إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيرا..
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأشكروه على ما أنعم به عليكم مما أخرجه لكم من طيبات الرزق واللباس واستمعوا قول الله تعالىيا بني أدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ) بين الله سبحانه في هذه الآية فوائد هذا اللباس لأنه زينة ومواراة للسوءة أي ستر للعورة لأن الله لم يجعل للإنسان ساتراً طبيعياً من أصل الخلقه لأجل أن يتذكر الإنسان أنه دائماً في عورة ومحتاج إلى الستر فينتقل من معرفة الحاجة إلى الستر الحسي للعورة الحسية ينتقل من معرفة ذلك إلى معرفة الحاجة إلى الستر المعنوي للعورة المعنوية وهي عورة نقص الدين والأخلاق فيسترها بتكميل دينه وأخلاقه ولقد دلت النصوص أن اللباس بقسميه لباس الزينة ولباس الحاجة إن الأصل فيه الحل إلا ما قام الجميل على تحريمه قال الله تعالى (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) وقال سبحانه (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) قال ذلك إنكاراً على من يحرمون شيئاً من اللباس والطعام بغير دليل ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بين لهم ما لا يجوز من اللباس بياناً ظاهراً لا خفاء فيه ومما حرمه رسول الله لباس ما يختص بالكفار سواءً كان لباساً شاملاً للجسم كله أو لعضو منه وكل لباس يختص بالكفار لا يلبسه غيرهم وأنه لا يجوز للمسلم لبسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من تشبه بقوم فهو منهم ) فإذا تشبه الإنسان بالكفار في لباسهم فإن ذلك يجره إلى أن يتشبه بهم في أخلاقهم ثم في ديانتهم فيؤدي ذلك إلى الكفر المحضي والعياذ بالله ومما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس الرجل ما يختص بالمرأة وأن تلبس المرأة ما يختص بالرجل فلا يجوز للمرأة أن تلبس شيئاً لا يلبسه إلا الرجال ولا يجوز للرجل أن يلبس شيئاً لا يلبسه إلا النساء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال أما ما كان يلبسه الجميع فإنه جائز للجميع ومما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس الإنسان ما يقصد به الفخر و الخيلاء من ثوب أو سروال أو نعل أو غيرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسخر أحد على أحد ويتفاخر بالرفعة والعلو عليه إن هذا المستخف الذي أعجب بماله وهندامه إنه لا يدرى فلعل الأحوال تتغير ويحل محل من أفتخر عليه بالفقر والإعواذ ويحل الثاني محله بالغنى والجود وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (بينما رجل يمشي في حلة أي إزار ورداء تعجبه نفسه مرفع رأسه يختال في مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة ) وفي الحديث عن أبن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم : من تعظم في نفسه وأختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان ومما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل لباس الرجل إلى ما تحت الكعبين فلا يجوز للرجل أن تنزل ثيابه إلى ما تحت الكعبين سوى إن كان قميصاً أم سروالاً أم مشلحا وسوى قصد بذلك الخيلاء أم لم يقصد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ما أسبل في الكعبين فهو في النار) فإن جره خيلاء كانت العقوبة أعظم وأشد قال النبي صلى الله عليه وسلم من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) وقال صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) وإنك لتعجب من بعض الذين أنعم الله عليهم اليوم يجعلون ثيابهم تكب على الأرض أو تنزل عن الكعبين ثم يجادلون بالباطل يحتجون بقول أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يبتغي علي إلا أن أتعاهده فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنك لست ممن يصنع ذلك خيلاء يقولون فنحن لا نجره خيلاء ونحن إذا قبلنا منهم هذه الدعوة فإنهم ليس بأيديهم تزكية كما زكي النبي صلى الله عليه وسلم أبى بكر نقول لهم إذا أتيتمونا بتزكية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإننا نسكت عن الإنكار عليكم على أن ظاهر حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يتعاهده ولكنه يبتغي عليه أحياناً وهؤلاء ليسوا كحال أبي بكر بل هم يفصلون الثوب على أن يكون فضفاضاً ينجر على الأرض أو ينزل عن الكعبين ومن العجب أن بعضهم يعتذر ويقول إن الخياط هو الذي جعله طويلاً وهذه الحجة لا تنفعهم عند الله ولا عند عباد الله فإن الخياطين لو قلت لهم خيطوا لي ثوباً إلى الركبة لخاطوا لك ثوباً إلى الركبة ولو قلت خيطوا لي ثوباً ينجر ذراعاً على الأرض لخاطوا لك ذلك فهم كما تأمر يفعلون على أنه لا يجوز للخياط أن يخيط ثوباً لرجل ينزل عن الكعبين فإن فعل ذلك كان معين له على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ومما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس الرجل الذهب فلا يجوز للرجل أن يلبس ذهباً لا خاتماً ولا سواراً ولا أزراراً ولا غيره ففي صحيح مسلم من حديث أبن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم وطرحه وقال: ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ) فقال الناس للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك أنتفع به فقال والله لا أخذه وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سنن النسائي عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً قدم من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ( إنك جئتني وفي يدك جمرة من نار) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من مات من أمتي وهو يتحلى بالذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة) وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً وذهباً فقال :هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثهن ومن ذلك أيضاً لـُد خاتم الخطبة الذي يسمونه الدبلة فهو سيئ للرجال والنساء لأن هذه العادة من سنن النصارى كما قاله بعض العلماء ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم يضع الرجل الذي يريد الزواج يضع الخاتم على رأس إبهام العروسه ويقول بسم الأب ثم يضعه على رأس السبابة ويقول بأسم الابن يعنون بالأب الله عز وجل ويعنون بالابن عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم وتعالى الله عن قولهم ثم يضعه على رأس الوسطى ويقول بأسم روح القدس وعندما يقول آمين يضعه في البنصر حيث يستقر أيها الأخ المسلم إذا كانت هذه العادة متلقاة من النصارى فكيف ترضى لنفسك وأنت مسلم أم تقلدهم فيها وتتشبه بهم وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من تشبه بقوم فهو منهم) كيف تنزل بعقلك إلى هذه الخرافة التي لا حقيقة لها وليست الدبلة هي التي تجلب المودة وليس عدمها هو الذي يطرد المودة وكم من أناس ركبوا الدبل فكان بينهم وبين نسائهم أعظم العداوة وما أكثر الذين لا يلبسونها وهم في أقوى ما يكون من المودة بينهم وبين زوجاتهم وعن أبن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالإنه قال إن الرقي والدول والتمائم شرك فسر العلماء الدولة بأنها شئ يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والدبلة شبيه بالدولة لأنهم يعتقدون أنها رابطة بين الزوج وزوجته وهي بعيدة من ذلك فليست بربط شرعي لأن الربط الشرعي بين الزوجين يكون بعهد النكاح وليست ربطاً كونياً لأنها لا تأثير لها حساً سوى ما يقع في وهم لابسيها بناء على عقيدة لا أصل لها ومن اللباس المحرم لبس الرجل والمرأة ما لا يستر من الثياب فمثل الرهيف الذي لا يستر والقصير ويتضح ذلك في الرجال في أيام الصيف حيث يلبسون سراويل قصيرة يبدو منها بعض الفحش وثياباً رهيفة عليها لا تستر وهذا لا يسترهم في الصلاة فلا تصح صلاتهم حينئذ فيقعون في خطأ عظيم ولذلك يجب على الإنسان إذا أستعمل هذه السراويل القصيرة أن يجعل فوقها ثياباً طفيفة لا تصف البشرة وإلا أن يطول السراويل حتى تستر ما بين السرة والركبة أما النساء فأنه يتضح ذلك في حقهن حيث يلبس بعض النساء خماراً رهيفاً يعني قترة رهيفة تغطي وجهها فتبدو ووجهها بين ظاهر فاتقوا الله أيها المسلمون واستعينوا بنعم الله على طاعته ولا تجعلوا هذه النعم وسيلة للاشروالبطر والرفاهية الموقعة في الإثم واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب واستغفروه أنه هو الغفور الرحيم ...
الحمد الله على إحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وربو بيته وسلطانه وأشهد أن محمد عبده ورسوله المؤيد ببرهانه الداعي إلى جنته ورضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه وسلم تسليماً كثيرا...
الروابط المفضلة