السلام عليكم ورحنة الله وبركاته
الفهرست التفصيلي
حوارية الحيض
جلس أبي على مقعده المعدّ له في غرفة الحوار هذا اليوم، وعلى شفتيه ابتسامة عريضة، جعلتني أخمن أن أمراً غير مألوف يراوده، جلس ليقول:
سأحدثك اليوم عن الحيض.
لم أكن أعرف قبل اليوم ماذا يعني الحيض، وإن كنت أذكر أني قد سمعت هذه اللفظة من قبل.. غير أن ما أثار فضولي لمعرفتها.. أني سمعتها تلفظ منهن على استحياء.. تلفظ همساً رقيقاً عاجلاً كأن في الكلمة ما يخجل. وبمجرد ما تيقنت أن الحديث عن الحيض قد بدأ؛ خجلت ورحت أداري خجلي فسألت نفسي: لماذا يوظب الخجل نفسه ليحضر معي؟ وألح عليّ هذا التساؤل... ثم تطاول فاستحكم تُرى لماذا يوظب الخجل نفسه ليحضر هنا؟
واستحوذت عليّ الفكرة وأسرتني.. لماذا الخجل.. ولمَ؟ إذا كان الحيض أمراً مخجلاً حقاً فكيف سيحدثني عنه أبي هذا اليوم؟ ثم .. لماذا يحدثني عن أمر مخجل يحسن ألا يتحدث به أحد؟!
واستذكرت.. فموضوع حوارياتنا كلها يدور حول أحكام شرعية فلا بد أن يكون الحيض موضوعاً يتناوله بالبحث الفقه الإسلامي. وإذا كان الأمر كذلك فما معنى أن نخجل من الحديث في أمر يذكره القرآن الكريم ويتناوله النبي الكريم محمد (صلى الله عليه وآله) ويتحدث عن أحكامه المعصومون (عليهم السلام) لأصحابهم، ثم بعد ذلك ما معنى أن نخجل من أمر يجب أن نحيط بأحكامه لنطبقها.
وأفقت على صوت أبي يقول:
سبب الحيض، خروج دم الحيض، وهو دم تعتاد عليه النساء وتعرفه. يخرج في فترات منتظمة كل شهر تقريباً ويوصف بأنه (أحمر) أو مائل إلى (السواد)، وحار، ويخرج بحرقة.
ـ هل أن دم الحيض حالة مرضيّة للمرأة أو أنه حالة طبيعية لها؟
ـ الحيض حالة طبيعية للمرأة، ولهذا فإن كل ما تراه المرأة من الدم وكان جامعاً للشروط الآتية فهو حيض..
ـ وما هي الشروط؟
ـ شروط الحيض..
1 - أن لا يستمر الدم أكثر من عشرة أيام.
2 - أن لا تكون الفترة بين خروج الدم وانقطاع دم الحيض السابق أقل من عشرة أيام.
3 - أن لا يقل خروج الدم عن ثلاثة أيام.
ـ وهل يشترط في الثلاثة أيام أن تكون متوالية بلا انقطاع؟
ـ لا يشترط التوالي في الأيام الثلاثة. نعم يشترط أن يكون الدم في ثلاثة أيام في ضمن عشرة أيام. فمثلاً إذا خرج الدم يوماً كاملاً ثم انقطع يومين، ثم عاد في يوم آخر، ثم انقطع يومين وعاد في يوم ثالث كاملاً، فإن الدم في الأيام الثلاثة يكون حيضاً.
ـ وهل المقصود من اليوم اليوم التام (أربع وعشرون ساعة)؟
ـ نعم، فلا يكفي وجود الدم في النهار دون الليل أو بالعكس.
ـ وإذا استمر الدم أكثر من عشرة أيام؟
ـ فإن بعضه ليس بحيض، وسيأتي بيان أحكامه.
ـ وإذا كانت فترة الطهر وانقطاع الدم بين خروج الدم الجديد والدم السابق أقلّ من عشرة أيام.
ـ فهذا يعني أن الدم الثاني ليس بحيض.
ـ متى تعد المرأة نفسها حائضاً؟
1 - إذا رأت المرأة الدم أول مرة، ولم يكن أقلّ من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام فهو حيض.
2 - إذا رأت المرأة الدم مرة أخرى بعد فترة طهر أكثر من عشرة أيام من الدم الأول، فإنها تتحيض. فإن استمر الدم ثلاثة أيام فهو حيض، وإن لم يستمر ثلاثة أيام -ولو متفرقة- فهو استحاضة. سواء جاءها الدم في وقت عادتها المحدد أم لا.
ـ وكيف تكون للمرأة عادة؟
ـ تكون للمرأة عادة إذا تكرر نزول الدم منها في نفس الموعد المحدد، فإذا اتفق الدم الثاني مع الدم الأول في الموعد والعدد فإنها تسمى ذات عادة وقتية وعددية، وأما إذا اتفق الدم الثاني مع الدم الأول في الموعد دون العدد كان لها عادة وقتية فقط، مثلاً: إذا رأت الدم الأول في أول الشهر لمدة سبعة أيام ورأت الدم الثاني في أول الشهر الثاني ولمدة سبعة أيام أيضاً، كانت ذات عادة وقتية وعددية. وإذا اختلف العدد كانت ذات عادة وقتية فقط، وحكمها أنها إذا رأت الدم في أول الشهر تتحيض إذا كان الدم مستمراً ثلاثة أيام ولو متفرقة في ضمن عشرة.
ـ وإذا اتفق الدم الثاني مع الدم الأول في العدد فقط دون الموعد؟
ـ تكون المرأة ذات عادة عددية فقط.
ـ وهل لها حكم خاص؟
ـ نعم، فإنها إذا رأت الدم بعد فترة طهر عشرة أيام أو أكثر واستمر الدم أكثر من عشرة أيام، فلها أن تتحيض بمقدار عادتها فقط ويكون الزائد استحاضة. ولها أن تضيف يوماً أو يومين أو ثلاثة إلى أن تكمل العشرة وتجعل الباقي استحاضة.
ـ والتي لم تستقر لها عادة كيف تتحيض؟
ـ إذا رأت الدم بعد عشرة أيام أو أكثر من نقائها من الحيض السابق واستمر ثلاثة أيام ولو متفرقة فإنها تعرف نفسها حائضاً.
ـ عرفت حكم المرأة التي ترى الدم وتعرفه، فإذا كانت المرأة حائضاً وانقطع الدم في الظاهر، ولكن بقيت تحتمل وجوده في الباطن؟
ـ وجب عليها الفحص، وإذا كان الشك ليلاً جاز لها تأخير الفحص إلى النهار.
ـ وكيف تفحص؟
ـ أن تدخل القطنة في موضع خروج الدم وتتركها فترة، ثم تخرجها فإن كانت بيضاء نقية فهي طاهرة، وعليها أن تغتسل وتأتي بعباداتها كالصلاة والصوم ـ مثلاً ـ. وإن كانت ملوّثة بالدم فهي ما زالت حائضاً.
ـ هل الحيض ملازم للمرأة في جميع أدوار حياتها؟
ـ لا حيض قبل بلوغها تسع سنين. كما أنه إذا بلغت المرأة خمسين سنة من عمرها وكانت غير قرشية فلا حيض لها ويعبر عنها يائس.
ـ وإذا كانت قرشية؟
ـ فإنها تتحيض بنزول الدم بالشروط المتقدمة إلى أن تبلغ ستين سنة، فإذا بلغتها فلا تتحيض وتكون يائساً.
ـ وإذا علمت المرأة أنها حائض، فماذا تفعل وماذا تترك؟
ـ يترتب على الحائض ما يأتي:
1 - لا تصح منها الصلاة.. لا الصلاة الواجبة ولا المستحبة.
2 - لا تقضي ما يفوتها من الصلاة أثناء الحيض.
3 - لا يصح منها الصوم.
4 - يجب عليها قضاء ما يفوتها أثناء الحيض من الصيام.
5 - لا يصح منها الطواف في الحج.. واجباً كان [أو مستحباً].
6 - لا يصح طلاقها وهي حائض. إلا في حالات خاصة.
7 - يحرم الاتصال الجنسي بها.
8 - يحرم عليها [جميع] ما يحرم على الجنب (راجع حوارية الجنابة).
9 - يجب عليها بعد انتهاء فترة الحيض أن تغتسل للصلاة.
وسأشرح لك كيف تغتسل في حوارية قادمة.
الفهرست التفصيلي حوارية النفاس
قال أبي: سأحدثك اليوم عن النفاس.
ـ وما النفاس؟
ـ دم تراه المرأة عند الولادة أو بعدها مع علمها بأن سببه الولادة وتسمى المرأة نفساء.
ـ وكم يستمر النفاس؟
ـ أكثر النفاس عشرة أيام، وسيأتي حكم من استمر الدم عندها أكثر من عشرة أيام.
ـ وما أقله؟
ـ لا حدّ لأقله، فقد يكون دقيقة واحدة وقد يكون أقل من ذلك.
ـ وهل تختلف النساء في النفاس؟
ـ نعم تختلف، وسأذكر لك منهن ثلاثة أقسام:
الأول: من لا يتجاوز دمها عشرة أيام.
ـ وما حكمها؟
ـ تعتبر فترة نزول الدم كلها نفاساً.
الروابط المفضلة