموا لهما كل يوم شكلاً جديداً بالقلم… ولو ملك أحدهم أن ينتزع عيناه ليلصقهما في قفاه لفعل!!!!
فابتسمَت قائلة: ولكن تهذيب الحاجبين ينير الوجه !!!
قلت لها: نعم هذه حقيقة، ولكنه نور خارجي مؤقَّت ، يُستبدل في الآخرة بظُلمة في الوجه ، و العياذ بالله ...أتدرين لماذا؟
قالت: لا !!
قلت :لأن الله تعالى يجازي مَن يطيعه بأشياء كثيرة منها : النور في الوجه ، والبركة في الرِّزق، ومحبة الناس له ..والأجمل من كل هذا : رضوان الله !!!!
فظلت تفكر في كلامي ، فأردفتُ قائلة:
هل أدلك يا غاليتي على ما ينير الوجه أيضاً ؟!!
قالت : نعم .
قلت :
أولا ً: قيام الليل ، وخاصة في الثُلُث الأخير من الليل حيث يتجلى الله تعالى على عباده فيجيب دعاءهم، ويغفر ذنوبهم، ويكسوهم من نوره و بهاءه...لذلك تلاحظي أن المواظبين على قيام الليل حِسان الوجوه .
قالت : و
ثانيا ً؟
قلتُ : الدعاء بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اجعل لي في قلبي نوراً، وفي قبري نورا ،وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا ،وفي شَعري نورا ، وفي بَشَري نورا ،وفي لحمي نورا وفي دمي نورا، وفي عَظمي نورا، وعن أمامي نورا وعن خلفي نورا وعن يميني نورا وعن شمالي نورا، ومن فوقي نورا ،ومن تحتي نورا ، واجعلني نورا، و زِدني نورا.
قالت : و
ثالثا؟
قلتُ: الوضوء، والغُسل، وتلاوة القرآن ، والصلاة بخشوع ، وطهارة القلب من الغِل ، و الحقد، والحسد ؛ والرِّضا بقضاء الله ، وتقوى الله في السِّر و العلانية ... ولك أن تلاحظي وجوه الطائعين لله ، المتقين له .
قالت: و
رابعا ً؟
قلتُ : الثقة بالنفس ، التي منبعها الثقة بأنك أكرم مخلوقات الله ، وأنك قادرة على تحقيق إنجازات عظيمة بتوفيق الله ، والقيام بعمل ما يتوافق مع إمكاناتك ومواهبك من هذه الإنجازات ، فإن ذلك يبعث في نفسك السعادة ، والسعادة تجعلك تشعِّين نورا ً.
والآن يا حبيبتي ساجيبك عن سؤالك: أنا لا أقوم بتهذيب حاجِبيَّ لعدة أسباب :
أولاً : لأنني أحب ربي عز وجل، فهو الذي خلقهما لي بهذا الشكل ، لذلك انا أحب صُنعه :
"
صُنعَ الله الذي أتقَنَ كُلَّ شيء"(سورة النمل -88)
ثانياً : أن الله عز وجل يقول: " إ
نَّا كُلَّ شيءٍ خلقناهُ بِقَدَر"(سورةالقمر-49 ) فلابد أنهما بهذا الشكل يقومان بعدة مهام ؛ منها أنها تحمي العينين من العرق ، كما أنني متأكدة من أن الله تعالى قد خلقهما بشكل يتناسب مع شكل وجهي، وبقية ملامحي .
ثالثا ً:أن الشيطان هو الذي يحرِّض على ذلك ؛ كما جاء في القرآن الكريم :" إِ
ن يَدعُونَ مِن دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإن يَدعُونَ إِلا شَيطَاناً مَّرِيدا، لعنه الله ، وقال لأتخذنَّ من عبادك نصيبا ًمفروضا ً، وَلأُضِلَّنَّهُم وَلأُمَنِّيَنَّهُم ولآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنعَامِ، و لَآمُرَنَّهُم فلَيُغيِّرُنَّ خَلقَ الله " (سورة النساء- 119)
وقد فعل وأمرنا يتغيير خلق الله لوجوهنا التي خلقها الله في أحسن تقويم…فهل أعصي ربي وأطيع الشيطان يا أخيتي؟!!!!
فنظرَ ت إلي وهي تحاول الإجابة، فقلتُ لها :
أرجو ان تستمعي لبقية الآية لتعرفي الإجابة:
" وَ
مَن يَتَّخِذِ الشَّيطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللهِ فَقَد خَسِر خُسرَاناً مُّبِيناً، يَعِدُهُم وَيُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيَطانُ إِلا غُرُوراً،أوْلَئِكَ مَأوَاهُم جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنهَا مَحِيصاً (سورة النساء: 119)
هل تعرفين ماذا يقول الشيطان للذين أطاعوه يوم القيامة ؟
قالت : لا
فقلت : بقول الله تعالى في سورة الأنفال :"
وإذِ زيَّن لهم الشيطانُ أعمالهم وقال لا غالبَ لكمُ اليومَ من الناس وإنِّي جارٌ لكم، فلما تراءت الفئتان نكصَ على عقبيه وقال إني برىء منكم إني أخافُ الله ، واللهُ شديدُ العقاب"(48)
في سورة الحشر : : "
كَمَثلِ الشيطن، إذ قال للشيطان اكفُر، فلما كفرَ قال إني برىءٌ مِنك ،إني أخافُ اللهَ ربَّ العالَمين "(16)
فنطرَت إليَّ وهي مندهشة ...فقلتُ لا تندهشي إن الشيطان مخلوق ضعيف ،ولكنه لا يريد أن يدخل النار بمفرده لأنه علم يقيناً أن مصيره إلى النار ،أعوذ بالله منها .
رابعاً: أن الله تعالى قال : "
لقد خلَقنا الإنسانَ في أحسنِ تقويم " ..و
لو تأمَّلتِ المرأة قبل وبعد أن تنتف حاجبيها لوجدتِ أن شكلها قبله كان أكثر جمالا وأقرب للطبيعي ،
أما بعد النتف فتشعرين أن بشكلها شيئا ًغير طبيعي، كما أنها تبدو أكثر سِنَّا ً، ويصبح شكلها أقرب للماجنات العابثات ، فهل تحبين ذلك ؟
قالت : بالطبع لا .
خامساً : أنني علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "
لعن الله ُالنامصة و المتنمصة "
فالنمص هو ترقيق الحاجبين وتدقيقه طلباً للحُسن ،والنامصة هي التي تنتف شعر الحاجبين بنفسها أو تفعله بغيرها ، أما المتنمصة فهي التي تأمر غيرها أن يفعل ذلك لها.
[COLOR="DarkOrchid"]هل تعرفين معنى اللعن يا غاليتي؟[/
COLOR]
قالت : لا .
قلتُ: إنه "الإبعاد والطرد من الخير. وقيل : الطرد والإبعاد من الله.. وكل من لعنه الله فقد أبعده عن رحمته واستحق العذاب فصار هالكاً"
هل تعرفين نتائج الطرد من رحمة الله؟
قالت : لا .
قلتُ: إن المسلم ، وحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة بعمله ،وإنما برحمة الله ....فهل من المنطقي أن أضيِّع نعيم الجنة الدائم الذي يُعد هو المستقبل الحقيقي، من أجل بضع شعرات؟
قالت : بالطبع لا .
قلت : "إن سعينا في الدنيا كله وعبادتنا لله ماهي إلا طلبا ًلرحمة الله ، ألا تسمعين حين يقال : فلانة توفيت، ألاندعو لها بالرحمة و نقول : رحمها الله ؟
قالت : بلى !
قلت: فهذه الرحمة التي يتسابق إليها عباد الله ويتنافس فيها أولياؤه وأولهم الرسول صلى
الله عليه وسلم-الذي غًفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر- قد ابتعدَت عنها النامصة – هداها الله – بل
واقتربت من لعنته وسخطه –سبحانه- من أجل شعيرات تزيلها من حاجبيها!!!!"
أما سمعتِ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لن يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله ، قيل ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته وقال بيده فوق رأسه "
وهذا في الآخرة ، أما في الدنيا، فانظري ماذا قال الله تعالى عن الملعونين : " ومَن يلعِنِ الله ُفلَن تجِد له نصيرا "
أي أنه مغلوب مقهور دائماً ، فهل تحبين ذلك لنفسك يا أخيتي؟
قالت : لا ، أعوذ بالله من ذلك ، وأعوذ بالله من النار ....ولكن ما رأيُكِ في تشقير الحاجبين؟
فسألتُها : وما رأيُكِ أنتِ؟
ففكرَت طويلا ًثم قالت : " إذا كان النمص محرما ًلأنه تغيير لخَلق الله ، فإن التشقير تغيير أيضا لخلق الله ، فقد خلقني الله بصورة معينة لا ينبغي تغييرها.
فربتْت على كتفيها وابتسمت لها ابتسامة حانية ، وأنا أقول : الحمد لله الذي هداكِ لهذا، وأعانك على أن تستخدمي عقلك في الوصول إلى الحق ،
جعلك الله يا غالية من الذين قال عنهم :
"
ومن يُطِع اللهَ ورسولَه فقد فازَ فوزاً عظيما"
لقدعبر العلماء عن رأيك هذا بقولهم :
"
وسواء كان النمص بالنتف واللقط أو بالحفّ أو بالحلق أو بأي وسيلة حديثة فهو نمص .
والحكم يدور مع علـّتِه وجودا وعدما - كما هو مُقرر في علم أصول الفقه –
أي متى ما وُجدت علّـة التحريم وُجِد الحُكم .
والعلة هنا منصوص عليها وهي : تـغـيـير خلق الله .
ا
لتغيير يحصل بأي وسيلة كانت ، ولذا أفتى العلماء بأن التـّـشقـيـر داخل تحت فمعنى وحُـكم النّمص وقد أفتى فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين بأن التـّـشقـيـر يلحق بالنمص"
قالت لي: ولكن هناك من الدُّعاة من يقول أن التهذيب فقط (أي التخفيف والتنظيم ) وليس النتف الكامل لا يُعد تغييرا لخلق الله !!
(
يتبع)
الروابط المفضلة