بالصدفة وقع في يدي دعاء وما ارتحت له
فوراً طرحته كسؤال في موقع الشيخ سلمان العودة الله يحفظه
السؤال كالتالي:
ماحكم الدعاء بقول اللهم اني أسألك حلل البهاء وكرامات الأنبياء واجعلني من سكان السماء... الخ
فهو منتشر في بعض المواقع والقنوات_جزيتم خيراًأجاب عن السؤال: الشيخ/ د. سليمان بن محمد الدبيخي (عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بحائل)
الجواب:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالذي ينبغي للمسلم أن يدعو بما ورد، وبما يؤمِّله ويرجوه من خيري الدنيا والآخرة، فالله تعالى قريب ممن دعاه وسأله، كما قال سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ (البقرة:186) والدعاء عبادة يُتقرب بها إلى الله تعالى كما قال جلَّ شأنه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ (غافر:60) وعليه فلا يجوز للمسلم أن ينحرف بهذه العبادة إلى ما يخالف شرع الله تعالى، كأن يدعو بما يخالف سنن الله الشرعية أو الكونية، كما هو ظاهر هذا الدعاء، فإن هذا يعدُّ من الاعتداء في الدعاء، والله تعالى يقول: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (الأعراف:55) .
فقوله كما في السؤال: (وكرامات الأولياء) خطأ من وجهين: الأول: أن أهل العلم يُفرقون بين المعجزة والكرامة، فالمعجزة للنبي، والكرامة للولي. والثاني: أن المعجزات عند أهل السنة علامات من الله تبارك وتعالى يُعلم بها عباده أنه أرسل إليهم هذا الرسول المؤيَّد بتلك المعجزة، وأمرهم بطاعته.
ومن لوازمها:
1- أن تكون خارقة لعادة جميع الثقلين: الإنس والجن. 2- لا يستطيع أحد أن يُعارضها، أو أن يأتي بمثلها.
وعليه فإن هذه العبارة تعتبر من الاعتداء في الدعاء الذي نهى الله عنه.
ومما ينبغي أن يُعلم: أن خوارق العادات ليست دائماً دليلاً على صلاح صاحبها، فهي كما تكون من ولي الله، قد تكون من عدو الله من الكهنة والسحرة ونحوهم.
كما أن عدم الخارق لا يضر المسلم في دينه، بل قد يكون عدمه أنفع له، فإن الخارق قد يكون مع الدين وقد يكون مع عدمه، فإن لم يقترن بالخارق الدين هلك صاحبه في الدنيا والآخرة، ولذا فالذي ينبغي للمسلم أن يحرص على الاستقامة، ولا ينشغل بطلب الكرامة، كما قال أبو علي الجوزجاني: « كن طالب الاستقامة لا طالب الكرامة، فإن نفسك متحركة في طلب الكرامة، وربك يطلب منك الاستقامة ».
علماً أن الكرامة قد تأتي تبعاً، بل إن الكرامة هي لزوم الاستقامة، كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب. وقوله: (وأن تجعلني من ساكني السماء) فإنه وإن كان يحتمل معناً صحيحاً وهو أن تكون روحه بعد وفاته في الجنة، كحال الشهيد ونحوه، إلا أنه قد يراد به معناً فاسدا، وهو ما عليه بعض الفرق الباطلة كالنصيرية مثلاً، فإن من معتقدهم في تناسخ الأرواح أن المؤمنين عندهم -وهم الذين يعبدون علياً رضي الله عنه- يتحولون سبع مرات، ثم يأخذون مكانهم بين النجوم. ولهذا فنصيحتي للسائل ولإخواني جميعاً أن يحرصوا على ما ورد في توسلاتهم وأدعيتهم، أو أن يدعوا بألفاظ لا لبس فيها ولا إيهام، ولا تحتمل معناً فاسداً، فإن كثيراً من الأدعية يُتكلف فيها السجع وجمال العبارة مع الغفلة عن مضمونها ومدى مخالفته للشرع من عدمها، والله تعالى أعلم
الروابط المفضلة