أصل كل فتنة وكيفية دفعها
قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-: "وأصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع, والهوى على العقل.
فالأول: أصل فتنة الشبهة.
والثاني: أصل فتنة الشهوة.
ففتنة الشبهات تدفع باليقين, وفتنة الشهوات تُدفع بالصبر، ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين, فقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[السجدة: 24]، فدل على أنه بالصبر واليقين تُنالُ الإمامة في الدين. وجمع بينهم أيضًا في قوله: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر}[العصر: 3]، فتواصوا بالحق الذي يدفع الشبهات, وبالصبر الذي يكف عن الشهوات.
وجمع بينهما في قوله: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ}[ص: 45]، فالأيدي: القوى والعزائم في ذات الله, والأبصار: البصائر في أمر الله . وعبارات السلف تدور على ذلك.
قال ابن عباس: أولى القوة في طاعة الله, والمعرفة بالله، وقال مجاهد: الأيدي : القوة في طاعة الله, والأبصار: البصرُ في الحق، وقال سعيد بن جبير: الأيدي : القوة في العمل, والأبصار: بصرُهم بما هم فيه من دينهم.
فبكمال العقل والصبر تُدفعُ فتنة الشهوة, وبكمال البصيرة واليقين تُدفع فتنة الشبهة, والله المستعان .
المرجع: البيان في مصايد الشيطان
للإمام ابن القيم-رحمه الله-
الروابط المفضلة