الصورة المشوهة المظلمة لعهد الإسلام المثالي


والجيل الإسلامي الأول



للعلامة: أبي الحسن الندوي



إن جماعة تدعي الانتماء إلى الإسلام ونبي الإسلام e وهي فرقة الإمامية الإثنا عشرية) تقدم لهذا المجتمع والعصر صورة معاكسة تهدم المجهودات التي قام بها هذا النبيe في مجال التربية والتوجيه ، وتثبت له إخفاقاً لم يواجهه أي مصلح أو مرب خبير مخلص لم يكن مأموراً من الله ولا مؤيد من السماء ولا مورد وحي ولطف إلهي ، كما كان الشأن مع رسول الله e، إنها تقدم صورة مشوهة كالحة لجحود النعمة والجفاء والغدر، وإخفاء الحق، وعبادة النفس، وحب الجاه ، واستخدام كل نوع من المساعي والمؤامرات ، إنها الصورة المشوهة الكريهة التي لا تبعث في النفوس اليأس عن مصير الجهود الإسلامية والتربوية فحسب ، بل إنها تبث اليأس عن صلاحية الإنسانية جمعاء ومصيرها ومستقبلها .
إنها ترى أن المجهودات الجبارة التي بذلها محمد e ثلاثة وعشرين (23) عاماً ، لم تنتج إلا ثلاثة أشخاص ، أو أربعة – وفقاً لبعض الروايات – ظلوا متمسكين بالإسلام إلى ما بعد وفاة النبي e أما غيرهم فقد قطعوا صلتهم فور وفاته e- والعياذ بالله- عن الإسلام وأثبتوا أن صحبة النبي e وتربيته أخفقت في مهمته التي توخاها (1) وقد جاء في كتاب (الجامع الكافي) الذي تعتبره الإثنا عشرية أصح كتاب، في الفصل الأخير منه تحت عنوان (كتاب الروضة) رواية عن الإمام أبي جعفر –الإمام محمد الباقر- يقول: كان الناس على ردة النبي e إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة ؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي رحمة الله عليهم وبركاته (2) .

=====
(1) ولولا أنه من إساءة الأدب إلى النبي e وفساد الذوق أن نتحدث عن أفراد أمته – الذين أدركوه بفضل تربيته- وهدايتهم وتأثيرهم ضمن الحديث عن التأثير التجديدي الذي أحدثته صحبة النبي e وتربيته ، لتحدثنا عن حياة المصلحين الكرام ، وهداة الطريق في مختلف العصور ، التي تدل على أن من جلس إليهم برهة من الزمان ووضع يده في يدهم تحول إلى معدن كريم ، إننا نعلم أنّ عتاة المجرمين وقساة المنحرفين إذا كتب لهم اللقاء معهم والتوبة أمامهم ، عادوا رجالاً أتقياء مثاليين في رسوخ العقيدة ، وتجنب الذنوب والسيئات ، وقد حدث في التاريخ أن مجرماً متعوداً – كان الناس يفرون منه خوفاً من سوء أخلاقه ، وكانت الآمال كلها قد انقطعت عن إصلاحه – صادف أن يبيت على مقربة من بعض هؤلاء الصالحين والمربين ليلة واحدة فقط ، تحول ذلك المجرم إلى رجل تقي ورع يحي ليله بالنوافل ، وظل على هذه الخصلة الربانية إلى آخر لحظة من حياته ، لقد حدثت مثل هذه الحكايات منذ عهد الرسالة إلى ما بعده بقرون ، حتى في البلدان النائية عن مركز الإسلام كالهند ، ومن شاء أن يطلع على التفاصيل فليراجع رسالة المؤلف (الإمام الذي لم يوف حقه من الإنصاف والاعتراف) وكتابه (إذا هبت ريح الإيمان) وما إلى ذلك من كتب .
(2) فروع الكافي 3/115 فصل (كتاب الروضة) .وبموجب رواية أخرى يعتبر عمار بن ياسر رابع هؤلاء الأربعة .





الخميني وأقواله

إن قائد الثورة في إيران ومؤسس ما تسمى (الحكومة الإسلامية) فيها و(نائب الإمام الغائب) الخميني، ينعت الصحابة الكرام رضي الله عنهم في كتابه الفارسي (كشف الأسرار) بأوصاف تثبتهم عبّداً للدنيا، متجرئين على الله تعالى، محرفين للقرآن الكريم، وفي عاقبة الأمر كافرين، يقول في كتابه (كشف الأسرار) ما ترجمته:

(أولئك الصحابة الذين لم يكن يهمهم إلا الدنيا والحصول على الحكم دون الإسلام والقرآن، والذين اتخذوا القرآن مجرد ذريعة لتحقيق نواياهم الفاسدة، قد سهل عليهم إخراج تلك الآيات من كتاب الله، التي كانت تدل على خلافة علي y بلا فصل، وعلى إمامة الأئمة، وكذلك تحريف الكتاب السماوي، وإقصاء القرآن عن أنظار أهل الدنيا على وجهه دائم، بحيث يبقى هذا العار في حق القرآن والمسلمين إلى يوم الدين، إن تهمة التحريف التي يوجهونها إلى والنصارى إنما هي ثابتة عليهم)(1)

ويقول في موضع آخر :
(هَبْ أن القرآن إذا كان قد عين اسم الإمام فمن أين نستنتج عدم حدوث الخلاف بين المسلمين، ذاك أن الذين كانوا قد ألصقوا نفوسهم بدين الرسول عليه السلام إلى سنوات طويلة، طمعاً في الحكومة والولاية، وكانوا يتآمرون في سبيل ذلك ويتحزبون من مدة، ما كان يمكنهم أن يتنازلوا عن أغراضهم نزولاً إلى امتثال أوامر القرآن، وما كانوا يضنون بأي حيلة لتحقيق غايتهم، بل ربما أصبح ذلك سبباً للخلاف فيما بين المسلمين، الذي أدى إلى هدم أساس الإسلام، فقد كان من الممكن للذين كانوا يترقبون الفرص لتأسيس حكومة لهم وتحقيق غرضهم أن يتحزبوا ضد الإسلام، ويعارضوه بكل صراحة وجهر، إذا كانوا قد يئسوا أن غرضهم هذا لا يكاد يتحقق باسم الإسلام)(2)

أما مرئيات الخميني حول الشيخين وذي النورين وعامة الصحابة رضي الله عنهم ، والتي لا يسعني أن أنقل هاهنا ، فليراجع للإطلاع عليها كتابه الفارسي (كشف الأسرار) أو يراجع إلى كتاب محمد منظور النعماني (الثورة الإيرانية ، الخميني والشيعة) إذ أن نقلها هنا ليس ضرورياً ولا ممكناً .