الســـلام عليكم و رحمة الله
قال تعالى :
( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطــواْ من رحمة الله
إن الله يغفر الذنـــوب جميعا إنه هو الغفور الرحيــم ) [الزمر :53]
و قال أيضا :
( رحمتي وسعت كل شيء ) [الأعراف : 156]
و روى مسلم عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها )
و روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
( قال الله تعالى : يا ابن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك و لا أبالي ،يا اين آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقـُـراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تـُشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة )
صححه الألباني
فيــــــــــــا أمة الله ...
( هلمي إلى الدخول على الله و مجاورته في دار السلام ، بلا نصب و لا تعب و عناء
بل من أقرب الطرق و أسهلها ، و ذلك أنكِ في وقت بين الوقتين و هو في الحقيقة عمرك ،
و هو وقت الحاضر بين ما مضى و ما يـُستقبل ،
فالذي مضـى تـُصلحينه بالتوبة و الندم و الإستغفار ، و ذلك شيء لا تعب عليك فيه و لا نصب ، و لا معاناة عمل شاق ، و إنما هو عمل قلب ، و تمتنعين فيما يـُستقبل من الذنوب
و امتناعك ترك و راحة ، ليس هو عمل بالجوارح يشق عليكِ معاناته ، و إنما هو عزم و نية جازمة تريج بدنكِ و قلبكِ و سركِ ، فما مضى تصلحينه بالتوبة ، و ما يـُستقبل تـُصلحينه بالإمتناع و العزم و النية ، و ليس للجوارح في هذين نصب و لا تعب ،
و لــن الشأن في عمركِ و هو وقتكِ الذي بين الوقتين ، فإن أضعتيه أضعت سعادتكِ و نجاتكِ ، و إن حفظتيه مع إصلاح الوقتين الذين قبله و بعده بما ذكر ، نجوت و فزتِ بالراحة
و اللذة و النعيم ، و حفظه أشق من إصلاح ما قبله و مابعده ، فإنّ حِـفظهُ أن تـُـلزمي نفسك
بما هو أولى بها و أنفع لها و أعظم تحصيلا لسعادتها .
و فـــي هذا تفاوت الناس أعظم تفاوت ، فهي و الله أيامك الخالية التي تجمعين فيها الزاد لمعادكِ ، إما إلى الجنة و إما إلى النار ، فإن اتخذت إليها سبيلا إلى ربك بلغت السعادة العظمى ، و الفوز الأكبر في هذه المُدة اليسيرة التي لا نسبة لها إلى الأبد ،
و إن آثرتِ الشهوات و الراحات و اللهو و اللعب ، انقضت عنكِ يسرعة و أعقبتكِ الألم
العظيم الدائم الذي مقاساته و معاناته أشق و أصعب و أدوم من معاناة الصبر عن محارم الله
و الصبر على طاعته و مُخالفة الهوى لأجله ) الفوائد لابن القيم
فيـــا أمة الله .....
سارعـــي إلى المغفرة ، فقد دعاكِ إلى النجاة مولاك
و فتح باب الإجابة و ناداك ، و دلكِ على منافعك و هداك
و حثكِ على البدار رفقاً بكِ بقولــه
( وسارعواْ إلى مغفرة من ربكم ) [ آل عمران : 133]
لله درّ أقوام بادرواْ الأوقات ، و استدركواْ الهفوات
شغلواْ العيون بالدموع من النظر إلى المحرمــات
و سجنواْ الألسن في سجن الصمت عن موارد الهفوات
و كفواْ الأكف عن تناول الشهوات ، و قيدواْ الأقدام
عن السعي إلا للطــاعات ، إن غشيهن الليل ضجواْ
بالأصوات في الخلوات ، و إن أقبل النهار قطعوه
بمقاطعة اللذات
أفيطمع في لحاقهم من عري عن هذه الصفات ؟؟
أو يرجواْ الخلاص مع عدم الإخلاص ؟؟
( أم حسب الذين اجترحواْ السيئات أن نجعلهم كالذين آمنواْ و عملواْ الصالحات )
[الجاثية : 21]
الروابط المفضلة