أعتقد أنني وإياكم نتفق على أن لكل واحد منا طموحه الذي يسعى لتحقيقه .. فأنا أطمح لغاية ما أريد تحقيقها .. وأنتم كذلك تتطمحون لتحقيق غاية ما في نفوسكم ... أليس كذلك ؟ ... هذه سنة موجودة في البشر كلهم ... أن نبذل ما في وسعنا للوصول لطموحاتنا ... ومع ذلك ... لابد أن هناك دافع يدفعنا ويحرك طموحاتنا ... إما موقف ... أو قصة من قصص الطامحين ... أو تجربه في الحياة ... أو غير ذلك ...
نقف أيها الأحبة .. مع شيء من هذه الطموحات ... مع نماذج بسيطة لشخصيات كانت تطمح لغايات في حياتها .. وتحملت الصعاب في سبيل نيلها وتحقيقها ... فعلا هم تمنوا أمنيات عظيمه .. ولم يسبقهم أحد في الحصول عليها ... دائما ما أضع كفي على خدي وأنا أتأمل سيريهم ... وأقول في نفسي أين أنا من أمثال هؤلاء ... سبحان ربي .. هكذا كانت حياتهم ..
عبيد بن يعيش يقول : أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل كانت أختي تلقمني وأنا اكتب الحديث ... فهكذا كان يشغلهم كتابة الحديث عن الطعام .... الطبري المفسر المحدث الفقيه حافظ الوقت كان يصلي الظهر يجلس يكتب في التصنيف إلى العصر ... ثم يجلس للناس يُقرئ ويقرأ عليه إلى المغرب ...ثم يجلس للفقه والدرس إلى العشاء الآخرة ثم يدخل منزله ... قد قسم ليلة ونهاره في مصلحة نفسه ودينه والخلق ... مرت عليه أربعين سنة لا يمر عليه يوم منها إلا يكتب فيها أربعين ورقة
يقول ابن الجوزي – رحمه الله - : كتبت بإصبعي هاتين آلفي مجلد قال الذهبي : ما علمت أحدا من العلماء صنف مثل هذا الرجل كان يجمع برايات أقلامه فلما مات سُخِّن به الماء الذي غسل به ففاض منها من برايات الأقلام .... وهكذا النووي كان لا يضيع وقتا لا في ليل ولا في نهار إلا بالاشتغال بالعلم وطلبه ست سنين متواصلة لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكله بعد العشاء الآخرة ويشرب شربة واحدة عند السحر وربما امتنع عن بعض الطعام قال : أخاف أن يرطب جسمي ويجلب لي النوم
كان علقمه يقرأ القرآن في خمس ليالي . الأسود صاحبه كان يقرأه في ست . عبد الرحمن بن يزيد في سبع . مسلم بن يسار كان إذا صلى كأنه وتد لا يميل يمينا ولا شمالا وهكذا عطاء كما صحبه ابن جرير ثمانية عشرة سنة لما كبر وضعف كان يقوم الليل بمائتي آية من البقرة فكيف أيام الشباب ؟! ... قال محمد بن منكدر : ما بقي من الدنيا إلا ثلاث قيام الليل ولقاء الإخوان والصلاة في جماعة ... البخاري يقوم يتهجد من الليل عند السحر يقرأ ما بين النصف إلى الثلث من القرآن ..
وإذا كان لنا من مثل هذه الوقفات دروس وعبر أن نأخذها ..فإن علينا أن ننظر اليوم أيها الاخوة في حالنا ونقارب بأولئك القوم.. وينبغي أن نشحذ هممنا وعزائمنا بأخبار سلفنا ...ونسأله أن يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا ونسأله أن يدخلنا برحمته في عباده الصالحين
الروابط المفضلة