انتقلت منتديات لكِ النسائية إلى هذا الرابط:
منتديات لكِ النسائية
هذا المنتدى للقراءة فقط.


للبحث في شبكة لكِ النسائية:
عرض النتائج 1 الى 5 من 5

الموضوع: اقراه لعله يجعلك تفكر قبل ان يدرك الموت

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الردود
    224
    الجنس

    اقراه لعله يجعلك تفكر قبل ان يدرك الموت

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



    منقول للإستفادة



    أهوال القبور

    للحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله



    قال الشيخ الإمام العالم العلامة أبو الفرج عبد الرحمن بن الشيخ الصالح شهاب الدين أحمد بن رجب رحمه الله تعالى :

    الحمد لله الذي أسكن عباده هذه الدار , وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار , وجعل الدار الآخرة هي دار القرار ، وجعل بين الدنيا والآخرة برزخاً يدلّ على فناء الدنيا باعتبار ، وهو في الحقيقة إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار ، ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار وسبق رحمته بعباده غضبه ، وهو الرحيم الغفار ، أحمده على نعمه الغزار ، وأشكره ، وفضله على من شكر مدرار ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار ، الرسول المبعوث بالتيسير والإنذار ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله و صحبه صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار .

    أما بعد : فإن الله سبحانه وتعالى خلق بني آدم للبقاء لا للفناء ، وإنما ينقلهم بعد خلقهم من دار إلى دار ، كما قال ذلك طائفة من السلف الأخيار ، منهم بلال بن سعد ، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما ، فأسكنهما في هذه الدار ، ليبلوهم أيُّهم أحسن عملاً ، ثم ينقلهم إلى دار البرزخ فيحبسهم هنالك إلى أن يجمعهم يوم القيامة ويجزي كل عاملٍ جزاء عمله مفصّلاً هذا مع أنهم في دار البرزخ بأعمالهم مدانون مكافؤن ، فمكرَّمون بإحسانهم وبإساءتهم مهانون ، قال الله سبحانه وتعالى : { ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } قال مجاهد : البرزخ الحاجز بين الموت والرجوع إلى الدنيا ، وعنه قال : هو ما بين الموت إلى البعث ، قال الحسن : هي هذه القبور التي بينكم وبين الآخرة ، وعنه قال أبو هريرة : هي هذه القبور التي تركضون عليها لايسمعون الصوت , وقال عطاء الخرساني : البرزخ مدة ما بين الدنيا والآخرة , وصلى أبو أمامة على جنازة فلما وضعت في لحدها , قال أبوأمامة : هذا برزخ إلى يوم يبعثون .

    وقيل للشَّعبي مات فلان قال : ليس هو في الدنيا ولا في الآخرة هو في برزخ ، وسمع رجلا يقول : مات فلان أصبح من أهل الآخرة . قال : لا تقل من أهل الآخرة ! ولكن قل من أهل القبور .

    وقد سألني بعض الإخوان الصالحين أن أجمع لهم ما ورد من أخبار البرزخ وأحوال الموتى الذاهبين ، فإن في سماع ذلك للقلوب عظة ، وهو يحدث لأهل الغفلة الانتباه واليقظة ، فاستخرت الله تعالى في جمع ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة وأخبار سلف الأمة ، وما ورد في الاتعاظ بالقبور وكلام الحكماء من منظوم ومنثور ، كل ذلك على وجه الاختصار ، لأن استيعاب ذلك يوجب الملل للإطالة والإكثار .



    والله المسؤول أن يجعلنا ممن يبادر الفوت ، ويراقب الموت ويتأهب للرحلة قبل الممات ، وينتفع بما سمع من العظات بمنَّه وكرمه .

    وقد قسمته ثلاثة عشر باباً ، والله المسؤول أن يجعله عملاً خالصاً صواباً :

    الباب الأول : في ذكر حال الميِّت عند نزوله قبره وسؤال الملائكة له وما يفسح له في قبره أو يضيق عليه وما يرى من منزله في الجنة أو في النار .

    الباب الثاني : في ذكر كلام القبر عند نزوله إليه .

    الباب الثالث : في اجتماع الموتى إلى الميت عند موته وسؤالهم إياه .

    الباب الرابع : في اجتماع أعمال الميت إليه من خير أو شر ومدافعتها عنه وكلامها له وما ورد من تحسر الموتى على انقطاع أعمالهم ومن أكرم منهم ببقاء عمله عليه .

    الباب الخامس : في عرض منازل أهل القبور عليهم من الجنَّة أو النار بكرةً وعشياً .

    الباب السادس : في ذكر عذاب القبر ونعيمه .

    الباب السابع : في ما ورد من تلاقي أرواح الموتى في البرزخ وتزاورهم .

    الباب الثامن : في ما ورد من سماع الموتى كلام الأحياء ومعرفتهم بمن يسلم عليهم ويزورهم ومعرفتهم بحالهم بعد الموت وبحال أقاربهم في الدنيا .

    الباب التاسع : في ذكر محل أرواح الموتى في البرزخ .

    الباب العاشر : في ذكر القبور وظلمتها على أهلها وتنويرها عليهم بدعاء الأحياء وما ورد من حاجة الموتى إلى دعاء الأحياء وانتظارهم لذلك .

    الباب الثالث عشر : في ذكر كلمات منتخبة من كلام السلف الصالح في الاتعاظ بالقبور ، وما ورد عنهم في ذلك من منظوم ومنثور .

    وسميته كتاب : " أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور " .

    والله المسؤول أن يجعله خالصاً لوجهه مقرباً إليه نافعاً في الدنيا و الآخرة لجامعه ومن وقف عليه ؛ إنه أكرم المسؤولين وأعظم المأمولين .



    &&&&& سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم &&&&&

    الباب الأول



    في ذكر حال الميت عند نزوله قبره وسؤال الملائكة له وما يفسح له في قبره أو يضيق عليه وما يرى من منزله في الجنة أو النار



    1- قال الله تعالى :{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء } وخرجا في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } نزلت في عذاب القبر ، زاد مسلم : "يقال له : من ربك ؟ فيقول ربي الله ونبيي محمد ، فذلك قوله سبحانه وتعالى :{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } .

    2- وفي رواية للبخاري قال : إذا أُقعد [ العبد ] المؤمن في قبره أتى ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فذلك قوله :{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت [ في الحياة الدنيا و في الآخرة ] } .

    3- وخرج الطبراني من حديث البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يقال للكافر : من ربك ؟ فيقول : لا أدري ، فهو تلك الساعة أصم أعمى أبكم ، فيضرب بمرزبة لو ضرب بها جبل صار تراباً فيسمعها كل شيء غير الثقلين " ، قال : وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء } .

    4- وخرج أبو داود من حديث المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : " إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولَّوا مدبرين حين يقال له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ ، " وفي رواية له قال : ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله فيقولان ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولان له : وما يدريك ، فيقول قرأت كتاب الله ، فآمنت به وصدقت ، " وفي رواية له " فذلك قوله عز وجل { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } الآية . قال : فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة ، وافتحوا له باباً الى الجنة وألبسوه من الجنة ، قال : فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره " قال : وذكر الكافر قال " وتعاد روحه إلى جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان له: ما دينك فيقول : هاه هاه لا أدري ، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له باباً إلى النار قال : فيأتيه من حرِّها وسمومها ، " قال "ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه " .

    وفي رواية له " ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار تراباً " قال: فيضربه ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين ، فيصير تراباً " قال " ثم تعاد فيه الروح " .

    5- وخرجه النسائي وابن ماجة مختصراً ، وخرجه الإمام أحمد بسياق مطول والحاكم وقال على شرط الشيخين . وفي رواية للإمام أحمد " ثم يقيض له أعمى أبكم أصم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان تراباً فيضربه ضربة فيصير تراباً ثم يعيده الله كما كان . فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين " .

    قال البراء بن عازب : " ثم يفتح له باب إلى النار ويمهد له من فرش النار " كذا خرجه من رواية يونس بن خباب عن المنهال بن عمرو .

    6- وخرجه ابن مندة من هذا الوجه أيضاً وزاد في حديثه " لو اجتمع عليها الثقلان ليقلبوها لم يستطيعوا فيضربه بها ضربة يصير تراباً ، وتعاد فيه الروح فيضربه بين عينيه ضربة فيسمعها من على الأرض ليس الثقلين فينادي مناد : أن افرشوا له لو حين من نار وافتحوا له باباً إلى النار " .

    7 –وخرجه أيضاً من طريق عيسى بن المسيب عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال فيه في حق المؤمن " فيأتيه منكر ونكير يثيران الأرض بأنيابهما و (( يفحصان )) الأرض بأشعارهما فيجلسانه " .

    وذكر في الكافر مثل ذلك وزاد فيه " أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف " وقال " فيضربانه بمزربة من حديد لو اجتمع عليها ما بين الخافقين لم تقدر تقل " .

    8 – وخرجا في الصحيحين من حديث قتادة عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال : فيراهما جميعاً " قال وذكر لنا أنه يفسح له في قبره مد بصره ثم رجع إلى حديث أنس قال " وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضرب فيصيح صيحة يسمها من يليه غير الثقلين " .

    9 – وخرجه أبو داود بزيادات أخر منها " إن المؤمن يقال له ما كنت تعبد فإن الله هداه ، قال كنت أعبد الله فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول هو عبد الله ورسوله ، فما يسأل عن شيء غيرها وزاد فيه أيضاً " فيقول دعوني حتى [ أذهب ] فأبشر أهلي فيقال له أسكن " .

    وذكر في الكافر " إنه يسأل عما كان يعبد ثم عن هذا الرجل " .

    10- وخرجا في الصحيحين من حديث أسماء بنت أبي بكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم كسفت الشمس " ولقد أوحي إليَّ أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريباً من فتنة المسيح الدجال يؤتى أحدكم ، فيقال له : ما علمك بهذا الرجل ، فأما المؤمن أو الموقن فيقول : محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى ، فأجبنا وآمنا واتبعنا ، فيقال له : نم صالحاً ، فقد علمنا إن كنت لمؤمناً ، وأما المنافق والمرتاب فيقول : لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته " .

    11 – وخرجه الإمام أحمد ولفظه : "ولقد أوحي إليَّ أنكم تفتنون في قبوركم ويسأل الرجل ما كنت تقول : وما كنت تعبد ؟ فإن قال : لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ويصنعون شيئاً فصنعته . قيل له أجل على شك عشت وعليه مت هذا مقعدك من النار ، وإن قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداًرسول الله ، قيل له : على اليقين عشت وعليه مت هذا مقعدك من الجنة " .

    12 – وخرج الترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا قبر الميت أو قال أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما : المنكر ، والآخر النكير ، فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول ما كان يقول : هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول هذا ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين ذراعاً ، ثم ينور له فيه ، ثم يقال له : نم ، فيقول : أرجع إلى أهلي فأخبرهم ، فيقولان : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ، وإن كان منافقاً قال : سمعت الناس يقولون شيئاً ، فقلت مثله لا أدري ، فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول ذلك ، فيقال للأرض التئمي عليه ، فتلتئم عليه حتى تختلف أضلاعه ، فلا يزال فيها معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه " .

    13- وخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة أيضاً عن النبي - الله عليه وسلم - قال : [ إن الميت يصير إلى القبر ] ويجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشغوف ، ثم يقال له : فيم كنت ، فيقول : كنت في الإسلام فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءنا بالبينات ممن عند الله فصدقناه فيقال له : هل رأيت الله ؟ فيقول : ما ينبغي لأحد أن يرى الله فيفرج له فرجة قبل النار . فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً فيقال له : انظر إلى ما وقاك الله ، ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له : هذا مقعدك [ ويقال له ] على اليقين كنت وعليه مت ، وعليه تبعث إن شاء الله تعالى ، ويجلس الرجل السوء في قبره فزعاً مشغوفاً فيقال له : فيم كنت ؟ فيقول : لا أدري ، فيقال له : ما هذا الرجل ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون قولاً فقلته فيفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له : انظر إلى ما صرف الله عنك ، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً فيقال له هذا مقعدك ، على الشك كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله [ تعالى ] " .

    14 – وخرج الطبراني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة فلما فرغ من دفنها وانصرف الناس قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - " إنه الآن يسمع خفق نعالهم ، أتاه منكر ونكير أعينهما مثل قدور النحاس ، وأنيابهما مثل صياصي البقر ، وأصواتهما مثل الرعد ، فيجلسانه فيسألانه ما كان يعبد . ومن كان نبيه ، فإن كان ممن يعبد الله قال : كنت أعبد الله ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم - جاءنا بالبينات والهدى فآمنا واتبعنا فذلك قول الله تعالى { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } الآية فيقال له : على اليقين حييت وعليه مت وعليه تبعث ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ويوسع له في حفرته ، وإن كان من أهل الشك قال : لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته . فيقال له : على الشك حييت وعليه مت وعليه تبعث ، ثم يفتح له باب إلى النار ويسلط عليه عقارب وتنانين لو نفخ أحدهم في الدنيا ما أنبتت شيئاً تنهشه وتؤمر الارض فتنظم حتى تختلف أضلاعه " .

    15 – وخرج الإمام أحمد من حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " قال إن هذه الأمه تبتلى في قبورها فإذا دخل المؤمن قبرة وتولى عنه أصحابه جاءه ملك شديد الإنتهار فيقول له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول المؤمن : إنه عبد الله ورسوله فيقول له الملك : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أنجاك الله منه وأبدلك بمقعدك الذي ترى من الجنة فيراهما كليهما فيقول المؤمن : دعوني أبشِّر أهلي ؟ فيقال له : اسكن ، وأما المنافق فيقعد إذا تولى عنه أصحابه وأهله فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ قال : لا أدري ، أقول ما يقول الناس . فيقال : لا دريت هذا مقعدك الذي كان لك في الجنة أبدلك الله به مقعدك من النار .

    16- قال جابر : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يبعث كل عبد على ما مات عليه ، المؤمن على إيمانه ، والمنافق على نفاقه .

    17 – وأخرج ابن ماجه من حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا دخل الميت القبر مثلت الشمس عند غروبها فيجلس يمسح عينيه ويقول دعوني أصلي " .

    18 – وخرج الإمام أحمد أيضاً من حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " وأما فتنة القبر فبي تفتنون وعني تسألون ، فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ولا مشعوف ثم يقال له : فيم كنت ؟ فيقول : في الإسلام ، فيقال : ما هذا الرجل الذي كان فيكم ؟ فيقول : محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى من عند الله فصدقناه ، فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً فيقال له انظر إلى ما وقاك الله منه ، ثم يفرج له فرجه قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال : هذا مقعدك منها ويقال له : على اليقين كنت ، وعليه مت ، وعليه تبعث إن شاء الله ، وإن كان الرجل السوء أجلس في قبره فزعاً مشغوفاً فيقال له فيم كنت ؟ فيقول : لا أدري فيقال : ما هذا الرجل الذي كان فيكم ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون قولاً فقلت كما قالوا ، فيفرج له فرجة إلى الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال له : أنظر إلى ما صرف الله عنك ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً ، ويقال له هذا مقعدك منها ، على الشك كنت ، وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ثم يعذب " .

    19- وخرج الإمام أحمد أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري قال : شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازةً فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فإذا دفن الإنسان وتفرق عنه أصحابه جاءه ملك في يده مطراق فأقعده ، قال : ما تقول في هذا الرجل ؟ فإن كان مؤمناً قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله فيقول [ له ] صدقت . ثم يفتح له باباً إلى النار فيقول هذا كان منزلك لو كفرت بربك ، فأما إذا آمنت بربك فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض إليه فيقول له : اسكن ويفسح له في قبره ، وإن كان كافراً أو منافقاً فيقول له : ما تقول في هذا الرجل ؟ فيقول لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فيقول : لا دريت ولا تليت ولا اهتديت ثم يفتح له باباً إلى الجنة فيقول له : هذا منزلك لو آمنت بربك ، فأما إذا كفرت به فإن الله [ عز وجل ] أبدلك [ به ] هذا ويفتح له باب إلى النار ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله [ عز وجل ] كلهم غير الثقلين " . فقال بعض القوم : يا رسول الله ما أحد يقوم عليه ملك بيده مطراق إلا هيل عند ذلك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } .

    20- وخرج أبو بكر الخلال في كتاب السنة من حديث عمر بن الخطاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " كيف أنت يا عمر إذا كنت من الارض في أربعة أذرع في ذراعين فرأيت منكراً ونكيراً ، قلت : يا رسول الله وما منكر ونكير ، قال فتانا القبر يبحثان الأرض بأنيابهما ، ويطآن في أشعارهما ، أصواتهما كالرعد القاصف ، وأبصارهما كالبرق الخاطف ، ومعهما مرزبة لو اجتمع عليها أهل منى لم يقدروا رفعها هي أيسر عليهما من عصاي هذه " قال : قلت : يا رسول الله وأنا على حالي هذه ؟ قال : " نعم " . فقلت : إذا أكفيكهما . وفي رواية أيضاً " فامتحناك فإن التويت ضرباك ضربة صرت رماداً " وفي إسناده ضعف .

    21- وخرجه الأسماعيلي من وجه آخر فيه ضعف أيضاً عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وزاد فيه " يأتيان الرجل في صورة قبيحة يطآن على شعورهما ، ويحفران الأرض بأنيابهما " وزاد فيه " يقولان له : من ربك ؟ فإن كان مسلماً يقول : ربي الله , وإن كان فاجراً فيقول : لا أدري ، فيضربانه ضربه لو كان جبلاً صار تراباً فيصيح صيحةً ما يبقى شيء إلا سمعها إلا الثقلين الجن والإنس . فذلك قوله سبحانه وتعالى { ويلعنهم اللاعنون } .

    22- وقد رويَ حديث عمر هذا من وجوه أخرى مرسلة وخرج الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر فتاني القبر فقال عمر : أترد إلينا عقولنا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كهيئتكم اليوم " فقال عمر : بفيه الحجر .

    23- وخرج أبو داوود عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال " استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فأنه الآن يُسأل " .

    24- وفي حديث يونس عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر سؤال المؤمن في قبره وإن الملك ينتهره قال : وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن فذكر قوله تعالى { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } الآية , أخرجه الإمام أحمد .

    25- وكذا رواه جرير عن الأعمش عن المنهال وفي حديثه " إن المؤمن يقول ذلك ثلاث مرات ثم ينتهرانه انتهارة شديدة وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن " .

    26- ورواه أبو عوانه عن الأعمش وفي حديثه " ويأتيه ملكان شديدا الانتهار " . وذكر في حق الكافر والمؤمن , وقد روي عن مجاهد أن الموتى كانوا يفتنون في قبورهم سبعاً فكانوا يستحبون أن يطعم عنهم تلك الأيام .

    27- وعن عبيد بن عمير قال : المؤمن يفتن سبعاً والمنافق أربعين صباحاً .

    28- وقال الإمام أحمد أخبرنا يزيد بن هارون عن المسعودي عن العلاء بن الشخير حدثنا بعض حفدة أبي موسى الأشعري أن أبا موسى الأشعري أوصاهم قال : إذا حفرتم فأعمقوا قعره أما أني والله لأقول لكم ذلك وأني لأعلم إن كنت من أهل طاعة الله ليفسحن لي في قبري ولينور لي فيه . ثم ليفتحن لي باب مساكني في الجنة فما أنا بمساكني من داري هذه بأعلم من مساكني منها ، ثم ليأتيني من روحها وريحتها وريحانها . ولئن كنت من أهل المنزلة الأخرى ليضيقن علي قبري ، وليهدمنَّ على الأرض ، وليفتحن الله إلى باب مساكني من النار ، فما أنا بمساكني من داري هذه بأعلم من مساكني منها ، ثم ليأتيني من شرها ، وشرورها ودخانها .

    29- وروى المسعودي عن عبد الله بن المخارق عن أبيه قال : قال عبد الله – يعني ابن مسعود – إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره فيقال له ، من ربك ، ما دينك ، من نبيك ؟ قال : فيثبته الله تعالى فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام و نبيي محمد - صلى الله عليه وسلم - فيوسع له في قبره ويفرج له فيه ، ثم قرأ عبد الله { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } الآية .

    30- وقال ابن أبي الدنيا حدثنا أحمد بن بحير حدثنا بعض أصحابنا قال : مات أخ لي فرأيته في النوم فقلت له : ما حالك حين وضعت في قبرك ؟ قال : أتاني آت بشهاب من نار ، فلولا أن داعياً دعا لي لرأيت أنه سيضربني .



    فصل



    وقد أطلع الله من شاء من عباده على كثير ممَّا ورد في هذه الأحاديث حتى سمعوه وشاهدوه عياناً ، ونحن نذكر بعض ما بلغنا من ذلك :



    31- روى شبابة بن سوار حدثنا المغيرة بن مسلم عن حصين عن عبد الله بن عبيد الأنصاري قال : كنت ممن دفن ثابت بن قيس بن شماس ، وكان أصيب يوم اليمامة ، فلما أدخلناه القبر سمعناه يقول : محمد رسول الله أبو بكر الصديق ، عمر الشهيد ، عثمان الرحيم ، فنظرنا فإذا هو ميت .

    خرجه أبو عبد الله بن مجلز عن محمد بن عبد الله الأصم عن شبابة بن سوار بن محمد .

    32- وخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن خلف البزار عن خالد الطحان عن حصين به ولفظه : إن رجلاً من قتلى مسيلمة تكلم فقال : محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عثمان اللين الرحيم .

    33-وخرجه ابن الدنيا من طريق يزيد بن طريف ، قال مات أخي فلما ألحدوه وانصرف الناس وضعت رأسي على قبره فسمعت صوتاً ضعيفاً أعرف أنه صوت أخي وهو يقول الله فقال له الآخر فما دينك ؟ قال : الإسلام .

    34- ومن طريق العلاء بن عبد الكريم قال : مات رجل ، وكان له أخ ضعيف البصر قال أخوه : فدفنّاه ، فلما انصرف الناس وضعت رأسي على القبر فإذا أنا بصوت من داخل القبر يقول : من ربك ، ومن نبيك ؟ فسمعت صوت أخي وهو يقول : الله ، قال الآخر : فما دينك ؟ قال : الإسلام .

    35- وخرجه في كتاب القبور بلفظ آخر وهو : قال : فإذا أنا بصوت داخل القبر يقول : من ربك ومن نبيك ؟ فسمعت أخي وعرفته وعرفت صوته قال : الله ربي ، ومحمد نبيي ثم ارتفع شبه سهم من داخل القبر إلى أذني فاقشعر جلدي وانصرفت .

    36- وقال أبو الحسن بن البراء العبدي في كتاب الروضة : حدثني الفضل بن سهل الأعرج قال أحمد بن نصر : حدثني رجل رفعه إلى الضحاك قال :توفي أخ لي فدفن قبل أن ألحق جنازته فأتيت قبره فاستمعت عليه فإذا هو يقول : ربي الله والإسلام ديني .

    37- وروينا من طريق مزداد بن جميل قال : قال أبوه المغيرة ما رأيت مثل المعافي بن عمران بعدما دفن فسمعه وهو يلقن في قبره وهو يقول : لا إله إلا الله ، فيقول المعافي : لا إله إلا الله وهو يلقّن في قبره .

    38 وخرج ابن أبي الدنيا في كتاب القبور من حديث يزيد بن حوشب قال : كنت جالساً عند يوسف بن عمرو ، وإلى جانبه رجل كأن شق وجهه صفحة من حديد : فقال : حدث يزيد بما رأيت قال : كنت شاباً قد أتيت هذه الفواحش فلما وقع الطاعون ، قلت أخرج إلى ثغر من هذه الثغور ، ثم رأيت أن أحفر القبور فإني لليلة بين المغرب والعشاء قد حفرت قبراً وأنا متكىء على تراب آخر ، إذ أقبل بجنازة رجل حتى دفن في ذلك القبر ، وسوينا عليه التراب ، فأقبل طائران أبيضان من المغرب مثل البعيرين حتى سقط أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ثم آثاراه ثم تدلى أحدهما في القبر ، والآخر على شفيره قال : فجئت فجلست على شفير القبر ، وكنت رجلاً لا يملأ جوفي شيء ، قال : فضرب بيده غلى حقوه ، فسمعته يقول : ألست الزائر أصهارك في ثوبين ممصرين تسحبهما كبراً تمشي الخيلاء ، فقال أضعف من ذلك ، فضربه ضربة إمتلأ القبر حتى فاض ماء أو دهناً ، قال ثم عاد فعاد عليه مثل القول الأول حتى ضربه ثلاث ضربات ، كل ذلك يقول له ويذكر أن القبر يفيض ماء ، أو دهناً ، قال ثم رفع رأسه فنظر إلي فقال : انظر أين هو جالس أبلسه الله ، قال ثم ضرب جانب وجهي فسقطت ، فمكثت ليلتي حتى أصبحت . قال : ثم أخذت أنظر إلى القبر على حاله وأذكر جلوسي وذكر نحو هذا أو شبهه ، وكذلك شواهد اتساع اللحد وانفراجه .

    39- وروى ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين بإسناده عن أبي غالب صاحب أبي أمامه أن فتى بالشام حضره الموت فقال لعمه : أرأيت لو أن الله دفعني إلى والدتي ما كانت صانعة بي ؟ قال : إذاً والله تدخلك الجنة . فقال : والله لله أرحم بي من والدتي فقبض الفتى ، فجزع عليه عبد الملك بن مروان قال : فدخلت القبر مع عمه فخطوا له خطاً فلم يلحدوه ، قال فقلنا بالبن فسوينا عليه فسقطت لبنه ، فوثب عمه فتأخر قلت :ماشأنك قال : ملىء قبره نورا ، وفسح له مد بصره .

    40- وبإسناده عن محمد بن ابان عن حميد قال : كان لي ابن أخت فذكر شبها بهذه الحكاية إلا أنَّه قال: فاطلعت في اللحد ، فإذا هو مد بصري ، قلت لصاحبي رأيت ما رأيت ؟ قال : نعم فليهنك ذلك قال فظننت أنه بالكلمة التي قالها .

    41- وروي في كتاب ذكر الموت بإسناده عن أبي بكر بن أبي مريم عن الأشياخ قال : كان شيخ من بني الحضرمي بالبصرة وكان شيخا صالحا، وكان له ابن أخ يصحب الفتيان الفساق فكان يعظه ، فمات الفتى ، فلما أنزله عمه في قبره فسوى عليه اللبن شك في بعض أمره ، فنزع بعض اللبن فنظر فإذا قبره أوسع من جبانة البصرة ، وإذا هو في وسط منها ، فرد عليه اللبن وسأل امرأته عن عمله فقالت : كان إذا سمع المؤذن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله يقول : وأنا اشهد بما شهدت به ، وأكفيها من تولى عنها .

    42- وقال أبو الحسن بن البراء حدثني عبد الرحمن بن أحمد الجعفي ، حدثني علي بن محمد حدثنا يزيد بن نوح النخعي قرابة لشريك بن عبد الله قال : صليت في الكوفة على ميت ثم دخلت قبره حتى أصلحت عليه اللبن ، فبينا أنا أصلح عليه اللبن وقعت لبنة في القبر فإذا أنا بالكعبة والطواف قد مثلا لي في القبر ، فسويت عليه اللبن وصعدت .

    43- قال ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت : حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا كثير بن يحيى بن كثير البصري ، حدثنا أبي حدثنا أبو مسعود الجريري ، حدثني شيخ في مسجد الأشياخ قال : كان يحدثنا عن أبي هريرة قال : بين نحن حول مريض لنا إذ هدأ وسكن حتى ما يتحرك منه عرق فسجيناه وأغمضناه . فأرسلنا إلى ثيابه وسدره وسريره . فلما ذهبنا لنحمله لنغسله تحرك فقلنا : سبحان الله ما كنا نراك إلاَّ قد مت ! قال: فإني قد مت وذهب بي إلى قبري فإذا إنسان حسن الوجه طيب الريح قد وضعني في لحدي فطواه بالقراطيس إذ جاءت إنسانه سوداء منتنة الريح فقالت : هذا صاحب كذا وكذا أشياء ، والله أستحي منها ، كأنما أقلعت عنها ساعتي تيك قلت : أنشدتك الله أترد عني هذه ، قالت: انطلق نخاصمك ، فانطلقت إلى دار فيحاء وسعة فيها مسطبة كأنها فضة ، وفي ناحية منها مسجد ورجل قائم يصلي فقرأ سورة النحل فتردد في مكان منها ، ففتحت عليه فانفتل فقال : السورة معك ؟ قلت : نعم قال : أما أنها سرة النعم ورفع وسادة قريبة منه فأخرج منها صحيفة ، فنظر فيها فبدرته السوداء فقالت : فعل كذا وفعل كذا وفعل كذا ، قال : وجعل الحسن الوجه يقول : وفعل كذا وفعل كذا ، وفعل كذا ، يذكر محاسني فقال الرجل عبد ظالم لنفسه ولكن الله تجاوز عنه لم يجئ أجل هذا بعد ، أجل هذا يوم الإثنين قال : فقال : انظروا فأن أنا متُّ يوم الإِثنين ، فأرجو لي ما رأيت وإن لم أمت يوم الاثنين فإنما هو هذيان الوجع ، قال: فلما كان يوم الأثنين صح حتى بعد العصر، ثم أتاه أجله فمات .

    44-وفي الحديث : فلما خرجنا من عند الرجل قلت للرجل الحسن الوجه : ما أنت ؟ قال: أنا عملك الصالح ، قلت: فما الإِنسانة السوداء المنتنة الريح ؟ قال ذلك عملك الخبيث ، أو كلام يشبه هذا .

    45- وفي كتاب ابن أبى الدنيا خرج لأبى القاسم إسحاق بن إبراهيم بن سنين الختلي ، سمعت عبد الله بن محمد العنسي يقول : حدثني عمرو بن مسلم عن رجل حفار للقبور قال : حفرت قبرين وكنت في الثالث فاشتد علي الحر فألقيت كسائي على ما حفرت وأستظليت فيه ، فبينا أنا كذلك إذ رأيت شخصين على فرسين أشهبين فوقفا على القبر الأول فقال أحدهما لصاحبه : أكتب قال : ما أكتب : قال فرسخ في فرسخ ، ثم تحولا إلى الآخر فقال : أكتب قال : ما أكتب ؟ قال مدّ البصر ، ثم تحولا إلى الآخر الذي أنا فيه فقال : أكتب قال : وما اكتب قال فتر في فتر فقعدت أنظر الجنائز فجيء برجل معه نفر يسير فوقفوا على القبر الأول ، قلت ما هذا الرجل ؟ قالوا : إنسان قراد يعني سقاء ذو عيال ، ولم يكن له شيء فجمعنا له فقلت : ردوا الدراهم على عياله ، ودفنته معهم ثم أتي بجنازة ليس معها إلا من يحملها ، فسألوه عن القبر الذي قال : مد البصر، قلت : من ذا الرجل ؟ فقالوا : إنسان غريب مات على مزبلة لم يكن معه شيء فلم آخذ منهم شيئاً ، فصلى معهم وقعدت أنتظر الثالث ، فلم أزل أنتظر إلى العشاء ، فأتي بجنازة امرأة لبعض القواد فسألتهم الثمن فضربوا برأسي ودفنوها فيه.

    &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&



    الباب الثاني

    في كلام القبر عند نزوله إليه



    46- خرج الترمذي من حديث عبد الله بن الوليد الوصافي عن عطيه عن أبى سعيد قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مصلاّه فرأى أناسا كأنهم يكثرون ، أو يضحكون فقال : " أما إنكم لو أكثرتم من ذكر هادم اللذات لأشغلكم عما أرى الموت فأكثروا ذكر هادم اللذات ، فإنه لم يأت يوم على القبر إلا يتكلم فيه فيقول : أنا بيت الغربة ، أنا بيت الوحدة ، أنا بيت التراب ، أنا بيت الدود فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر ، مرحباً وأهلاً : إن كنت لأحب من يمشي على ظهري ، فإذا وليتك اليوم وصرت إلي فسترى صنيعي بك ، فيتسع له مد بصره ، ويفتح له باب إلى الجنة ، وإذا دفن العبد الكافر أو الفاجر قال القبر : لا أهلاً ولا مرحباً ، أما إن كنت لأبغض من يمشي على ظهره فإذا وليتك اليوم وصرت إلي فسترى صنيعي بك قال : فيلتئم عليه القبر حتى تلتقي وتختلف أضلاعه " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابعه وأدخلها بعضها في بعض قال : " ويقيض له سبعين تنيناً لو أن واحداً منهم نفخ على الأرض ما أنبتت شيئاً ، ما بقيت الدنيا فتنهشه وتخدشه حتى يفضي به إلى الحساب . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار " ، وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، قلت : الوصافي شيخ كوفي صالح أشغلته العبادة عن حف الحديث حتى وقعت المنكرات في حديثه . وفي آخر حديثه هذا رويت عن أبي سعيد من وجه آخر موقوفة ومرفوعة وسنذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى ، وباقي حديثه لا يعرف عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن روي معناه من وجه آخر .

    47-روى بقية بن الوليد عن أبي بكر بن أبي مريم عن الهيثم بن مالك الطائي عن عبد الرحمن بن عائد عن أبي الحجاج الثمالي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول القبر للميت حين يوضع فيه : ويحك يا ابن آدم من غرك بي ألم تعلم أني بيت الفتنة ، وبيت الظلمة ، وبيت الوحدة ، وبيت الدود ، ما غرك بي إذ كنت تمر بي مراراً قال : فإن كان مصلحاً أجاب عنه مجيب القبر ، فيقول : أرأيت إن كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قال فيقول القبر إني إذا تحول عليه خضراً ويعود جسده نوراًً ، وتصعد روحه إلى الله تعالى " خرجه ابن الدنيا وأبو أحمد الحاكم في كتاب الكنى .

    48- قال : أبو الحجاج الثمالي ، واسمه عبد الله بن عبيد ، ويقال عبد الله بن عبداري له صحبة ، وقد روى هذا الكلام معاوية بن صالح أخبرني مخبر عن عمرو بن عائد الأزدي عن غضيف بن الحارث الكندي سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : ( إن العبد إذا وضع في قبره فذكره بنحوه ) خرجه أبو الحسن بن البراء عن علي بن المديني ، عن زيد بن الحباب عن معاوية ، وكذا رواه يحيى بن جابر الطائي عن ابن عائذ الأزدي وهذا الموقف أصح .

    49- وروى محمد بن أيوب الرملي عن أبيه عن الأوزاعي عن ابن المنكدر عن جابر رفعه قال : ( إن للقبر لساناً ينطق به يقول : يا ابن آدم كيف نسيتني ، ألم تعلم أني بيت الوحشة، وبيت الغربة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق إلا ما وسع الله عز وجل ) أيوب بن سويد فيه ضعف ، وابنه محمد متروك .

    50- قال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر الفقيه الحنبلي في كتاب الشافي في الفقه حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الشيرازي ، حدثنا محمد بن حماد قال : قرىء على عبد الرزاق وأنا حاضر عن الثوري عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فوجد القبر لم يلحد ، فجلس وجلسنا حوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا وضع الميت في قبره ثم سوى عليه كلمته الأرض ، فتقول : أما علمت أني بيت الوحشة ،والغربة ، والدود فماذا أعددت لي " غريب جداً وحديث البراء بن عازب معروف وقد سبق بعضه ولا نعرف هذا اللفظ فيه من غير هذا الوجه ، والشيرازي غير معروف .

    51- وخرج ابن منده من طريق عروة بن مروان الرقي حدثنا محمد بن سلمة عن حفيص عن مجاهد عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله وفيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا وضع الميت في لحده تقول له الأرض : إن كنت لحبيباً إلي وأنت على ظهري ، فكيف إذا صرت اليوم إلي سأريك ما أصنع بك ، فسيفسح له في قبره مد البصر " .

    52- وخرج ابن الدنيا من طريق داود بن فائد قال : صعدت مع عبد الله بن عبيد بن عمير في جنازة فقال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الميت يقعد وهو يسمع خطا مشيعيه فلا يكلمه شيء أول من حفرته فتقول : ويحك أي بني آدم ، أليس قد حذرتني وضيقي وهو لي ودودي فما أعددت لي؟ " .

    53- ومن طريق عبد أبي بكر المكي حدثني أبي حدثني عبيد بن عمير قال : " ليس من ميت يموت إلا نادته حفرته التي يدفن فيها : أنا بيت الظلمة ،والوحدة والإنفراد ، فإن كنت في حياتك مطيعاً كنت اليوم عليك رحمة، وإن كنت لربك عاصياً، فأنا اليوم عليك نقمة، أنا البيت الذي من دخلني مطيعاً خرج مسروراً ، ومن دخلني عاصياً ، ومن دخلني عاصياً خرج مني مثبوراً " .

    54- وروى هناد بن السري عن حسين الجعفي ، عن مالك بن مغول ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : " يجعل الله القبر لساناً ينطق به فيقول : ابن آدم كيف نسيتني أما علمت أني بيت الأكلة وبيت الدود ، وبيت الوحدة ، وبيت الوحشة " .

    55- وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن عمر بن ذر قال : إذا دخل الميت حفرته نادته الأرض أمطيع أم عاص ، فإن كان صالحاً ناداها مناديه ناحية القبر عودي عليه خضراء كوني عليه رحمة ، فنعم العبد كان لله عز وجل ، ونعم المورد إليك قال : فتقول الأرض الآن استحق الكرامة ، وبإسناده عن محمد بن السماك الواعظ قال : بلغنا أن الرجل إذا وضع في قبره فعذب أو أصابه بعض ما يكره ناداه جيرانه من الموتى أيها المخلف في الدنيا بعد إخوانه وجيرانه أما كان لك فينا معتبراً ، أما كان لك في تقدمك إيانا فكرة ، أما رأيت انقطاع أعمالنا عنا في المهلة ، فهلا استدركت ما فات إخوانك قال : فتناديه بقاع القبر ، أيها المغتر بظاهر الدنيا هل اعتبرت بمن غيب عنك من أهلك في بطن الأرض ممن غرته الدنيا قبلك ثم سبق له أجله إلى القبور وأنت تراه محمولاً تهادى به أحبته إلى المنزل الذي لا بد منه .

    &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&



    الباب الثالث

    في اجتماع الموتى إلى الميت وسؤالهم إياه



    56- خرج النسائي وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر خروج الروح وقال في روح المؤمن : فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشدّ فرحاً به من أحدكم بغائبه يقدم عليهم فيسألونه ما فعله فلان ؟ فيقولون : دعوه حتى يستريح فإنه [ كان ] في غم الدنيا فإذا قال أما أتاكم ؟ قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية .

    57- روى معاوية بن يحيى وفيه ضعف عن عبد الرحمن بن سلمة أن أبا رهم السمعي حدثه أن أبا أيوب الأنصاري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عند الله كما يتلقى البشير في الدنيا فيقول : انظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب شديد فيسألونه ما فعل فلان ، وما فعلت فلانة وهل تزوجت فلانة ؟ فإذا سألوه عن رجل مات قبله قال : مات قبلي ، قالوا : إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية " .

    خرجه ابن أبي الدنيا وغيره وخرجه ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن أبي رهم عن أبي أيوب الانصاري موقوفاً ، وكذا رواه محمد بن سميع عن ثور ، ورواه سلام الطويل وهو ضعيف جداً عن خالد بن معدان ورواية ابن المبارك أصح .

    58- روى ابن أبي الدنيا بإسناده عن جعفر عن سعيد هو ابن جبير قال : إذا مات الميت استقبله أهله كما يستقبل الغائب ، وباسناده عن صالح المري قال : بلغني أن الأرواح تتلاقى عند الموت فتقول أرواح الموتى للروح التي تخرج إليهم : كيف كان مأواك وفي أي السدين كنت في طيب أم خبيث ؟ قال ثم بكى حتى غلبه البكاء .

    59- وبإسناده عن ثابت البناني قال : بلغنا أن الميت إذا مات احتوشته أهله وأقاربه الذين تقدموا من الموتى قال ولهو أفرح بهم وهم أفرح به من المسافر إذا قدم على أهله .

    60- ومن طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال : أهل القبور يتوكفون الأخبار فإذا أتاهم الميت قالوا ما فعل فلان ؟ فيقول صالح ما فعل فلان ؟ فيقول : ألم يأتكم أوما قدم عليكم فيقولون : إنا لله وإنا إليه راجعون سلك به غير سبيلنا .

    61- وعن عبيد بن عمير أيضاً قال : إذا مات الميت تلقته الأرواح يستخبرونه كما كان يستخبر الراكب : ما فعل فلان ؟ فإذا قال : توفي ولم يأتهم قالوا ذهب به إلى أمه الهاويه وعنه قال: وإني آيس من لقاء من مات من أهلي إلا لقاني قدمت كمداً .

    62- وعن السري بن إسماعيل قال سمعت الشعبي ذكر ابنه فقال رحمه الله تعالى يقال إن كان اللقاء لقريب ثم حدثنا أن الميت إذا وضع في لحده أتاه أهله وولده فسألوه عمن خلف بعده وكيف فلان وما فعل فلان .

    63- وقال آدم بن أبي إياس في تفسيره حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولون له ما فعل فلان ما فعل فلان ؟ فإذا قال : مات قبلي ، قالوا : إذهب به إلى أمه الهاوية بئست الأم وبئست الهاوية ".

    64- وخرج اللالكائي من طريق مؤمل عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال : إذا قبض روح المؤمن عرج به إلى السماء ، فتلقاه أرواح المؤمنين فيسألونه : مافعل فلان ؟ فيقول خيراً فيقولون : اللهم هديته لذلك فثبته لذلك . ثم يقولون ما فعل فلان : فيقول : ألم يأتكم ؟ فيقولون : لا والله ولا مر بنا ، سلك به إلى أمه الهاوية ، فبئست الأم وبئست المربية .

    65- وخرج ابن أبي الدنيا من طريق يونس عن الحسن قال : إذا حضر المؤمن حضره خمسة ملائكة فيقبضون روحه ، فيعرجون به إلى السماء الدنيا فتلقاهم أرواح المؤمنين الماضية فيريدون أن يستخبروه فتقول الملائكة : أرفقوا به فإنه خرج من كرب عظيم ، فيسأله الرجل عن أخيه ، وعن صاحبه ، فيقول : كما عهدت ، حتى يستخبروه عن الرجل الذي مات قبله فيقول أما أتاكم ؟ فيقولون أو قد مات ؟ فيقول : أي والله ، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون . ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية .

    66-وروى أبو نعيم بإسناده عن وهب بن منبه قال : إذا مات الميت من أهل الدنيا تلقته الأرواح فيسألونه عن أخبار الدنيا كما يسأل الغائب أهله إذا قدم عليهم .

    67- روى ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن منصور بن أبي منصور سمع عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : إذا مات المؤمن مر به على المؤمنين وهم أندية فيسألونه عن بعض أصحابهم ، فإن قال مات ، قالوا : استقبل . وإن كان كافراً قالوا هوى به إلى الأرض السافلة ، فيسألونه عن الرجل فإن قال قد مات قالوا عليَّ به ، خرجه ابن أبي الدنيا .

    &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&



    الباب الرابع



    في اجتماع أعمال الميت عليه من خير وشر ومدافعتها عنه ، وكلامها له ، وما ورد من تحسر الموتى على انقطاع أعمالهم ، ومن أكرم منهم تبقى أعماله عليه



    68- روى ابن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والذي نفسي بيده إنه ليسمع خفق نعالكم حين تولون عنه ، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه ، والزكاة عن يمينه والصوم عن شماله ، وفعل الخيرات والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى من قبل رأسه ، فتقول الصلاة ليس من قبلي مدخل ، فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة ليس من قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن شماله فيقول الصوم ليس قبلي مدخل ، ثم يؤتى من قبل رجليه ، فيقول : فعل الخيرات والإحسان إلى الناس ليس قبلي مدخل ، فيقال له : اجلس ، فيجلس وقد مثلت الشمس للغروب فيقولون له : ما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : أشهد أنه رسول الله ، جاءنا بالبينات من عند ربنا فصدقناه واتبعناه ، فيقال له : صدقت ، وعلى هذا حييت ، وعلى هذا مت ، وعليه تبعث إن شاء الله ، فسيفسح له في قبره مد بصره فذلك قوله سبحانه : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } الآية . فيقال : افتحوا له باباً إلى النار فيقال : هذا منزلك لو عصيت الله فيزداد غبطة وسروراً ، ويقال : افتحوا له باباً إلى الجنة فيفتح له فيقال هذا منزلك وما أعد الله لك فيزداد غبطة وسروراً ، فيعاد الجسد إلى ما بدىء منه وتجعل روحه نسم طير معلق في شجر الجنة ، وأما الكافر فيؤتى في قبره من قبل رأسه ، فلا يعني شيئاً فيجلس خائفاً مرعوباً فيقال له : ما تقول في هذا الرجل الذي كان فيكم وما تشهد به ؟ فلا يهتدى لاسمه فيقال : محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول : سمعت الناس يقولون شيئاً فقلت كما قالوا ، فيقال له : صدقت على هذا حييت وعليه متَّ وعليه تبعث إن شاء الله ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ، فذلك قوله تعالى { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً } فيقال : افتحوا له باباً إلى الجنة فيفتح له باب إلى الجنة فيقال : هذا منزلك وما أعد الله لك لو كنت أطعته فيزداد حسرة وثبوراً ، ثم يقال : افتحوا له باباً إلى النار فيفتح له باباً إليها فيقال له : هذا منزلك ، وما أعد الله لك فيزداد حسرة وثبوراً " .

    69- قال أبو عمرو الضرير : قلت لحماد بن سلمة : كان هذا من أهل القبلة ؟ قال : نعم ، قال أبو عمرو : كأنه شهد بهذه الشهادة على غير يقين يرجع إلى قلبه كأن يسمع الناس يقولون شيئاً فيقول ، خرجه الطبراني .

    70- وخرجه الخلال في كتاب السنة وزاد فيه بعد قوله : " وقد مثلت الشمس قد دنت للغروب فيقال: هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه ؟ فيقول : دعوني حتى أصلي فيقولون : إنك ستفعل أخبرنا عما نسألك عنه " ، وذكر الحديث وخرجهابن حبان في صحيحه من طريق معتمر عن محمد بن عمرو به ، ورواه جماعة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة موقوفاً ، وقد روي من حديث أبي حازم عن أبي هريرة نحوه أيضاً مع الاختلاف في رفعه وقطعه .

    71- وخرجه ابن منده من طريق محمد بن جحادة عن طلحة بن مصرف عن أبي حازم عن أبي هريرة قال إذا وضع المؤمن في قبره أتاه شيطان من قبل رأسه فيحول بينه وبين سجوده ثم يأتيه من قبل يديه فيحول بينه وبين صومه ، ثم يأتيه من قبل رجليه فيحول بينه وبين قيامه عليهما في الصلاة ، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة ، فيقول : ربي بلغني منزلي فيقول : إن لك إخوة وأخوات لم يلحقوا فنم قرير العين لا تفزع بعدها.

    72- وخرجه أيضاً من طريق محمد بن الصامت عن أبي عيينة عن طلحة بن مصرف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة يرفعه : " يؤتى الرجل من قبل رأسه في قبره ، فإذا أتى دفعه تلاوة القرآن ، فإذا أتى من قبل يديه دفعته الصدقة فإذا أتى من قبل رجليه دفعه مشيه إلى المساجد " ، فذكر نحوه كذا في هذه الرواية السابقة ، إن الذي يأتيه في قبره شيطان .

    73- وفي حديث الأعمش عن المنهال عن زاذان قال : قلت للبراء أملك هو أم شيطان ؟ قال : فغضب غضباً شديداً ، ثم قال : كنا نحن أشد هيبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نسأله أملك هو أم شيطان إنما نحدثكم ما سمعنا .

    74- وخرج الإمام أحمد من حديث محمد بن المنكدر قال : كانت أسماء تحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا أدخل الإنسان في قبره فإن كان مؤمناً حف به عمله الصيام والصلاة قال فيأتيه الملك من نحو الصلاة فيرده ومن نحو الصيام فيرده فيناديه اجلس ، فيجلس فيقول ماذا تقول في هذا الرجل ؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال من ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم قال : فيقال وما يدريك أدركته ؟ قال يقول إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقول على ذلك عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث ، قال : إن كان فاجراً أو كافراً قال جاءه الملك ليس بينه وبينه شيء يرده فأجلسه قال : يقول اجلس ماذا تقول في هذا الرجل قال : أي رجل ، قال : محمد قال : يقول : والله ما أدري ، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ، قال : فيقول له الملك على ذلك عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث ، قال : ويسلط عليه دابة في قبره معها سوط بمزربة جمرة مثل غرب البعير تضربه ما شاء الله صمّاء لا تسمع صوته فترحمه " ، قلت : قوله : ويسلط عليه دابة إلى آخره ، قد روي من وجه آخر عن ابن المنكدر أنه بلغه ذلك فلعله مدرج في الحديث .

    75- وفي حديث زاذان عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد سبق ذكر بعضه قال في المؤمن : " ويأتيه رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح فيقول : أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير فيقول : رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي ".

    وقال في حق الكافر : " ويأتيه رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوءك ، فهذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول : أنا عملك الخبيث فيقول رب لا تقم الساعة " ، خرجه الإمام أحمد وغيره .

    76- وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن أبي بكر بن عياش عن المقبري عن عائشة رضي الله عنها قالت : إذا خرج سرير المؤمن نادى أنشدكم الله لما أسرعتم بي ، فإذا أدخل قبره لحقه عمله فتجيء الصلاة فتكون عن يمينه ، ويجيء الصوم فيكون عن يساره ، ويجيء عمله بالمعروف فيكون عند رجليه ، فتقول الصلاة ليس لكم قبلي مدخل ، كان يصلي فيأتون من قبل رأسه ، فيقول الصوم إنه كان يصوم ويعطش ، فلا يجدون موضعاً فيأتون رجليه فتخاصم عنه أعماله فلا يجدون مسلكاً .

    77- وبإسناده ثابت البناني قال : إذا وضع الميت في قبره احتوشته أعماله الصالحة وجاء ملك العذاب فتقول له بعض أعماله إليك عنه ، فلو لم يكن إلا أنا لما وصلت إليه .

    78- وعنه أيضاً قال إذا مات العبد الصالح فوضع في قبره أتي بفراش من الجنة ، وقيل له : نم هنيئاً لك قرة العين ، فرضي الله عنك ، قال ويفسح له في قبره مد بصره ويفتح له باب إلى الجنة ، فينظر إلى حسنها ويجد ريحها وتحتوشه أعماله الصالحة : الصيام ، والصلاة ، والبر ، فتقول له : أنصبناك واظمأناك وأسهرناك فنحن اليوم بحيث تحب ، نحن أنساؤك حتى تصير إلى منزلك من الجنة .

    79- وبإسناده عن كعب قال : إذا وضع العبد الصالح في قبره احتوشته أعماله الصالحة الصلاة والصيام والحج والجهاد والصدقة ، قال : وتجيء ملائكة العذاب من قبل رجليه فتقول الصلاة : إليكم عنه فقد أطال القيام لله عليهما قال : فيأتون من قبل رأسه فيقول الصيام : لا سبيل لكم عليه فقد أطال ظمأه لله تعالى في الدنيا ، قال فيأتون من قبل جسده فيقول الجهاد والحج : إليكم عنه فقد أنصب نفسه ، وأتعب بدنه ، وحج وجاهد لله عز وجل لا سبيل لكم عليه ، قال : فيأتون من قبل يديه فتقول الصدقة : كفوا عن صاحبي فكم من صدقة خرجت من هاتين اليدين حتى وقعت في يد الله عز وجل ابتغاء وجهه فلا سبيل لكم عليه ، فيقال : هنيئاً طيباً حياً وميتاً ، قال : ويأتيه ملائكة الرحمة فتفرشه فراشاً من الجنة ودثاراً من الجنة و دثاراً من الجنة ويفسح له في قبره مد البصر ، ويؤتى بقنديل من الجنة فيستضيء بنوره إلى يوم يبعثه الله من قبره .

    80- وبإسناده عن يزيد الرقاشي قال : بلغني أن الميت إذا وضع في قبره احتوشته أعماله فأنطقها الله تعالى فقالت أيها العبد المنفرد في حفرته انقطع عنك الأخلاء والأهلون فلا أنيس لك اليوم غيرنا قال : ثم يبكي ويقول : طوبى لمن كان أنيسه صالحا طوبى لمن كان أنيسه صالحا , والويل لمن كان أنيسه وبالا .

    81- وبإسناده عن يزيد الرقاشي أيضا انه كان يقول في كلامه : أيها المنفرد في حفرته المخلى في قبره بوحدته المستأنس في بطن الأرض بأعماله ليت شعري بأي أعمالك استبشرت , وبأي إخوانك اغتبطت , ثم يبكي حتى يبلَّ عمامته ويقول : استبشر والله بأعماله الصالحة واغتبط بإخوانه المتعاونين على طاعة الله .

    82- وبإسناده عن الوليد بن عمرو بن الصباح قال : بلغني أن أول شيء يجده الميت حوله عند رجليه فيقول : ما أنت ؟ فيقول : أنا عملك . وقد ورد في شفاعة القرآن لقارئه ودفعه عنه عذاب القبر خصوصاً سورة تبارك الذي بيده الملك .

    83- وخرج النسائي في عمل اليوم والليلة بإسناده عن ابن مسعود قال : من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها : المانعة .

    84- وخرجه خلف في فضائل القرآن ولفظه عن ابن مسعود أنه ذكر تبارك فقال : هي المانعة تمنع من عذاب القبر ، توفى رجل فأتى من قبل رجليه فتقول رجلاه لا سبيل لكم على ما قِبلي إنه كان يقرأ سورة الملك ، ويؤتى من قبل بطنه فيقول بطنه : لا سبيل لكم على ما قبلي إنه كان يقرأ سورة الملك .

    85- وأخرج أبو عبيد في كتاب فضائل القرآن بإسناده عن ابن مسعود قال : إن الميت إذا مات أوقدت له نيران حوله ، فتأكل النار ما يليها إن لم يكن له عمل يحول بينه وبينها وإن رجلاً مات ولم يكن يقرأ من القرآن إلا سورة ثلاثين آية ، فتأتيه من قبل رأسه فقالت إنه كان يقرأ بي فتأتيه من قبل رجليه فقالت : إنه يقوم بي فتأتيه من قبل جوفه ، فقالت : إنه كان وعائي ، قال فأنجته ، قال زر : فنظرت أنا ومسروق في المصحف فلم نجد سورة ثلاثين آية إلا تبارك .

    86- وروى عبد بن حميد في مسنده عن إبراهيم بن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال : إقرأ تبارك الذي بيده الملك ، احفظها وعلمها أهلك ،وولدك ، وصبيان بيتك ، وجيرانك فإنها : المنجية والمجادلة تجادل وتخاصم عند الله لقارئها ؛ وتطلب أن ينجيه من عذاب النار إذا كانت في جوفه ، وينجي الله بها صاحبها من عذاب القبر .

    87- وروى سوار بن مصعب وهو ضعيف جداً عن أبي إسحاق عن البراء يرفعه : " من قرأ : ألم السجدة وتبارك الذي بيده الملك قبل النوم ، نجا من عذاب القبر ، ووقى فتأنى القبر ".

    وسنذكر حديث عبادة في نزول القرآن مع الميت في قبره فيما بعد إن شاء الله تعالى .

    88- وروى هشام بن عمار حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن جابر عن أبيه عن عطاء بن يسار قال : إذا وضع الميت في لحده فأول شيء يأتيه عمله فيضرب فخذه الشمال فيقول : أنا عملك فيقول : فأين أهلي وولدي وعشيرتي ما خولني الله تعالى فيقول : تركت أهلك، وولدك ، وعشيرتك وما خولك الله وراء ظهرك ، فلم يدخل قبرك معك غيري ، فيقول : يا ليتني آثرتك على أهلي ، وولدي وعشيرتي ، وما خولني الله تعالى إذا لم يدخل معي غيرك .

    89- قال أحمد بن أبي الحواري حدثنا يحيى بن مليح عن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى { فلأنفسهم يمهدون } قال : في القبر ، قال أحمد : فحدثت به يحيى بن معين .

    قال : طوبى لمن كان له عمل صالح يكون وطاءه في قبره ، ويشهد لهذا كله ما في .

    90- الصحيحين عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يتبع الميت ثلاثة ، فيرجع اثنان ويبقى واحد ، يتبعه أهله وماله وعمله ، فيرجع أهله وماله و عمله ".

    91- وخرجه البزار والطبراني بسياق مطول من حديث أنس أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مامن عبد إلا له ثلاثة أخلاء فأما خليل فيقول له : ما أنفقت فلك ، وما أمسكت فليس لك ، فذلك ماله . وأما خليل فيقول : أنا معك فإذا أتيت باب الملك رجعت وتركتك فذلك أهله وحشمه ، وأما خليل فيقول : أنا معك حيث دخلت وحيث خرجت فذلك عمله ، فيقول : إن كنت لأهون الثلاثة علي " ، وخرج البزار والحاكم من حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه ، وقد اختلف في رفعه، ووقفه ، وقد روى هذا من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بسياق مبسوط وأن عبد الله بن كرز قال في هذا المعنى شعراً وأنشده للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن إسناده ضعيف جداً ، وخرج البزار هذا المعنى أيضاً من حديث أبي هريرة وسمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم وخرجه الطبراني أيضاً من حديث سمرة أيضاً .

    92- وروى إبراهيم بن بشار عن إبراهيم بن آدم أنه كان ينشد شعراً :

    ما أحدكم أكرم من مفرد أعماله في قبره تؤنسه

    منعم الجسم وفي روضة زينه الله فهي مجلسـه

    وأما العارفون بالله ، المحبون له ، المنقطعون إليه في الدنيا ، والمستأنسون به دون خلقه فإن الله بكرمه وفضله لا يخذلهم في قبورهم ، بل يتولاهم ويؤنس وحشتهم فـ { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } ، وقد جاء في بعض ألفاظ حديث يوم المزيد : أنهم يقولون لربهم في ذلك اليوم أنت الذي أنست منا الوحشة في القبور .

    93-وكتب محمد بن يوسف الأصبهاني العابد إلى أخيه : إني محذرك متحولك من دار مملكتك إلى دار إقامتك وجزاء أعمالك فتصير في قرار باطن الأرض بعد ظاهرها ، فيأتيك منكر ونكير فيقعدانك وينتهرانك ، فإن يكن الله معك فلا بأس عليك ، ولا وحشة ولا فاقة ، وإن يكن غير ذلك فأعذني الله وإياك من سوء مصرع وضيق مضجع ، وروى ابن أبي عاصم في المنام فسئل عن حاله فقال : يؤنسني الله عز وجل ، وأما من كان في الدنيا مشغولاً عن الله عز وجل وكان يخاف غيره فإنه يعذب في القبر بذلك .

    94- قال أحمد بن أبي الحواري : حدثنا إبراهيم بن الفضل عن إبراهيم أبي المليح الرقي قال : إذا أدخل ابن آدم قبره لم يبق شيء كان يخافه في الدنيا دون الله عز وجل إلا تمثل له في اللحد لأنه في الدنيا يخافه دون الله تعالى .

    95- وروى عبد الرحمن بن زيد بن أبي أسلم عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس الله على أهل لا إله إلا الله في قبورهم ولا يوم نشورهم وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤسهم يقولون : { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } ".



    فصل



    96- خرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : إلا من علم نافع ، أو صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له ".

    97- ومن حديث أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يتمنين أحدكم الموت لضرٍّ نزل به قبل أن يأتيه ، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا " .

    98- وروى عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة أن ابن أخي عابس الغفاري قال له : قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لاتمنوا الموت فإنه يقطع العمل ، ولا يرد الرجل فيستعتب " .

    99- وخرج الترمذي من حديث يحيى بن عبد الله عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد يموت إلا ندم " قالوا وما ندامته يا رسول الله ؟ قال : " إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد وإن كان مسيئا ندم أن لايكون نزع " ، يحيى هذا ضعفوه .

    99- وروى ابن أبي الدنيا عن أبي هشام الرفاعي حدثنا حفص بن غياث عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبر دفن حديثا فقال : لركعتان خفيفتان مما تحقرون أو تنفلون يراهما هذا في عمله أحب اليه من بقية دنياكم " غريب جدا .

    100- وروى أبو نعيم في الحلية من طريق عمرو بن واقد عن يونس بن حلبس أنه كان يمر على المقابر بدمشق بتهجير يوم الجمعة فسمع قائلا يقول : هذا يونس ابن حلبس قد هجر يحجون ويستمرون كل شهر ، ويصلون كل يوم خمس مرات أنتم تعملون ولا تعلمون ونحن نعلم ولا نعمل ، قالت : فلتفت يونس فسلم ، فلم يردوا عليه ، قال سبحان الله أسمع كلامكم ، وأسلم عليكم ، فلا تردون ، قالوا سمعنا كلامك وكلها حسنه وقد حيل بيننا وبين الحسنات والسيئات .

    101- وروى ابن ابي الدنيا باسناده عن سليمان التيمي عن ابي عثمان النهدي أن رجلا خرج في جنازة فانتهى إلى قبر قال : فصليت ركعتين ثم اتكأت عليه فربما سمعت أبا عثمان يقول : فوالله ان قلبي ليقظان إذ سمعت صوتا من القبر : إليك ولا تؤذني ، فإنكم قوم تعملون ولا تعلموا ، وإنا قوم نعلم ولا نعمل لأن يكون لي مثل ركعتيك أحب الي من كذا وكذا .

    102- وبإسناده عن أبي قلابة قال : أقبلت من الشام إلى البصرة فنزلت الخندق فتطهرت , وصليت ركعتين بالليل , ثم وضعت رأسي على قبر فنمت ثم انتبهت , فإذا صاحب القبر يشتكيني يقول : لقد آذيتني منذ الليلة ، ثم قال : إنكم لا تعلمون ونحن نعلم ولا نقدر على العمل إن الركعتين اللتين ركعتهما خير من الدنيا وما فيها ، ثم قال جزى الله أهل الدنيا خيراً ، إقرأهم منا السلام فإنه يدخل علينا من دعائهم نور مثل الجبال .

    103- وبإسناده عن زيد بن وهب قال : حدثني رجل قال : رأيت أخاً لي فيما يرى النائم فقلت : فلان عشت الحمد لله رب العالمين قال : قلتها لأن أقدر أقولها أحب إلي من الدنيا وما فيها ، ثم قال : ألم تر حيث يدفنون فلاناً ، فإن فلاناً قام فصلى ركعتين ، لأن أكون أقدر أن أصليها أحب إلي من الدنيا وما فيها .

    104- وبإسناده عن مطرف بن عبد الله الجرشي قال : شهدت جنازة واعتزلت ناحية قريباً من قبر فصليت ركعتين كأني خففتهما لم أرض إتقانهما ، ونعست فرأيت صاحب القبر يكلمني فقال : ركعت ركعتين لم ترض إتقانهما ، قلت : قد كان ذلك قال تعملون ولا تعملون ونحن نعلم ولا نستطيع أن نعمل لأن أكون ركعت مثل ركعتيك أحب إلي من الدنيا بحذافيرها .

    105- وبإسناده عن مفضل بن يونس قال : كان ربيع بن راشد يخرج إلى الجبان فيقيم سائر نهاره ثم يرجع مكتئباً فيقول : كنت في المقابر نظرت إلى قوم منعوا ما نحن فيه ثم يبكي .

    106- وبإسناده عن الحسن قال : دخلت أنا وصفوان المقابر فقنع رأسه ثم لم يزل يذكر الله تعالى حتى خرجنا من المقابر فقلت له في ذلك فقال إني قد ذكرتهم ، وما حضر عليهم من ذلك ونحن المهلة في فأحببت أن أقدم لذلك شيئاً من عمل قال الحسن : أحب والله أن يكون لي في كل خير نصيب .

    107- وبإسناده عن الفضل الرقاشي أنه كان يقول في كلامه إذا ذكر أهل القبور : يا لها من وجوه حيل بينها وبين السجود لله عز وجل لو يجدون إلى العمل مخلصاً بعد المعرفة بحسن الثواب لكانوا إلى ذلك سراعاً . ثم يبكي ويقول : يا إخوتاه فأنتم اليوم قد خلي بينكم وبين ما عليه ترجون إليه فكاك رقابكم ألا فبادروا الموت وانقطع أعمالكم فإن أحدكم لا يدري متى يحترمه ليلاً أو نهاراً .

    108- وبإسناده عن صفوان بن سليم أنه كان في جنازة في نفر من العباد فلما صلي عليها قال صفوان : أما هذا قد انقطعت عنه أعماله واحتاج إلى دعاء من خلف بعده فأبكى القوم جميعاً وقال أبو وهب محمد بن مزاحم قال : قام رجل إلى ابن المبارك في جنازة فسأله عن شيء فقال له : يا هذا سبِّح فإن صاحب السرير منع من التسبيح .

    109- كان عمرو بن عيينة يخرج بالليل إلى المقابر ويقول : يا أهل القبور طويت الصحف ورفعت الأعمال ثم يصلي حتى يصبح ثم يرجع إلى أهله ، ورؤي بعض الموتى في المنام فقال : ما عندكم أكثر من الغفلة وما عندنا أكثر من الحسرة .

    110- وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن زيد بن نعامة قال : هلكت جارية في الطاعون فلقيها أبوها بعد موتها في المنام فقال لها : يا بنية أخبريني عن الآخرة فقالت يا أبت قدمنا على أمر عظيم نعلم ولا نعمل وتعملون ولا تعلمون والله لتسبيحة أو تسبيحتان أو ركعة أو ركعتان في عمل أحب إلي من الدنيا وما فيها . ومر بعض السلف بالمقابر فقال : أصيح هؤلاء زاهدين فيما نحن فيه راغبون . وكان داود الطائي مع جنازة فقال في كلامه : اعلم أن أهل الدنيا جميعاً من أهل القبور إنما يفرحون بما يقدمون ويندمون على ما يخلفون ، فما عليه أهل القبور ندموا عليه ، أهل الدنيا يقتتلون وفيه يتنافسون وعليه عند القضاة يتخاصمون .



    فصل



    بعض أهل البرزخ يكرمه الله بأعماله الصالحة عليه في البرزخ ، وإن لم يحصل له ثواب ، تلك الأعمال لانقطاع عمله بالموت ، لكن إنما يبقى عمله عليه ليتنعم بذكر الله وطاعته ، كما يتنعم بذلك الملائكة وأهل الجنة في الجنة وإن لم يكن لهم ثواب على ذلك لأن نفس الذكر والطاعة أعظم نعيماً عند أهلها من نعيم جميع أهل الدنيا ولذاتها ، فما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله وطاعته.



    وخرج الترمذي من حديث ابن عباس قال : ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبره ولا يحسب أنه قبر إنسان - يقرأ سورة الملك حتى ختمها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر فإذا إنسان يقرأ سورة الملك - تبارك - حتى ختمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هي المانعة هي المنجية : تنجيه من عذاب القبر " .

    113- خرج أبو عبد الله بن منده بإسناد ضعيف من حديث طلحة بن عبيد الله قال : أردت مالي بالغابة فأدركني الليل فآويت إلى قبر عبد الله بن عمرو بن عمرو بن حرام فسمعت قراءة من القبر ما سمعت أحسن منها ، فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : " ذلك عبد الله ألم تعلم أن الله قبض أرواحهم فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت وعلقها وسط الجنة فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم إلى مكانها التي كانت " .

    114- روى أبو نعيم بإسناده عن محمد بن عبد الله الأنصاري حدثني إبراهيم ابن الصمة المهلبي قال : حدثني الذين كانوا يمرون بالحص بالأسحار قالو ا : كنا إذا مررنا بجنبات ثابت البناني سمعنا قراءة القرآن .

    115- وبإسناده عن يسار بن حبيش عن أبيه قال : أنا والذي لا إله إلا هو أدخلت ثابت البناني في لحده ومعي حميد ورجل غيره فلما سوينا عليه اللبن سقطت لبنة فإذا به يصلي في قبره فقلت للذي معي : ألاتراه ؟ قال : اسكت فلما سوينا عليه وفرغنا أتينا ابنته فقلنا لها : ما كان عمل ثابت ؟ قالت : وما رأيتم ؟ فأخبرناها فقالت : كان يقوم الليل خمسين سنة فإذا كان السحر قال في دعائه : اللهم إن كنت أعطيت أحداً الصلاة في قبره فأعطينيها ، فما كان الله ليرد ذلك الدعاء .

    116- وقال أبو بكر الخلال : وأخبرني أحمد بن محمد بن بشر حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا حماد الحفار قال : دخلت المقابر يوم الجمعة فما انتهيت إلى قبر إلا سمعت فيه قراءة القرآن .

    117- وروى أبو الحسن في كتاب الروضة عن عبد الله به محمد عن منصور حدثني إبراهيم الحفار قال : حفرت قبراً فبدت لبنة فشممت رائحة المسك حين انفتحت اللبنة فإذا شيخ جالس في قبره يقرأ القرآن .

    118- وروى هبة الله الطبراني اللاكائي الحافظ في كتاب " شرح السنة " بإسناده عن يحيى بن معين قال : قال لي حفار مقابر : أعجب ما رأيت من هذه المقابر أني سمعت في قبر أنيناً كأنين المريض وسمعت من قبره المؤذن وهو يجيبه من القبر .

    119- وروى الحافظ أبو بكر الخطيب بإسناده عن عيسى بن محمد الطوماري قال : رأيت أبا بكر بن مجاهد المقرئ في النوم كأنه يقرأ وكأني أقول : متّ وتقرأ فكأنه يقول لي : كنت أدعو الله في دبر كل صلاة وعند ختم القرآن أن يجعلني ممن يقرأ في قبره .

    120- وحدثني المحدث أبو الحجاج يوسف السرمري حدثنا شيخنا أبو الحسن علي بن الحسين السامري خطيب سامرا وكان رجلا صالحا وأراني موضعا من قبور سامرا فقال : هذا الموضع لا يزال يسمع منه قراءة سورة تبارك .

    121- وروى ابن أبي الدنيا في كتاب ذكر الموت بإسناده فيه نظر عن الحسن أنه سئل عن الرجل يموت ولم يتعلم القرآن يبلغ درجة أهل القرآن فبكى الحسن قال : هيهات هيهات وأنى له بذلك ، ثم قال : بلغني أن المؤمن إذا مات ولم يأخذ من القرآن أمر حفظته أن يعلموه القرآن في قبره حتى يبعث الله يوم القيامة مع أهله .

    122- وبإسناده عن يزيد الرقاشي قال : بلغني أن المؤمن إذا مات وقد بقي عليه شيء من القرآن لم يتعلمه بعث إليه ملائكة يحفظونه ما بقي عليه منه .

    123- قال : وحدثنا صالح بن عبدالله الترمذي حدثنا الظـبي بن الأشعث سمعت عطية بن زيد العوفي يقول : بلغني أن العبد إذا لقي الله ولم يتعلم كتابة علمه في قبرة حتى يثبته الله عليه .

    124- وخرجه أبو القاسم الأزهري في كتاب فضائل القرآن من رواية عبد الكريم ابن الهيثم . حدثنا الحسن بن عبد الله بن حرب حدثنا الظبي بن الأشعث بن سالم ، حدثني عطية عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ القرآن ولم يستظهره أتاه ملك فزجره في قبره فلقي الله وقد استظهره " ، وهذا المرفوع لا يصح .

    125- وخرج الخلال في كتاب السنة من طريق إبراهيم بن الحكم بن أبان وفيه ضعف عن أبيه عن عكرمة قال : قال ابن عباس المؤمن يعطي مصحف في قبره يقرأ فيه ، وخرجه ابن البراء في الروضة من طريق حفص بن عمرو العدوي وفيه ضعف أيضا عن الحكم بن أبان .

    وروى الحافظ أبو العلى الهمداني في النوم بعد موته وهو في مدينة جدرانها وحيطانها كلها كتب فسئل عن ذلك فقال سألت الله أن يشغلني بالعلم كما كنت أشتغل به فأنا أشتغل بعلم في قبري أو كما قال ، وروؤي الحافظ عبد القادر الرهاوي في النوم بعد موته وهو يسمع الحديث فقال : أنا لا أزال أسمع الحديث إلى يوم القيامة أوكما قال .

    &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&



    الباب الخامس



    في عرض منازل أهل القبور عليهم من الجنة أو النار بكرة وعشيا

    قال الله تعالى : { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } .



    126- قال قتادة في هذه الآية يقال لهم : يا آل فرعون هذه منازلكم توبيخا وصغاراً ونقيصة . وقال ابن سيرين : كان أبو هريرة يأتينا بعد صلاة العصر فيقول : عرجت ملائكة ، وهبطت ملائكته ، وعرض آل فرعون على النار فلا يسمعه أحد إلا يتعوذ بالله من النار .

    127- وقال شعبة عن معلي بن عطاء سمعت ميمون بن ميسرة يقول : كان أبو هريرة إذا أصبح ينادي : أصبحنا والحمد لله وعرض آل فرعون على النار فلا يسمعه أحد إلا يتعوذ بالله من النار ورواه هيثم عن معلي عن ميمون قال كان لأبي هريرة صيحتان كل يوم أول النهار يقول : ذهب الليل وجاء النهار وعرض آل فرعون على النار وإذا كان العشي يقول : ذهب النهار وجاء الليل وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع أحد صوته إلا استجار بالله من النار .

    128- ويروى من حديث الليث عن أبي قيس عن هذيل عن ابن مسعود قال : أرواح آل فرعون في أجواف طير سود فيعرضون على النار كل يوم مرتين فيقال لهم هذه منازلكم فذلك قوله تعالى { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } ورواه غيره عن أبي قيس عن هذيل من قوله .

    129- لكن خرج الإسماعيلي اللالكائي من طريق ابن عيينة عن مسروق عن أبي قيس عن هذيل عن ابن مسعود أيضا ، قال ابن أبي الدنيا حدثنا حماد بن محمد الفزاوي قال بلغني عن الأوزاعي أنه سأله رجل بعسقلان عن الساحل فقال : يا أبا عمر وأنا نرى طيرا سوداً تخرج من البحر فإذا كان العشي عاد مثلها بيضا . قال وفطنتم لذلك قالوا : نعم . قال فتلك طير في حواصلها آل فرعون ، فتلفحها النار فيسود ريشها ثم يلقى ذلك الريش ثم تعود إلى أوكارها فتلفحها النار ، فذلك دأبها حتى تقوم الساعة فيقال: { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } .

    130- وفي الصحيحين من حديث أبي عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، حتى يبعثه الله يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة ".

    131- ورواه الفضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه " ما من عبد يموت إلا عرض عليه مقعده إن كان من أهل الجنة وإن كان من أهل النار ".

    &&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&



    الباب السادس

    في ذكر عذاب القبر ونعيمه



    قال الله تعالى { فلولا إذا بلغت الحلقوم . وأنتم حينئذ تنظرون . ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون . فلولا إن كنتم غير مدينين . ترجعونها إن كنتم صادقين . فأما إن كان من المقربين . فروْح وريحان وجنة نعيم . وأما إن كان من أصحاب اليمين . فسلام لك من أصحاب اليمين . وأما إن كان من المكذبين الضالين . فنزل من حميم . وتصلية جحيم . إن هذا لهو حق اليقين } .

    132- قال آدم بن أبي إياس حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات { فلولا إذا بلغت الحلقوم . وأنتم حينئذ تنظرون } إلى قوله { فروح وريحان وجنة نعيم } إلى قوله { فنزل من حميم . وتصلية جحيم } قال : " إذا كان عند الموت قيل له هذا ، فإن كان من أصحاب اليمين أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه وإن كان من أصحاب الشمال كره لقاء الله فكره الله لقاءه " .

    133- وخرج الإمام أحمد من طريق همام عن عطاء بن السائب سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو يتبع جنازة يقول حدثني فلان بن فلان سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " فأكب القوم يبكون قال : " ما يبكيكم ؟ قالوا إنا نكره الموت قال : ليس ذلك ولكنه إذا حضر { فأما إن كان من المقربين . فروح وريحان وجنة نعيم } فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله والله للقائه أحب { وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم . وتصلية جحيم } ، وفي قراءة ابن مسعود { ثم تصلية جحيم } فإذا بشر كره لقاء الله والله للقائه أكره .

    134- خرج ابن البراء في كتاب الروضة من حديث عمرو بن شمر وهو ضعيف جداً عن جابر الجعفي عن تميم بن حذلم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من ميت يموت إلا وهو يعجف غاسله ويناشد حامله إن بشر بروح وريحان وجنة نعيم أن يعجله وإن يشر بنزل من حميم وتصلية جحيم أن يحبسه .

    135- وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أحب لقاء الله أحب الله لقائه ومن كره لقاء الله كره الله لقائه " فقالت عائشة أو بعض أزواجه : إنا نكره الموت قال : " ليس ذلك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بُشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله فأحب الله لقائه ، وإن الكافر إذا حُضر بُشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه فكره لقاء الله فكره الله لقائه " وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة .

    136- وعن زاذان عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن نفس المؤمن يقال لها أخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى مغفرة من الله ورضوان فتسيل كما تسيل القطرة من السقاء وإن نفس الكافر يقال لها أخرجي إلى غضب من الله وسخطه فتتفرق في جسده وتأبى أن تخرج فيجذبونها فينقطع معها العروق والعصب ، وفي رواية عيسى بن المسيب عن عدي بن ثابت عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فتفرق روحه في جسده كراهة أن تخرج لما ترى وتعاين فيستخرجها كما يستخرج السفود من الصوف المبلول " .

    وقد دل القرآن على عذاب القبر في مواضع كقوله تعالى { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن ءاياته تستكبرون } .

    138- وخرج الترمذي بإسناده عن علي قال : ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت { ألهاكم التكاثر . حتى زرتم المقابر } .

    139- وخرج ابن حبان في صحيحه من حديث حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه وتعالى { فإن له معيشة ضنكاً } قال " عذاب القبر " وقد روي موقوفاً وروي عن أبي هريرة مرفوعاً، وروي من وجه آخر من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً وموقوفاً وسيأتي إن شاء الله .

    140- وقال آدم بن أبي إياس حدثنا المسعودي عن عبد الله بن المخارق عن أبيه عن ابن مسعود قال : إذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له من ربك وما دنيك فيقول لا أدري فيضيق عليه قبره ثم قرأ ابن مسعود { فإن له معيشة ضنكاً } قال : المعيشة الضنك عذاب القبر .

    141- وروى شريك عن ابن إسحاق عن البراء في قوله { وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك } قال عذاب القبر ، وكذا روى عن ابن عباس في قوله سبحانه وتعالى { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } إنه عذاب القبر وكذا قال قتادة والربيع بن أنس في قوله عز وجل { سنعذبهم مرتين } أحدهما في الدنيا والأخرى هي عذاب القبر .

    وقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر والتعوذ منه ، وفي الصحيحين عن مسرق عن عائشة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر قال " نعم عذاب القبر حق " قالت عائشة : فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر .

    142- وفيهما عن عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إني رأيتكم تفتنون في القبور كفتنة الدجال " قالت عائشة فكنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يتعوذ من عذاب القبر .

    143- وفي صحيح مسلم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن " اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات " .

    144- وفيه أيضاً عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع : من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال " .

    145- وفي صحيح مسلم عن زيد بن ثابت قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط بني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به ، فكادت تلقيه ، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال " من يعرف أصحاب هذه الأقبر ؟ " فقال رجل أنا : قال متى مات هؤلاء ؟ قال : ماتوا في الإشراك فقال : " إن هذه الأمه تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه " ثم أقبل علينا بوجهه فقال : " تعوذوا بالله من عذاب النار" قالوا : نعوذ بالله من عذاب النار قال : " تعوذوا بالله من عذاب القبر " قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر قال : " تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن " قالوا : نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن . قال : " تعوذوا بالله من فتنة الدجال " قالوا : نعوذ بالله من فتنة الدجال .

    146- وفي صحيح مسلم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله ان يسمعكم من عذاب القبر " .

    147- وفي الصحيحين من حديث أبي أيوب الانصاري قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجبت الشمس فسمع صوتاً فقال : " يهود تعذب في قبورها " .

    148- وخرج الغمام أحمد وأبو داود من حديث البراء بن عازب قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولم يلحد ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنا على رؤوسنا الطير ومعه عود ينكت به الأرض ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فقال : " استعيذوا بالله من عذاب القبر" مرتين أو ثلاثاً وذكر الحديث بطوله .

    149- وخرج الغمام أحمد من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم نخلاً لبني النجار فسمع أصوات رجال من بني النجار ماتوا في الجاهلية يعذبون في قبورهم ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعاً ، فأمر أصحابه أن يتعوذوا بالله من عذاب القبر .

    150- وخرجه أيضاً من حديث أبي سفيان عن جابر عن أم مبشر قالت : دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في حائط من حوائط بني النجار فيه قبور منهم قد ماتوا في الجاهلية فسمعهم يعذبون فخرج وهو يقول : " استعيذوا بالله من عذاب القبر " قلت : يا رسول الله إنهم ليعذبون في قبورهم قال " نعم عذاباً يسمعه البهائم " .

    151- وفي الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال : " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرىء من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " ثم أخذ جريدة رطبة فشقها باثنتين ثم غرز على كل قبر منهما واحدة ، قالوا لم فعلت هذا يا رسول الله قال : " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " .

    152- وقد روي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة خرجه ابن ماجه من حديث أبي بكرة وفي حديثه " وأما الآخر فيعذب في الغيبة " .

    153- وخرجه الخلال وغيره من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي بعض رواياته " وأما الآخر فكان يهمز الناس بلسانه ويمشي بينهم بالنميمة " وخرجه الطبراني من حديث عائشة وأنس بن مالك وابن عمر .

    154- وخرجه أبو يعلى الموصلي وغيره من حديث جابر وفي حديثه " أما أحدهما فكان يغتاب الناس " .

    155- وخرجه الأثرم من حديث أبي أمامة وفي حديثه قالوا : يا نبي الله وحتى متى يعذبان قال : " غيب لايعلمه إلا الله ولولا تمريج قلوبكم وتزييدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع " .

    وروي من وجوه أخر .

    156- وخرج النسائي من حديث عائشة قالت : دخلت امراة من اليهود فقالت : إن عذاب القبر من البول قلت : كذبت ، قالت : إنه ليقرظ من الجلد والثوب قالت : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاته وقد ارتفعت أصواتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما هذا ؟ فأخبرته بما قالت فقال : " صدقت " .

    157- وخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عبد الرحمن بن حسنة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول فنهاهم فعذب في قبره " .

    158- وخرج الغمام أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أكثر عذاب القبر من البول " وروي موقوفاً عن أبي هريرة .

    159- وخرج البزار والحاكم من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه " .

    150- وخرج البزار والدار قطني من حديث أنس عن النبي قال : " اتقوا التبول فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر " .

    161- وخرج ابن عدي من حديث أنس أن النبي مر برجل يعذب في قبره من النميمة ورجل يعذب في قبره من الغيبة ورجل يعذب في قبره من البول " .

    162- وخرج أيضاً بإسناده فيه ضعف عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فتنة القبر من ثلاث : من الغيبة ، والنميمة ، والبول " .

    163- ولكن روى عبد الوهاب الخفاف عن سعيد عن قتادة قال : كان يقال : عذاب القبر من ثلاثة أثلاث ثلث من الغيب

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الموقع
    الاسكندريه
    الردود
    3,175
    الجنس
    امرأة
    مجهود جبار بصراحه ياحسناء - اللهم اجرنا من عذاب القبر اللهم اجعلنا من المتطهرين - اللهم لاتجعلنا يارب من الهمازين اللمازين المشائين بنميم - الله يبارك لك ياحسناء والله علي ذلك الموضوع القيم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الموقع
    في صومعتي العاجيه ويشق عليّ فراقها
    الردود
    3,057
    الجنس
    أنثى
    موضوع مميز


    اشكرك بحق علية

    والله يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنة....


    جزاك الله خيرا

  4. #4
    العجورية's صورة
    العجورية غير متواجد بالعلم نرتقي-درة النافذة الإجتماعية لشهر مارس
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الموقع
    فلسطينيه في الاردن
    الردود
    6,773
    الجنس
    امرأة
    التكريم
    (أوسمة)
    حبيبتي شكرا لك
    الدنيا مسألة ...... حسابية

    خذ من اليوم......... عبرة

    الدنيا مسألة ...... حسابية

    خذ من اليوم......... عبرة

    ومن الامس ..........خبرة

    اطرح منها التعب والشقاء

    واجمع لهن الحب والوفاء

    واترك الباقى لرب السماء

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الردود
    7,888
    الجنس
    امرأة
    السلام عليكم
    ربنا يكرمك يارب يا حسناء
    وفيتى وكفيتى
    اللهم انى اعوذ بك من عذاب القبر يا رحمن يا رحيم
    ربنا يبارك فيكى يا رب يا طيبه

مواضيع مشابهه

  1. دعاء مكتوب على حيطان الجنه اقراه ولو مرة في حياتك..
    بواسطة meme meme في ركن المواضيع المكررة
    الردود: 1
    اخر موضوع: 25-05-2008, 01:56 PM
  2. دعاء لانس ابن مالك رضي الله عنه ( اقراه منتى خسران)
    بواسطة دمووع البحر في روضة السعداء
    الردود: 2
    اخر موضوع: 17-08-2007, 10:20 AM
  3. دعاء فوائده لا تحصى اقراه و لو مرة في حياتك
    بواسطة butterfly06 في روضة السعداء
    الردود: 3
    اخر موضوع: 25-02-2006, 11:11 PM
  4. ناس تفكر همهّم يسعدونك##وناس تفكر كيف تقدر تبكيك!!
    بواسطة شامخه بعز أبوها في نافذة إجتماعية
    الردود: 14
    اخر موضوع: 06-06-2004, 12:30 PM
  5. من يحرك السكر؟!!
    بواسطة الجمان في الملتقى الحواري
    الردود: 18
    اخر موضوع: 28-07-2002, 02:01 AM

أعضاء قرؤوا هذا الموضوع: 0

There are no members to list at the moment.

الروابط المفضلة

الروابط المفضلة
لكِ | مطبخ لكِ