بن باز رحمه الله
هو الإمام العالم العلامة الصالح الورع الزاهد، أحد الثلة المتقدمين بالعلم الشرعي، انتفع به المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها في الفتوى والعلم ، ناصر السنة وقامع البدعة، أبو عبدالله عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله آل باز ــ آل باز ـ أسرة عريقة في العلم إلى جانب التجارة والزراعة، معروفة بالفضل والأخلاق.
ومن أعيان هذه الأسرة: الشيخ عبدالمحسن بن أحمد آل باز المتوفى سنة 1342هـ الذي تولى القضاء بالحوطة ثم الإرشاد في هجرة الأرطاوية . والشيخ مبارك بن عبدالمحسن بن باز، والشيخ حسين بن عثمان بن باز، وقد تولوا القضاء في عدد من مناطق المملكة .
أما أصلهم فمن المدينة المنورة، وقد انتقل أحد أجدادهم منها إلى الدرعية ثم انتقلوا بعد ذلك إلى حوطة بني تميم .
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز عن عائلته : إن أصلهم من الرياض، وطائفة منهم في الحوطة، وطائفة في الأحساء، وطائفة في الحجاز، وكلهم يرجعون لنفس العائلة، وهناك أناس يقال
لهم : آل باز في الأردن، ومصر وفي بلاد العجم ولا نعرف عنهم شيئاً، ولكن بعضهم يدّعي أنه من آل البيت وهم الموجودون في الأردن .
مولده :
ولد الشيخ في مدينة الرياض في ذي الحجة سنة 1330هـ، وترعرع فيها وشب وكبر فيها.
نشأته:
نشأ ابن باز في أسرة يغلب على الكثير من فضلائها طلب العلم وعلى بعضها عمل التجارة، والبعض العناية بالزراعة، ونشأ يتيماً في حضانة والدته: هيا بنت عثمان بن عبدالله الخزيم، فوالده توفي في ذي القعدة من عام 1333هـ وعمره ثلاث سنوات، وقد اعتنت به والدته، وخاصة في توجيهه إلى طلب العلم الشرعي منذ نشأته، وكانت البيئة التعليمية فيذلك الوقت عامرة بالعلم الشرعي عن طريق التعليم في المساجد والكتاتيب، فبدأ الشيخ تعليمه بحفظ القرآن الكريم كما هي عادة السلف الصالح، إذ يجعلون القرآن الكريم أول المصادر العلمية، فيحفظونه ويتدبرونه، ويعون أحكامه وتفاسيره، ومن ثم ينطلقون إلى بقية العلوم الشرعية، وقد كان الشيخ مبصراً في أول حياته، ثم أصابه المرض في عينيه عام 1346هـ ثم ذهب بصره بالكلية في عام 1350هـ وهو ابن عشرين عاماً تقريباً، ومع ذلك كله استمر في طلب العلم، ثم فجع بوفاة والدته عام 1356هـ ومع ذلك صبر الشيخ في طلب العلم والتزود من العلوم والمعارف.
طلبه للعلم
لقد نشأ الشيخ ابن باز نشأة علمية قوية، فانصرف منذ صباه إلى طلب العلم انصرافاً كلياً، فحفظ وقته وتفرغ للعلم تفرغاً كاملاً وخاصة بعدما كُف بصره.
بدأ الشيخ في طلبه للعلم بحفظ القرآن الكريم كاملاً وذلك قبل البلوغ، ثم شرع بعد ذلك بتحصيل سائر العلوم الشرعية، حيث رزق منذ نشأته حرصا تاما وهمة عالية في طلب العلم، مع ما منحه الله من ذكاء مفرط وألمعية نادرة ونجابة ظاهرة ساعدته على حفظ العلم وإتقانه.
* ومن الأسباب التي ساعدت في نبوغه مبكراً بعد توفيق الله عز وجل ما يلي:
1-إخلاص النية في طلب العلم .
2-النشأة الصالحة حيث نشأ في بيت علم وهدى وإيمان.
3-العناية الإلهية والمنحة الربانية التي امتن الله بها عليه .
4-الاستعداد الفطري، وصفاء الذهن، وحضور البديهة، وقوة الحافظة.
5- استثمار الوقت في الحفظ والبحث والمطالبة .
فأخذ الشيخ في تحصيل العلم وتلقيه على علماء بلده وغيرهم ممن قدم إليها، كما هي طريقة السلف في طلبهم للعلم، حيث واظب على دروس العلماء، فحفظ إلى جانب القرآن
الكريم الكثير من المتون العلمية في الفقه والحديث والنحو وسمع كثيراً من الكتب، منها كتب السنة الستة ومدارج السالكين والثلاثة الأصول وكتاب التوحيد، وبلوغ المرام وزاد
المستقنع وأصول الفقه ومصطلح الحديث، وقرأ كثيراً في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، فجمع بذلك علوماً كثيراة ومتنوعة، تدل على سعةة إطلاعه وتنوع ثقافته، وقد
حصل على إجازات في كتب كثيرة.
وبهذا الحرص والتوفيق من رب العالمين حصل الشيخ ابن باز على علم غزير فنفع الله به الناس حيث نذر نفسه لنشر العلم وتعليم الناس وتبصيرهم بأمور دينهم
ثناء العلماء عليه
لقد حصل الشيخ ابن باز على الكثير من الثناء من علماء زمانه فشهدوا له بغزارة العلم ، وتمكنه من الاجتهاد والفتيا وغير ذلك من المميزات التي يتميز بها العلماء الربانيون ، ولعل هذا دليلاً على قبوله عند الله عز وجل .
*
فمن جملة العلماء الذين أثنوا عليه:-
1-فضيلة الشيخ/محمد بن صالح العثيمين ـــ رحمه الله ـــ وهو أحد تلاميذه حيث قال (( إن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز لا يحتاج إلى تعريف ، لان أفعاله تنطبق بما قدم ، فهو أعلم الناس بالحديث والتوحيد والفقه ))
2-قال تلميذه سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية فضيلة الشيخ/عبدالعزيز ابن عبدالله آل شيخ (( يعد ابن باز عالماً من أعلاه الأمة ، وشيخاً من مشايخ المسلمين ، وإمام هدى وقدوة للخير ، ومعظماً لكتاب لله وسنه نيبه e عاملاً بعلمه ، وداعياً إلى الخير ، باذلاً جهده ووقته كله في الدعوة إلى الله بالقول والعمل )).
3-وقال الإمام العلامة المحقق السلفي الشيخ/عبدالرزاق بن عفيفي بن عطيه ـــ رحمه الله ـــ (( لقد نبغ الشيخ ابن باز في كثير من علوم الشريعة ... فكان مثالاً للعالم المحقق المخلص في علمه ، ويغلب على مؤلفاته وضوح المعنى وسهولة العبارة وحسن الاختيار ، مع قوة الحجة والاستدلال ، قد وهب نفسه للعلم والمتعلمين ، وبذل جهده في تحقيق المصالح لمن قصده أو عرف به مع رحابة صدر وسماحة خاطر [ والشيخ عبدالرزاق عفيفي ـــ رحمه الله ـــ يعتبر واحداً من طبقة أساتذة الإمام ابن باز ، ومع هذا فإن العلامة عبدالرزاق لايذكر الشيخ ابن باز إلا تأثر من الثناء على خلقه وسلوكه وبكى بكاءً مرا ] الشيخ ابن باز عظيم الأمل والرجاء في صلاح الناس واستقامة الأمور ، ليس لليأس إليه سبيل ، وهو دائماً متفائل وقلبه طيب وهو طراز غير علماء هذا الزمان ابن باز من بقايا العلماء الأولين القدامى في علمه وأخلاقه ونشاطه )).
4-ويقول تلميذه العلامة الجليل فضيلة الشيخ/صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى : (( سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز قام بأمور عظيمة قل أن يقوم كثير من العلماء ببعضها ، فقد قضى حياته في علمه من تعليم ودعوة وإرشاد ، وكان سخيا بنفسه وماله وعلمه ، وكان يشعر ـــ رحمه الله ـــ وكأنه وكيل للناس كلهم وكل من لجأ إليه في مصلحة مشروعة وهو يستطيع أن ينفعه نفعه ، ولا يخص بذلك أحدا دون أحد... هو من نوادر علماء هذا الزمان حيث كان شديد الحرص على السنة والأخذ بها والدعوة إليها والدفاع عنها )).
5-يقول عنه تلميذه العلامة السلفي الفقيه الجليل الشيخ/عبدالله بن جبرين قال : (( بسط الشيخ نفسه للتعليم ، فشغل بذلك وقته ليله ونهاره ، واشتغل بتعليم المسلمين ، ولم تشغله الأعمال ولا الوظائف على أن يجلس للطلاب ، وأن يقرأ الخاص والعام والصغير والكبير ، فقد قام بصفات العالم الرباني ، وصفات المؤمن العابد ، وهكذا جلبه أيضاً على السخاء والكرم ، جمع خصال الشرف وخصال الفضل ، وكلامه كله درر وخير ، وكذلك وجهه متهلل لكل من يأتي إليه وكل من يسأله فلا يرد سائلاً ، وبكل حال خصال الشيخ وفضائله يعجز الإنسان أن يحيط بها )).
6-وقد أثنى عليه العلامة الفقيه الأديب المؤرخ الشيخ/عبدالله بن عبدالرحمن البسام ـــ رحمه الله ـــ فقال (( شيخنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ، هو المستحق للقب (شيخ الإسلام والمسلمين ) لما يبذله من مساع في خدمة الإسلام والمسلمين ، فهو الداعية الكبير ، وهو المفتي الأول في الداخل والخارج وهو الموجه إلى فعل كل خير ، وهو المرجع في كل شأن من شؤون الإسلام ، لما حباه الله تعالى من إخلاص لدينه وأمته ،ولما امتاز به من سعة علم وبعد نظر وقبول لدى المسلمين .. وقد جعل الله له إجلالاً في النفوس ومحبة في القلوب )).
7- وقال عنه تلميذه العلامة الفقيه قاضي محكمة التمييز بمكة المكرمة سابقاً وعضو هيئة كبار العلماء فضيلة الشيخ/عبدالله بن سليمان بن منيع. قال في تريظة لكتاب ( الإنجاز في ترجمة ابن باز ) : ((لا شك أن شيخنا ووالدنا الشيخ عبدالعزيز إمام مجدد في عصرنا الحاضر، فهو إمام علم الحديث وفي رجاله بلا نزاع ، وهو إمام في الفقه ودقة النظر ، وإمام في الدعوة إلى الله بلسانه وقلمه ونفسه وماله ، وهو إمام في كرم النفس وكرم اليد ، وإمام في النصح في العمل والمثابرة عليه ، وإمام في السماحة والتواضع والقناعة والتقوى والصلاح .. وإننا لا نستطيع أن نجد في عصرنا الحاضر عالماً كان له من الثقة والقبول العام والاطمئنان والمحبة والاعتبار ما كان لشيحنا ، فهو إمام العصر وحبره وعالمه )) .
8-وقال عنه تلميذه العلامة السلفي الفقيه عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فضيلة الشيخ/صالح بن فوزان الفوزان (( ابن باز هو العالم الفذ في علمه وفي أخلاقة ، وفي حبه للخير وأهله ، وفي سعيه الجاد لنشر العلم ، يعرف ذلك القاصي والداني عنه ، ومهما قلت فإنني أرني مقصراً في وصف مالهذا العالم الجليل من جهود عظيمة ، وما تخلى به من فضائل ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم )) .
الروابط المفضلة