د. عبد الله فرج الله
لأزيدن في صلاتي من أجلك!!
بهذه العبارة الجميلة يخاطب الشيخ الجليل سعيد بن المسيب -رحمه الله -ولده:
لأزيدن في صلاتي من أجلك..
لماذا ياوالدي؟!
رجاء ان اُحفظ فيك..
ثم تلا قوله تعالى: «وكان ابوهما صالحاً» «الكهف 82»..
* * * * *
لقد عرف -رحمه الله- طريق الحفظ والكرامة، ومتى تكون العناية الربانية؟! وفَقه شروط ذلك، ومتى يتحقق وكيف يكون؟! فما كان منه الا ان سلك دروبها، وقرر ان يلتزم اصولها، حتى يحفظه الله في ولده، ويحفظ له ولده، ويبارك له في ذريته من بعده، ويكون لهم سنداً وعوناً، يأخذ بنواصيهم الى البر والتقوى، ويصرف عنهم السوء فعلاً وقولاً..
لقد ادرك ان صلاح الابناء، لا يكون الا بصلاح الآباء، وان صلاح الآباء يعود نفعه، وتعم فائدته الأبناء، فيرحم الله الابناء بصلاح ابائهم، ويحفظ الله الابناء بطاعات ابائهم، فمن هنا جاء قراره -رحمه الله- لأزيدن في صلاتي من اجلك..
انه يخط لنا منهجاً قويماً في التربية والاصلاح، يريد ان يبين لنا من خلاله: كيفية تربية الابناء التربية الحسنة، وتنشئتهم التنشئة الصالحة.
انه يؤسس بهذه العبارة لبناء تربوي عظيم، يخاطب فيه الآباء والامهات على حد سواء، الذين اخذتهم سنة وغفلة، وسرقتهم خلسة مشغلة، قد تكون تافهة عن ابنائهم، فتركوا شأن التربية للمربية المستأجرة، والمدرسة المتفرنجة، والتلفاز الغريب لغة ولساناً وهيئة، والشارع البعيد كل البعد عن قيم القوم وعاداتهم.
انهم اباء -بكل صراحة ووضوح -لم يدركوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ولا عظم التبعية، ولا ثقل الأمانة.. التي سيحاسبون عليها حساباً ليس يسيراً على الاطلاق، فلم ويلتزموا منهجاً، ولم يسلكوا سبيلاً، ولم يتخذوا لذلك عدة او عزيمة.
* * * * *
ولقد شغل هؤلاء الاباء انفسهم في امور ليست من اختصاصهم، ولا هي من تدبيرهم، فأرهقوها في التحصيل المادي، حتى يؤمنوا لأبنائهم المستقبل.. حفظاً وكرامة وعيشاً.. وكأن الجمع المادي، والسعي الدنيوي، والرصيد البنكي..هو ضمانة الحفظ، وشرط التوفيق..
انهم لم يدركوا الحقائق، ولم يسمعوا هواتفها..تزلزل القلوب، وتهز الوجدان، بأجمل بيان، وأعز ضمانة: «نحن نرزقهم واياكم».
* * * * *
لأزيدن في صلاتي من اجلك..
هذا الشعار الذي ينبغي ان لا يغفل عنه الاباء..
بل عليهم ان يرفعوه شعاراً عظيماً.. يقيمون عليه اساس منهجهم التربوي.. في توجيه ابنائهم، وارشادهم، والتعامل معهم.
* * * * *
لأزيدن في صلاتي من اجلك..
يعني ايضاً.. لأزين في بذلي وعطائي في سبيل الله من اجلك يا بني..
لأزيدن في الانفاق من اموالي في وجوه الخير، وعلى مستحقيها، من اجلك يا بني.. فما نقص مال من صدقة.. والصدقة تطفئ غضب الرب.. وترد النقم..وتدفع الألم..
* * * * *
لأزيدن في صلاتي من اجلك..
يعني بالضرورة ايضاً ان ابتعد عن المعاصي والمحرمات من اجلك يا بني..
فلا اقرب الربا ولا افكر فيه..ولا اغش احداً، او اخدعه في سبيل ترقية او زيادة..
ولا ارضى الا الاتقان في العمل، حتى يكون الراتب -الذي يتغذى به جسدك، وينفق منه عليك -حلالاً طيباً، فالله سبحانه لا يقبل الا طيباً..
* * * * *
لأزيدن في صلاتي من اجلك..
فسأحفظ الله سبحانه في السر والعلن، حتى تحفظ يا بني: «ما من مؤمن يموت الا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه».
وقال ابن المنكدر -رحمه الله-: «ان الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده، والدويرات التي حوله، فما يزالون في حفظ من الله وستر».
الروابط المفضلة