حمامة الجنة & باسمة & ياسمينة الشام
حياكم الله وبياكم
اسعدني مروركم كثيراً
سنكمل بأذن الله تعالى النقل
متمنية لكم كل المتعة والفائدة...
من أعجب الأشياء
من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه، وأن تسمع داعيه ثم تتأخر عن الإجابة،
وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له،
وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته،
وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه
ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته،
وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه بنعيم الإقبال عليه والإنابة إليه.
وأعجب من هذا علمك أنك لا بد لك منه وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض، وفيما يبعدك عنه راغب.
أرض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها،
فإن غرست شجرة الإيمان والتقوى أورثت حلاوة الأبدان،
وإن غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر مر.
ارجع إلى الله واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك،
ولا تشرد عنه من هذه الأربعة فما رجع من رجع إليه بتوفيقه إلا منها،
وما شرد من شرد عنه بخذلانه إلا منها،
فالموفق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش بمولاه،
والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه وهواه.
كفى بك عزًّا أنك له عبد * * * وكفى بك فخراً أنه لك رب
ما أخذ العبد ما حرم عليه إلا من جهتين
« إحداهما:» سوء ظنه بربه، وأنه لو أطاعه وآثره لم يعطه خيراً منه حلالاً،
و «الثانية:» أن يكون عالماً بذلك، وأن من ترك لله شيئاً أعاضه خيراً منه،
ولكن تغلب شهوته صبره وهواه عقله، فالأول من ضعف علمه والثاني من ضعف عقله وبصيرته.
قال يحيى بن معاذ: من جمع الله عليه قلبه في الدعاء لم يرده.
قلت: إذا اجتمع عليه قلبه وصدقت ضرورته وفاقته وقوي رجاؤه فلا يكاد يرد دعاؤه.
فائدة جليلة
قوله تعالى: «هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور» الآية: 15 من سورة الملك.
أخبر سبحانه أنه جعل الأرض ذلولا منقادة للوطء عليها وحفرها وشقها والبناء عليها،
ولم يجعلها مستصعبة ممتنعة على من أراد ذلك منها،
وأخبر سبحانه أنه جعلها مهاداً وفرشاً وبساطاً وقراراً و كفاتاً وأخبر أنه دحاها و طحاها،
وأخرج منها ماءها ومرعاها، وثبَّتها بالجبال ونهج فيها الفجاج والطرق،
وأجرى فيها الأنهار والعيون، وبارك فيها وقدر فيها أقواتها،
ومن بركتها أن الحيوانات كلها وأرزاقها وأقواتها تخرج منها،
و من بركتها أنك تودع فيها الحب فتخرجه لك من بطنها أحسن الأشياء وأنفعها
فتوارى منه كل قبيح وتخرج له كل مليح،
ومن بركتها أنها تستر قبائح العبد وفضلات بدنه وتواريها وتضمه وتؤويه،
وتخرج له طعامه وشرابه فهي أحمل شيء للأذى وأعوده بالنفع.
فلا كان من التراب خير منه وأبعد من الأذى وأقرب إلى الخير.
ثم أمرهم أن يأكلوا من رزقه الذي أودعه فيها فذللها لهم ووطأها
وفتق فيها السبل والطرق التي يمشون فيها وأودعها رزقهم،
فذكر تهيئة المسكن للانتفاع والتقليب فيه بالذهاب والمجيء والأكل مما أودع فيه للساكن.
ثم نبه بقوله: «وإليه النشور» على أنا في هذا المسكن غير مستوطنين ولا مقيمين،
بل دخلناه عابري سبيل، فلا يحسن أن نتخذه وطناً ومستقرًّا، وإنما دخلناه لنتزود منه إلى دار القرار،
فهو منزل عبور لا مستقر حبور، ومعبر وممر لا وطن ومستقر.
فتضمنت الآية الدلالة على ربوبيته وقدرته وحكمته ولطفه والتذكر بنعمه وإحسانه،
والتحذير من الركون إلى الدنيا واتخاذها وطناً ومستقرًّا بل نسرع فيها السير إلى داره وجنته،
فلله ما في ضمن هذه الآية من معرفته وتوحيده والتذكير بنعمه،
والحث على السير إليه، والاستعداد للقائه والقدوم عليه،
والإعلام بأنه سبحانه يطوى هذه الدار كأن لم تكن،
وأنه يحيي أهلها بعدما أماتهم وإليه النشور.
هناك المزيد بأذن الله تعالى
انتظرونـــا,..,..,
الروابط المفضلة