وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
كان الله في عونك أختي..تفضلي هذا تفصيل بأحوال الاستحاضة وأحكامها..
أحوال المستحاضة
الحالة الأولي : أن يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضه ، فهذه ترجع على مدة حيضها المعلوم السابقة فتجلس فيها ويثبت لها أحكام الحيض ، وما عداها استحاضة ، يثبت لها أحكام المستحاضة .
مثال ذلك : امرأة كان يأتيها الحيض ستة أيام من أول كل شهر ، ثم طرأت عليها الاستحاضة فصار الدم يأتيها باستمرار ، فيكون حيضها ستة أيام من أول كل شهر ، وماعداها استحاضة لحديث عائشة ـ رضي الله عنهاـ (أن فاطمة بنت حبيش قالت:يا رسول الله إني أستحاض فلا اطهر أفادع الصلاة ؟ قال : لا إن ذلك عرق ، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي ) رواه البخاري(41). وفي صحيح مسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حبيبة بنت جحش : ( أمكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي )(42)[ رواه مسلم ، كتاب الحيض ( 334).] . فعلي هذا تجلس المستحاضة التي لها حيض معلوم قدرحيضها ثم تغتسل وتصلي ولا تبالي بالدم حينئذ .
الحالة الثانية : أن لا يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة بأن تكون الاستحاضة مستمرة بها من أول ما رأت الدم من أول أمرها فهذه تعمل بالتمييز فيكون حيضها ما تميز بسواد أو غلظة أو رائحة يثبت له أحكام الحيض،وماعداه إستحاضة يثبت له أحكام الاستحاضة
مثال ذلك : امرأة رأت الدم في أول ما رأته ، واستمر عليها لكن تراه عشرة أيام اسود وباقي الشهر أحمر . تراه عشرة أيام غليظاً وباقي الشهر رقيقاً . أو تراه عشرة أيام له رائحة الحيض وباقي الشهر لا رائحة له ، فحيضها هو الأسود في المثال الأول ، والغليظ في المثال الثاني ، وذو رائحة في المثال الثالث، وما عدا ذلك فهو استحاضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت جحيش : (إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئ وصلي فإنما هو عرق ) رواه أبو داوود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم (43). وهذا الحديث وإن كان في سنده ومتنه نظر فقد عمل به آهل العلم رحمهم الله ، وهو أولي من ردها إلى عادة غالب النساء .
الحالة الثالثة : ألا يكون لها حيض معلوم ولا تمييز صالح بأن تكون الاستحاضة مستمرة من أول ما رأت الدم ودمها على صفة واحدة أو على صفات مضطربة لا يمكن أن تكون حيضاً ، فهذه تعمل بعادة غالب النساء ، فيكون حيضها ستة أيام أو سبعة من كل شهر يبتدئ من أول المدة التي رأت فيها الدم ، وما عداه استحاضة .
مثال ذلك : أن تري الدم أول ما تراه في الخامس من الشهر ويستمر عليها من غير أن يكون فيه تمييز صالح للحيض لا بلون ولا غيره فيكون حيضها من كل شهر ستة أيام أو سبعة تبتدئ من اليوم الخامس من كل شهر ، لحديث حمنة بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت
:( يا رسول الله : إني استحاض حيضة كبيرة ًَ شديدة ً فما تري فيها قد منعتني الصلاة والصيام ، فقال : أنعتُ لك ِ ، أصف لك استعمال ـ الكرسف ـوهو القطن ـ تضعينه على الفرج فإنه يذهب الدم ، قالت: هو أكثر من ذلك . وفيه قال : إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله تعالي، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعاً وعشرين أو ثلاثاً وعشرين ليلة وايامها وصومي) . الحديث رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وصححه، ونقل عن أحمد أنه صححه ، وعن البخاري أنه حسنه
(44) . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ستة أيام أو سبعة ) ليس للتخيير وإنما هو للاجتهاد فتنظر فيما هو اقرب إلى حالها ممن يشابهها خلقةً ويقاربها سناً ورحماً وفيما هو اقرب للحيض من دمها، ونحو ذلك من الاعتبارات ، فإن كان الأقرب أن يكون ستة جعلته ستة ، وإن كان الأقرب أن يكون سبعة جعلته سبعةً .
وأما أحكام الاستحاضة ، فكأحكام الطهر، ففرق بين المستحاضة وبين الطاهرات إلا فيما يلي:
الأول:وجوب الوضوء عليها كل صلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبى حبيش : ( ثم توضئي لكل صلاة ) رواه البخاري في باب غسل الدم (46) . معني ذلك إنها لا تتوضأ للصلاة المؤقتة إلا بعد دخول وقتها . أما إذا كانت الصلاة غير مؤقتة فإنها تتوضأ لها عند إرادة فعلها .
الثاني : أنها إذا أرادت الوضوء فإنها تتبع أثر الدم ، وتضعِ على الفرج خرقه على قطن ليستمسك الدم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحمنة : ( أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم ، قالت : فإنه أكثر من ذلك ، قال : فاتخذي ثوباً قالت : هو اكثر من ذلك . قال : فتلجمي). الحديث (47) ، ولا يضرها ما خرج بعد ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت حبيش : ( اجتنبي الصلاة أيام حيضك ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة ، ثم صلي، وإن قطر الدم على الحصير ) رواه أحمد وابن ماجه(48).
الثالث: الجماع : فقد اختلف العلماء على جوازه إذا لم يخف العنت بتركه ، والصواب جوازه مطلقاً لأن نساء كثيرات يبلغن العشر أو أكثر استحضن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يمنع الله ولا رسوله من جماعهن . بل في قوله تعالي : {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } [البقرة: من الآية222.].دليل على أنه لا يحب اعتزالهن فيما سواه ، ولأن الصلاة تجوز منها ، فالجماع أهون . وقياس جماعها على جماع الحائض غير صحيح ، لأنهما لا يستويان حتى عند القائلين بالتحريم ، والقياس لا يصح مع الفارق .
الروابط المفضلة